رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"حرامى الفراخ".. أتباع شوقى الشيخ يصلون بـ«الجيبة»

جريدة الدستور


فى عام ٢٠٠١ سجن معى فى أبوزعبل.. كان السجن فى هذه الأثناء بقعة من الظلام الدامس، عقب أن قامت الجماعة بذبح اثنين من الجنائيين ذبح الخراف، بحجة أنهما سبا الدين.. الذى ذبح أحدهما وقطع رأسه عن جسده أعرفه تمامًا.. الآن يتحدث عن مبادرة وقف العنف كثيرًا، وأعرف أنه كاذب، ويديه ملوثتان بالدماء.
الزنزانة كانت مظلمة تمامًا ولا يوجد بها غير شعاع من الضوء يخترقها فى النهار ويغيب فى المساء، وكان عدد من فيها أكثر من ١٥ مسجونًا.
على جانب الجدار كان صاحبنا «سيد. م» من محافظة الفيوم قرية كحك، ينام وبجواره أحد أتباعه.. من أول وهلة عرفت أنهما من جماعة الشوقيين، فكلاهما يصلى منفردًا، وكلاهما يلبس الإزار اثناء الصلاة ويخلعه بعدها، والإزار يشبه إلى حد كبير جدًا «الجيبة» التى تلبسها السيدات، ويدّعون أن لبسه أثناء الصلاة من السنة النبوية.
يأكل سيد وصاحبه معًا، ويصليان معًا، ولا يتحدثان كثيرًا مع باقى الناس، وكنت أعرف أن ذلك كله نتيجة مسألة التكفير، وإسقاط أحكام الكفر على المجتمع.
الشوقيون أتباع المهندس المقتول على أيدى أجهزة الأمن، يؤمنون بأن مصر دولة كافرة، وأن حكم الكفر ينسحب على من يسكن فيها، إلا إذا تم التبين من الشخص منفردًا أنه يكفر بالطاغوت، أى كل ما يعبد من دون الله، ومنها الحاكمية بغير الشريعة.
تمر الأيام الثكلى رويدًا وأقترب من سيد، وأتحادث معه بشأن أسباب القبض عليه.. كنت أشعر بأنه عمل مصيبة كبرى، وكان ينكر أنه فعل أى شىء سوى أنه شارك مع شوقى الشيخ فى أحداث كحك.
شوقى الشيخ كان يرى أن معظم سكان مصر من وجهة نظره كفرة مرتدون، إلا أنه كان لا يؤمن بالعزلة، وكان يرى أنه لا بد من الدعوة، والسيطرة على المساجد والإمامة فيها، وكان فى هذه الآونة ضابط أمن الدولة أحمد علاء، يرى أن أسلم وسيلة للقضاء على جماعة عمر عبدالرحمن، ترك الفرصة لشوقى الشيخ أن يفعل ما يشاء، فتركوه يسيطر على مساجد الفيوم، وحرضوه على مناظرة أفراد الجماعة، ومحاولة اغتيال عمر عبدالرحمن، وبالفعل قام بذلك لكن المحاولة باءت بالفشل.
كان أتباع شوقى ٩٩٪ منهم أميون لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، وقد التقيت بجلّ الجماعة فيما بعد بسجن الوادى الجديد، وكانوا فى هذه الأثناء كلهم يتعلمون القراءة والكتابة، ما عدا أميرهم- الحاصل على ثالثة كلية الحقوق- وكان شوقى قد منعهم من مناقشة الناس.
سيد كان أحد هؤلاء الأميين، وكان يعمل بمهنة الصيد، لكن الغريب أنه كان ينظر إلينا نحن على أننا جهلة وكفرة ولا نفهم شيئًا.
كان يقول لى إن الشيخ شوقى كان يسير فى شوارع القرية بسيارته بسرعة ويخرج رأسه من نافذتها صارخًا بأعلى صوته ابتعدوا عن الطريق يا كفار.
وفى إحدى المرات أوقع على أحد أتباعه عقوبة التعزير، بأن جعله يجرى بمحاذاة السيارة التى يقودها لأنه شوهد وسمع وهو يتناقش أو يتجادل مع أحد سكان القرية.
بعد شهور اختلف هو وصاحبه الذى معه، ولا ندرى سبب تلك المعركة التى جرت ووقعت بينهما، وحين جلست بجوار صاحبه لمحاولة رأب الصدع بينهما، وكان اسمه عمر، قال لى: «أنت لا تعرف سيد.. إن قضيته المسجون بسببها هى الاستحلال، فهو تزوج أختين فى وقت واحد، بحجة أنهما كافرتان».
ليس فقط سيد لا يعرف القراءة والكتابة وفى ذات الوقت يكفّر الجميع، بل هو يستحل المجتمع بالكامل، وكان يستحلنا ونحن مسجونون معه، فعلمنا بعد أكثر من واقعة أنه كان فى منتصف الليل يدخل إلى المطبخ ويسرق الطعام، وفى مرة سرق فرخة وابتلعها.
بعد ٣ سنوات تقريبًا تم ترحيل سيد إلى سجن الوادى الجديد، والتقينا هناك، وكان يحضر دروس محو الأمية، وبعد الحصة، جلست بجواره وسألته، ما حكمى لديك؟.. كنت أريد أن أعرف، هل هو يفرق بين المعاملة الإنسانية والأحكام الفكرية لديه أم لا؟، فقال لى أنت إنسان محترم.. فعرفت على الفور أنه لا يزال يكفرنى، لكنه لم يرد أن يقولها علنًا أمامى.
حين انتشرت سرقة الغيارات الداخلية فى المغسلة، وانتشرت سرقة الطعام والأدوية وغيرها، تذكرت صاحبنا على الفور، وبالفعل تبين أن هناك عصابة من الشوقيين هى من تقوم بتلك الأعمال وتستحل أى شىء بحجة أننا والضباط فى السجن والعساكر كلنا كفرة، وأن الاستحلال واجب لنا.