رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المهام الأساسية لرئيس مصر القادم «5»


تحدثنا فى المقالات السابقة عن ثورتى 25 يناير و30 يونيو وتضحيات الشباب من أجل الخلاص من حكم المخلوع حسنى مبارك، والإخوانى محمد مرسى، وعرضنا لكيف كانت مصر فى عهد مبارك مرعى للسماسرة ونواب القروض، والرأسمالية غير الوطنية، وفى ذلك الوقت تم تجريف كل شىء الأموال والأراضى والتعليم والصحة والأخلاق وكرامة الوطن... إلخ

ونهب مبارك ومن حوله مصر وجعلها عزبة آملاً أن يورثها لأحد أبنائه، وقد مثل حكم الإخوان هو الآخر سنة سوداء فى تاريخ مصر كادت تسقط بهذا البلد إلى هاوية سحيقة لا مخرج منها، لولا وقفة الشعب والجيش والشرطة يدا واحدة فى مواجهة حكم الإخوان فى 30 يونيو.وقد حاولت فى المقالات السابقة الإجابة عن السؤال الأهم وهو: إذا كانت مصر مقدمة على انتخاب رئيس جمهورية، فما المهام الأساسية التى نطالبه بها؟، وقد حددنا هذه المهام وعرضنا لبعضها، ونستكمل هنا عرضاً لبقية تلك المهام: وكنا قد تحدثنا عن قضية التعليم ونستكمل هنا نفس القضية، حيث تشكل المدارس الخاصة طامة كبرى حطت على مصر وأهلها، ففى فترة مبارك البائدة حدث تراجع فى الاهتمام بالتعليم وفى بناء المدارس.وبالنسبة للتعليم الجامعى، ينبغى العمل على التوسع فيه ليسمح بالتحاق أعداد أكبر من الشباب فى جميع الكليات الجامعية مع التركيز على التخصصات التى تلبى احتياجات المجتمع ومتطلبات سوق العمل، لحشد جميع القوى البشرية المؤهلة من أجل تطوير مصر وتعميرها مع ربط مناهج التعليم بمتطلبات الدولة الديمقراطية وينبغى تقليل أعداد الطلاب الذين يلتحقون بالكليات النظرية كالتجارة والحقوق والآداب، حيث إن أعداد الخرجين منها تزيد على حاجة سوق العمل، ويجب أن تتوجه الغالبية العظمى من الطلاب إلى المعاهد الفنية الصناعية التى نحن فى حاجة إلى خريجيها فى المجالات الصناعية، خاصة إذا ما توفرت لديهم الكفاءة العالية التى تحتاج إليها الأعمال الصناعية والتكنولوجية الحديثة.ولابد لنا أيضاً أن نرفع مستوى كفاءة الكليات والجامعات والمعاهد الحالية بصفة عامة عن طريق توفير الأدوات والوسائل الحدثية للتعليم والعمل على تقليل الكثافة الطلابية عن طريق إنشاء المزيد من الجامعات وتوفير المكتبات المزودة بأحد الكتب والدوريات العلمية، وإعداد المعامل والورش والأجهزة اللازمة لإجراء وتحقيق الأبحاث المطلوبة.ويقتضى أمر تطوير الجامعات المصرية إدخال مناهج جديدة ذات برامج حديثة، فبعض البرامج الموجودة مر عليها أكثر من نصف قرن دون تغيير، وهذا يتطلب رفع كفاءة أعضاء هيئات التدريس فى الجامعات، وعدم إجازة المؤهلات العلمية العليا كالماجستير والدكتوراه إلا لمن يستحق، والتخلص من الوساطة والقرابة، فكثير من أبناء أساتذة الجامعات ورثوا آباءهم خاصة فى مجال الطب، وتلك بحق مصيبة المصائب فأى مجتمع أو دولة لا يمكنها إحراز تقدم إلا بالتعليم الحقيقى، الذى لا يتصدى للتدريس فيه سوى النوابغ والمتفوقين والمبدعين الذين غالباً ما يأتون من الطبقات المحتاجة، ومن الملفت للنظر أن الجامعات الخاصة لا تقل مشاكل عن الجامعات الحكومية، وقد أضرت بالجامعات الحكومية نفسها حين سحبت منها بعض هيئات التدريس المتميزة، ومع ذلك فإن التعليم الخاص فى كثير من الأحيان دون المستوى خاصة بالنسبة لدراسة الطب، وتلك الجامعات الخاصة بمجرد مشروعات تهدف للربح وليس للعلم والتعليم.

وبخصوص التعليم الجامعى الأزهرى ينبغى تخفيف المناهج فيه حتى يمكن للطالب أن يستوعبها، مع زيادة العلوم العقلية، وتقليل موضوعات النقل التى تحفظ ولا تفهم، وربط الأزهر بالتطور العلمى، وجعل الطلاب يعتمدون على البحث والتقصى بدلاً من حفظ الكتب الصفراء التى أصبح كثيراً منها لا يناسب العصر ومتطلباته.

■ أستاذ التاريخ ـ جامعة المنصورة