رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فقة الأولويات


المواطن العادى شعر فى كثير من الأحيان بالحقد والحسد تجاه إخوانه نجوم الصحافة والتليفزيون مثل محمود سعد ولميس الحديدى وآل أديب وغيرهم.. يسمع الناس عن الأجور الخرافية لهؤلاء السادة الإعلاميين والإعلاميات، ولكنهم لا يعرفون الموهبة الفذة التى تميز هذا النفر من النجوم، والجهد الرهيب الذى يبذله كل منهم فى خدمة قضايا الوطن.

انظر سيادتك - مثلاً - إلى حلقة برنامج الأستاذ وائل الإبراشى التى أذيعت على قناة «دريم» يوم الثلاثاء، قبل شروع الأستاذ وائل فى تنفيذ هذه الحلقة قام باستعراض كل الأحداث المهمة وكل القضايا المحورية فى مصر والعالم العربى حتى يختار أكثرها أهمية وإلحاحاً وتأثيراً فى حياة الناس، بحث أولاً عملية تشكيل الحكومة الجديدة وشائعات انتماء رئيس الحكومة لجماعة الإخوان وخضوعه لمكتب الإرشاد فى اختيار الوزراء، ثم بحث بعد ذلك الشائعات التى تتهم الرئيس المصرى الجديد بإهمال القضايا الداخلية لحساب شئون أخرى تهم جماعته ومصالحها الخاصة، ثم درس بعد ذلك مشاكل انقطاع الكهرباء والمياه فى كثير من محافظات مصر ثم تطرق مع فريق الإعداد إلى مشاكل البلطجة وانتشار السرقة والقتل والفتن الطائفة والمخالفات المرورية وشلل كثير من قطاعات الدولة، ثم انتقل إلى الملف الاقتصادى وعجز الموازنة والمطالب الفئوية التى لا تنتهى.. ثم بدأ فى فتح ملف الصراع بين سلطات الدولة خاصة السلطة القضائية التى تناصب الرئيس والإخوان العداء العلنى وفكر أيضاً فى بحث قصة الثانوية العامة وانهيار التعليم فى مصر والمجاميع السرطانية الكاذبة التى يحصل عليها الطلاب.

كل هذه القضايا بأصولها وفروعها لم يجد فيها الأستاذ وائل الإبراشى شيئاً ينفع الناس أو يفيد المجتمع واستمر سيادته فى البحث والدراسة والتقصى إلى أن وضع يده الكريمة على أهم مشكلات الأمة فى الوقت الراهن، وهى مشكلة أيلولة منصب الخليفة بعد وفاة الرسول «صلى الله عليه وسلم» إلى أبى بكر الصديق بدلاً من على بن أبى طالب!

اكتشف الأخ الصحفى والإعلامى الكبير أن هذه القضية هى أهم ما يستحق البحث والدراسة والمناقشة فى الوقت الراهن واعتبرها قضية الساعة وقام بدعوة فريق من علماء الشيعة وفريق آخر من السلفيين والوهابيين وجلس يتفرج عليهم وهم يتشاجرون ويتصارعون ويكاد كل منهم يفتك بصاحبه!

فريق الشيعة يتفانى فى تقديم الأدلة القاطعة على أحقية على بن أبى طالب فى تولى منصب الخليفة بدلاً من أبى بكر الصديق، وفريق الوهابيين يصر على أن أبا بكر هو الخليفة الشرعى وأنه لم يغتصب المنصب كما يزعم الشيعة والخوارج.

هذه الحلقة الرائعة انتهت للأسف دون التوصل إلى نتيجة قاطعة ولم يتمكن الأخ الإبراشى من تثبيت أبى بكر فى منصبه، ولم يتمكن أيضاً من إقالته وتعيين على بن أبى طالب مكانه، ومازلنا فى انتظار الحلقة القادمة حتى نعرف اسم الخليفة الشرعى، وننصرف بعد ذلك لإصلاح الكهرباء والمياه والميزانية والتعليم والدستور والبرلمان والصناعة والزراعة والمرور والأمن والإعلان والنفوس والضمائر والعقول!! مدد يا سيدى الإبراشى