الزمن الجميل للإعلام المصرى
توفى محمود سلطان أحد أساتذة أجيال عديدة من الإعلاميين ومن بينها جيلى وآخر مرة تحدثت إليه قبل رحيله بأسبوع كان فى المستشفى إثر سقوطه على الأرض، وقال لى إنه بخير بعد أن أجرى عملية جراحية تم خلالها تركيب شريحة فى ساقه ولكن صوته جاء ضعيفا عبر الهاتف هذا الصوت الرخيم الذى تعلمنا منه الأداء والإلقاء المتزن فى الزمن الجميل للإعلام المصرى فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى.
بعد نجاحى فى مسابقة تعيين مذيعين ومحررين ومترجمين لأخبار التليفزيون عام 76 فى العام التالى من تخرجى فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، حيث لم يكن يخطر ببالى أنى سوف أعمل فى مبنى ماسبيرو العريق بل سيأتى يوم أكون فيه أحد صناع القرار ومن قادة الإعلام الرسمى أقول كان سلطان من أوائل من التقيت بهم فى هذا المبنى الضخم القابع على نيل القاهرة.
وكانت أخبار التليفزيون مجرد إدارة عامة فى التليفزيون المصرى ويرأسها أحمد سعيد أمين، حيث جاء قطاع الأخبار بعد ذلك الوقت بنحو عشرين عاما استقبلنى محمود سلطان مع عبد الوهاب عطا كبير المذيعين آنذاك فى مكتبه بالدور السادس، وكان سلطان مذيعا بصوت العرب، وفى الوقت نفسه فى أخبار التليفزيون حيث أعطانى نسخة من صحيفة الأهرام وطلب منى أن أنتقى منها عددا من الأخبار وأقوم بقراءتها بصوت عال كما لو كنت أقرأ النشرة ثم أبدى كلاهما ملاحظاتهما على قراءتى، وكان هذا اللقاء نقطة انطلاقى فى العمل الإعلامى الذى اقترب من نحو أربعين عاما لأنهما طلب منى أن أتواجد فى بلاتوه استديو 11 وهو استديو الأخبار حتى الآن أثناء إذاعة النشرة على الهواء لمتابعة كيفية الإلقاء و تعلم آليات الأداء، وسمح لى ذلك أن ألتقى وأتعلم من عمالقة مذيعى التليفزيون فى مقدمتهم: همت مصطفى وزينب الحكيم وحلمى البلك ومحمود سلطان وعبد الوهاب عطا وأحمد سمير بعد أن عاد من إعارته لتليفزيون سلطنة عمان ليتولى منصب كبير المذيعين.
وظللت على هذا الحال أكثر من عامين أراقب وأتعلم وكان معى زميلى وصديقى مصطفى عرفة حيث كلانا فقط اللذين نجحا فى اختبار المذيعين الذى تقدم له حوالى ألف متقدم واختير منهم 25 فقط، اثنان للعمل مذيعين والباقى للعمل محررين ومراسلين، وعندما التقيت مدير عام الأخبار أحمد سعيد أمين قال لى مذيع الأخبار الناجح لابد أن يتعلم تحريرها، وانتقلت أنا ومصطفى إلى العمل فى البرامج الإخبارية لأنها الأقرب لمهنة المذيع ومقدم البرامج وكانت فرصة ذهبية كى أتعلم على أيدى اثنين من عمالقة أخبار التليفزيون فى الزمن الجميل الراحل عثمان العدل وأستاذتى التى أدين لها بالفضل فيما وصلت إليه نوال سرى التى رشحتنى لبعثة تدريبية فى ألمانيا لأتعلم أصول أخبار التليفزيون لأعود بعدها وأقدم نشرات الأخبار وسعدت أن يكون ممن زاملتهم فى قراءة نشرة السادسة مساء أستاذى محمود سلطان -رحمه الله- ورحم الزمن الجميل للإعلام المصرى.