رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مولد «إبراهيم الدسوقي».. كرامات القطب الرابع «أبوالعينين»

جريدة الدستور

تحتفل الطرق الصوفية غدا الخميس، بمولد القطب الصوفي "إبراهيم الدسوقي"، بمدينة "دسوق" بمحافظة كفر الشيخ ويعد الدسوقي أحد الأقطاب الصوفية الأربعة، الذين ينظر إليهم المريدون على أنهم أصحاب الفضل والأسرار العظمى. وينحدر نسب "الدسوقى" إلى الإمام الحسين بن على بن أبى طالب، ولد فى التاسع والعشرين من شعبان عام 653 هـ على أرجح الأقوال، وقيل عام 6333 هـ وقيل عام 644 هـ، ولقب بالدسوقي نسبة إلى قرية دسوق التى عاش بها طوال حياته كما كانت له ألقاب أخرى مثل "أبو العينين" و"أبو العلمين" ، أوتي "الدسوقى" علوم الشريعة، وتفقه على مذهب الإمام الشافعى، تفوق على علماء عصره، وسطع نجمه في العلوم والمعارف، وانتشرت طريقته حتى وصل صيته إلى كل أرجاء البلاد، فلما سمع به السلطان الظاهر بيبرس البندقداري أصدر قراراً بتعيينه شيخاً للإسلام، فقبل المنصب وقام بمهمته، وكان يهب راتبه من هذه الوظيفة لفقراء المسلمين، كما قرر السلطان بناء زاوية يلتقي فيها الشيخ بمريديه يعلمهم ويفقههم أصول دينهم، وهي مكان مسجده الحالي، وظل الدسوقي يشغل منصب شيخ الإسلام حتى توفي السلطان بيبرس، ثم اعتذر عنه ليتفرغ لتلاميذه ومريديه . قال الشيخ علاء الدين أبوالعزائم رئيس الاتحاد العالمى للصوفية إن مولد "الدسوقى له طابع خاص عند الصوفية، وخاصة أن الدسوقي له العديد من الكرامات، التي حيرت العقول البشرية، والكرامة هى تكريم الله العبد بما يقربه به إليه، أو إظهار خوارق العادات على يديه ليهدى به غيره من غير قصد، وأفضل إكرام يكرم الله به أولياءه هو الاستقامة، والاستقامة خير من ألف كرامة . وأوضح "أبوالعزائم " أن الشيخ إبراهيم السوقي، مع ما أوتي من علوم الشريعة والحقيقة؛ أتاه الله تعالى الكرامة إكراما وإعظاما، ومن ذلك أن رجلا من أحبابه توجه إلى الإسكندرية لقضاء شىء من السوق ، فتشاجر أحد السوقة معه، فاشتكاه السوقي إلى قاضي المدينة، وكان هذا القاضي ظالما جبارا مبغضا للأوليـاء، فما أن عرف أن هذا الرجل من أحباب السيد إبراهيم الدسوقي، إلا وأمر بحبسه وضربه، وآذاه بالقول والفعل، فأرسل الفقير إلى السيد إبراهيم الدسوقي ليخلصه مما هو فيه، فبعث الدسوقي رسالة إلى القاضي وما إن وصلت إليه، جمع أصحابه وأخذ يستهزئ بحامل الورقة وبما فيها، وأخذ يقرأ الورقة على أصحابه، ولكنه لم يتمها حتى مات فى حاله . وقال الشيخ أحمد التجاني شيخ الطريقة التجانية لـ"أمان" إن الدسوقي كان كغيره من رجال الصوفية الذين هم في السلم مسالمون عاكفون في خلواتهم ولا يغيبون عن مولاهم في أعمالهم، ولكن إذا حل بالمسلمين ظلم وبلاء ثاروا بدون أن يخشوا في الله لومة لائم سعيا في رفع الظلم عنهم . وأوضح "التجانى" أن نظام الحكم في عصره كان يسوده الاستبداد المطلق، فكان بعض المماليك يملكون مقدرات البلاد وكان السلطان آنذاك هو خليل بن قلاوون، – بعد الظاهر بيبرس - فلم يرد الدسوقي أن يسكت، أو أن يظهر اللامبالاة ولم يخاطب حكام الأقاليم؛ بل أرسل إلى السلطان نفسه أن يكف رجال الحكم في دولته عن ظلم الناس فإنهم رعيته، فأرسل السلطان فرقة من الجند بقيادة الأمير عز الدين إلى دسوق ، وما إن وصل عز الدين إلى دسوق هو ورجاله ونصب خيمته هناك على النيل حتى أرسل في استدعاء الدسوقى للمثول بين يديه، لكن القطب الرباني رفض أن يخرج من خلوته وأرسل رسولا يقول للأمير: اجلس في خيمتك وما أن أُبلغ الأمير بهذا الأمر حتى أصيب بالشلل، فعجز عن مغادرة الخيمة . وأضاف "التجانى" أنه عندما ووصل الخبر إلى السلطان، فأرسل مددا من الجند برفقتهم سباع لقهر الدسوقي، والقضاء عليه، فما أن وصلوا إلى خيمة الدسوقي الذي خرج بنفسه لملاقاة هذا الحشد، فأرعد تلاميذ الدسوقى، لكنه لم يخف، فطمأنهم بأن هذه السباع لا يمكن أن تفترس أحدا إلا الغافل، وما إن برز الدسوقي حتى هاجت السباع وأوشكت أن تفترس الجنود الذين أتوا للانتقام . وأضاف: لما وصل الخبر إلى السلطان، أقر بكرامته وبأنه ولي من أولياء الله، فذهب إليه معتذرا، وعرض عليه مالا وعقارا فأبى الدسوقى أن ينال دنيا ولا ملكا؛ فمقصده ومراده ملك الملوك سبحانه، وعندها بشر الدسوقي السلطان بالنصر على الصليبيين ودفع تلاميذه من أهل طريقه للقضاء على الحملة التى أتت من قبل عكا وانقلب عداء السلطان إلى محب. وقال الشيخ عبدالخالق الشبراوي رئيس الإصلاح الصوفي، شيخ الطريقة الشبراوية لـ"أمان" إن مولد "الدسوقي"، يجمع مشايخ الطرق الصوفية، وأبنائهم وأتباعهم، كل عام، من أجل إحياء هذه الذكرى العطرة، التى تعود بالنفحات والبركات على جميع المسلمين، فى مشارق الأرض ومغاربها، وخاصة أن مثل هذه الموالد تقوي الجوانب الإيمانية لدى المسلمين، لأن زيارة الاولياء واجبة، حيث أن الله عزوجل يقول في كتابه العزيز " أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ". وتابع " الشبراوي" أن الاحتفال بمولد "الدسوقي"، هذا العام سيشهد، حضور عدد كبير من مشايخ الصوفية، بمصر والعالم الإسلامي. وعن طقوس الاحتفال بـ"الدسوقي" أوضح "الشبراوي"أن الطرق الصوفية ستنظم مؤتمرها السنوي، اليوم الأربعاء في رحاب مسجد "إبراهيم الدسوقي" ، بحضور مشايخ الصوفية بجمهورية مصر العربية، "مشيرا" إلى أن المؤتمر سيتحدث عن الدور الذي قام به الدسوقي في نشر الدين الإسلامي الصحيح، وجهاده ضد المغول والصليبيين.