رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسرار... بداية ونهاية حكومة


فى الأيام الأخيرة للحكومة وصلت إلى حالة مأساوية فقد كانت تصريحات رئيس الوزراء تمزق صفوف الشعب وتحرض المواطنين فقد حول (الببلاوى) الوطن إلى حقل تجارب لأفكاره منتهية الصلاحية عندما أخذ يتحدث عن اقتصاد السوق والاستثمار والوطن محاط بأعدائه من الخارج وفى الداخل!

منذ اللحظة الأولى لتشكيل حكومة (الببلاوى) لم نكن نملك حق الاعتراض؛ فقد كانت اللحظات حاسمة. تم استبعاد جميع المرشحين للحقائب الوزارية من الذين ينتمون إلى المدارس الوطنية، وكنا نستعجب من هذا الاستبعاد خاصة كان بينهم عناصر تمثل القمم الاقتصادية والسياسية.. قام (البرادعى) وهو نائب رئيس الجمهورية باستدعاء عدد كبير من وزارة (الببلاوى) وكان يعنى أن سقوط نظام الإخوان لا يعنى سقوط المخطط الغربى الأوروبى ــ الأمريكى!!

كانت هذه الحكومة الوحيدة التى جاءت تعمل دون أى رقابة شعبية.. لعدم وجود برلمان يحاسبها، مما جعل الوزراء أحراراً فى ممارساتهم وقراراتهم وهم يعلمون لا توجد أى محاسبة نحوهم، وقد استغلوا الأوضاع السياسية فى البلاد وفعلوا ما يأتى لهم من توجيهات (البرادعى)! استمر الاعتصام المسلح فى رابعة، وأيضا فى النهضة 48 يوماً وسمح للمعتصمين بحياة من الرفاهية واستئجار الفقراء والبلطجية وتدفقت الأموال الهائلة كى تجعل من الاعتصامات وسيلة لإسقاط دولة الشعب.

ومع ارتفاع الغضب الشديد من كل الفئات نحو استمرار هذه الاعتصامات تم إجبار الحكومة تحت ضغط الجماهير بتصفية هذه الاعتصامات ومع الدقيقة الأولى فر (البرادعى) هارباً إلى فيينا. وحدث ما حدث؛ وعمل وزراء (البرادعى) بقوة لتنفيذ إرادة الهارب، فقد وقف وزير التعليم العالى مساندا لجماعة الإخوان فى الجامعات المصرية ودافع بقوة عن طلاب وقيادات الجماعة وهى تحرق كل الجامعات وتعتدى على الجماهير فى كل مكان وتحرق المعامل والمدرجات وتمزق أوراق الامتحانات والوزير يقف صارخا ـ لن تدخل قوات الأمن إلا على جثتى ـ !! وجاء دور وزير التضامن وهو نائب رئيس حزب (البرادعى) ليحرض الملايين الفقيرة من أصحاب المعاشات ويمنع عنهم أى حقوق مادية، وبل ويستفزهم بأن يقول لحقوقهم الدستورية ـ إنه مستحيل!!

ورفع درجة الاحتقان فى ربوع الوطن كله، بل وصل به الأمر أن عين ثلاثة من أعضاء حزبه مساعدين له، سيطروا تماماً على مفاصل الوزارة وهى أكبر وزارة تتعامل مع الجماهير. والغريب وبعد أن سالت الدماء فى الميادين وانفجرت السيارات المفخخة والقنابل الزمنية فقد ارتفع صوت الشعب يطالب بضرب الإرهاب وتصفية جماعته وبعد عناد استمر طويلا أجبر رئيس الوزراء على إصدار قانون يعتبر جماعة الإخوان إرهابية، وفى اليوم التالى أعلن وبنفسه أنه قرار سياسى وليس قانوناً جنائياً !!

وقد تقدم محامى حزب «التجمع» بقضايا أمام المحاكم باعتبار جماعة الإخوان إرهابية ومصادرة ممتلكات الموت لديها، وحتى الآن لم تستطع الحكومة تنفيذ منطوق الحكم. وكانت جميع القرارات تأتى بعد فوات الأوان مما جعلها تفقد مضمونها تماماً. وجاءت المادة (27) من الدستور والتى تتحدث عن حد أدنى للأجور والمعاشات.. وحولت الحكومة المادة الدستورية إلى مادة (مفخخة) وفجرتها أمام كل فئات الشعب!! فقد حددت المستفيدين أنهم العاملون فى الجهاز الإدارى للحكومة فقط، وتركت العاملين فى القطاع العام وقطاع الأعمال والقطاع الخاص والاستثمارى حتى الهيئات والمؤسسات الحكومية.

وفجرت كل الفئات بما فى ذلك عمال غزل المحلة والنقل العام والأطباء وجميع الفئات الأخرى.. وهى كانت تعلم ذلك مقدماً، والدستور يتحدث عن المواطن المصرى ولم يفرق بين مواطن وآخر، ولكن الحكومة كانت تفكر بطريقة تفجير الفئات داخل مجتمع وليس إرضاءها بالعدالة الاجتماعية! وفى الأيام الأخيرة للحكومة وصلت إلى حالة مأساوية فقد كانت تصريحات رئيس الوزراء تمزق صفوف الشعب وتحرض المواطنين فقد حول (الببلاوى) الوطن إلى حقل تجارب لأفكاره منتهية الصلاحية عندما أخذ يتحدث عن اقتصاد السوق والاستثمار والوطن محاط بأعدائه من الخارج وفى الداخل!

وآخر تصريحاته وفى ساعاته الأخيرة إن أصحاب المعاشات عبء عليه وأموال التأمينات مملوكة للدولة وفى الساعة الأخيرة كانت الجمعية العمومية الطارئة لاتحاد المعاشات وبحضور ألف عضو من جميع المحافظات يعلنون المواجهة مع الحكومة.. وفى هذه اللحظة كان هناك 12 إضراباً من جميع الفئات يشل حركة المجتمع!! وهنا أعلنت الحكومة استقالتها.. ولكن كان الشعب قد أقالها وأسقطها ولم تكن الاستقالة سوى التصريح الأخير لها! وبقى أمامنا تركة هائلة من الفساد والإرهاب، فمازال الكثير من قيادات الإرهاب يشغلون رؤساء فى الجامعات يمارسون الإرهاب والحرق.

وأصبح الفساد أكثر قوة مما كان حتى فى ظل نظام مبارك، لقد منحه (الببلاوى) براءة ذمة واعتبره بريئاً حتى تثبت إدانته !! إننا الآن نسير بقوة نحو مستقبل أفضل حتى يأتى لنا رئيس.. وحتى ذلك الحين على الحكومة أن تتخذ إجراءات بقوة الثورة والدستور حيث تكتسب شرعيتها.. ولا يجوز لها أن ترث سياسة الموت (الببلاوى) حتى لا نسمع عنها إنها مرتعشة ومشلولة بل نريدها قوية وتعلن المصالحة والمصارحة مع كل فئات الشعب وتعتذر عن أساليب القمع التى مارسته الحكومة المقالة!!

■ رئيس اتحاد أصحاب المعاشات