رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سبيشيال تو.. كيف يستخدم كيروش «سلاح مورينيو» لترويض «أسود التيرانجا»؟

كيروش
كيروش

«سنرد عليهم فى مارس.. انهضوا سريعًا فالشعب ينتظر منكم الرد».. أشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، فى حديثه مع اللاعبين بعد خسارة نهائى أمم إفريقيا.

«بدأنا التحضير لموقعة السنغال فى اليوم التالى لخسارة أمم إفريقيا».. عمرو السولية، قائد وسط «الفراعنة»، ردًا على مدى جاهزية المنتخب لمواجهة السنغال.

«افتحوا النوافذ، وارفعوا الأعلام المصرية فى كل مكان، نحن بانتظاركم».. كارلوس كيروش فى رسالة للجماهير المصرية قبل انطلاق معسكر المباراة.

حينما استرجعت تلك الرسائل التى تعبّر عن حالة تأهب وجاهزية استثنائية من جميع الأطراف، دولة وجهاز فنى ولاعبين، تذكرت واحدة من أجمل أساطير وحكايات كرة القدم فى العصر الحديث، خاصة ببطل برتغالى أيضًا، فتضاعف معها تفاؤلى بالعبور إلى المونديال.

بطل هذه الحكاية كان جوزيه مورينيو، الذى قدم معجزة ما زالت محل إعجاب العالم، فى مطلع هذه الألفية، عندما توج بدورى أبطال أوروبا مع فريق بورتو البرتغالى، ووقتها كان فريقًا صغيرًا جدًا إلى جوار العمالقة فى إنجلترا وإسبانيا.

يقول «سبيشيال وان» كما يلقبه العالم: «قلت فى المؤتمر الصحفى قبل قرعة الأبطال، أتمنى مواجهة مانشستر يونايتد الذى كان مرعبًا لكل أوروبا مع السير أليكس فيرجسون، وأنا أدعو من أعماق قلبى ألا يحدث ذلك».

ويضيف: «جاءت القرعة فعلًا لنا بالفريق المرعب، دخلت غرفة اللاعبين، وجدتهم متكاتفين ويصرخون بحماس غير عادى: سنفوز على اليونايتد.. سنعبر».

قصد «مورينيو» من تمنى مواجهة «شياطين فيرجسون» تهيئة لاعبيه للأصعب، وكان لكلماته هذه أثر أكبر مما توقع، ففوجئ بأن لاعبيه باتوا أكثر إيمانًا منه بـ«المعجزة» التى تحققت بعبور «اليونايتد» من قلب «مسرح الأحلام»، وبعدها التتويج بـ«الأبطال».

قبل انطلاق هذه النسخة من دورى أبطال أوروبا، لم يؤمن شخص واحد بأن هذا الرجل وهؤلاء اللاعبين سيكونون الأبطال، لكن الإيمان وحده كان أهم الأسلحة التى صنعت الإعجاز.

حينما تتحدث عن الفوارق بين قائمة السنغال التى تزخر بنجوم يلعبون فى أكبر وأعرق أندية العالم، وقائمة منتخب مصر، من المؤكد أنك ستجد فوارق كبيرة دفعتنا لنكون رد فعل طوال ١٢٠ دقيقة فى نهائى أمم إفريقيا.

لكن ما أدركه «كيروش» ونقله للاعبيه، وتلمسه فى تصريحات الجميع، يؤكد لنا أن مواجهات مثل هذه وأحداثًا أشبه بمباراة الليلة لا تحسمها الأسماء ولا الفنيات وحدها، بل تلعب العوامل المعنوية والتأهيل الذهنى أدوارًا أكثر أهمية فى حسم المتأهل.

وحالة التفاؤل الشديد والثقة الكبيرة فى قدرتنا على العبور، وما نراه ونسمعه من اللاعبين، يجعلنا أمام تجربة جديدة ربما تحفر اسم بطل برتغالى آخر فى صفحات التاريخ، وتكشف إلى أى مدى يبرع هؤلاء خارج الخطوط فى تهيئة الأجواء لصناعة الحدث، خاصة أن المصريين دائمًا كانوا مثالًا فى القتال والاستبسال وإبهار العقول بما لا تستوعبه.

قصدت الاستفاضة بشكل كبير فى سرد هذه الحكاية، والمقارنة بينها وبين التصريحات الرسمية من طرفنا، لأننى أؤمن تمامًا بأن الخطط ستتساوى، والتحفظ سيكون واحدًا، والتوازن هو سلاح الجميع، بينما سينتصر الفريق الأكثر إصرارًا على ذلك.

حينما نتحدث عن الفنيات، بدا واضحًا من التدريبات الأخيرة أن «كيروش» لن يعتمد كليًا على نفس الفلسفة التى راهن عليها، وهى التحفظ الدفاعى البحت، وكذلك لن يقامر باندفاع هجومى.

ربما يؤمن المدرب البرتغالى بأن التحول إلى «٤- ٤- ٢» سيضمن اتزانًا أكبر، لأنه بذلك يحافظ على قوته فى الأطراف دفاعيًا وهجوميًا، ويمنح محمد صلاح الحرية فى الحركة كمهاجم ثانٍ بجوار مصطفى محمد، للعب فى أنصاف المساحات وبين خطى دفاع ووسط السنغال، كما أنه يضمن بهذا الشكل قوة دفاعية بخطين «٤ فوق ٤» مع ممارسة الضغط بمهاجمين.

لكن الأثر السلبى أو الخطر الذى قد يهددنا فى هذا الشكل، هو زيادة عدد لاعبى السنغال فى الوسط، فوقتها سيكونون ٣ أمام ٢ فى صراع الدائرة.

علاج هذه الحالة سيكون التزام مصطفى محمد بالعودة إلى الوسط، ومشاركة محمد صلاح فى غلق زوايا التمرير للارتكاز ميندى وإدريسا جاى إذا عاد للتسلم فى مناطق متأخرة.

ويضمن هذا أمانًا كبيرًا وقدرة فى تحجيم الأطراف، بوجود لاعبين فى كل جهة بشكل صريح، أحمد سيد «زيزو» أو عمر جابر أمام عمر كمال عبدالواحد، و«تريزيجيه» أو مرموش أمام أحمد فتوح.

وهجوميًا سنستفيد من كثافة عددية بتقدم الجناحين «زيزو» والظهير المقابل أحمد فتوح، على أن يتحول «مرموش» للعمق، فيصبح لدينا ٥ مهاجمين، وهذا لم يحدث فى المباراة النهائية إلا فى دقائق معدودة، صنعنا فيها أخطر الفرص، التى ربما تتكرر عبر العرضيات، لذلك سيكون مصطفى محمد أحد أهم رهانات الليلة.

إذا كان لدىّ تخوف وحيد وفكرة مفاجئة ربما يلجأ إليها أليو سيسيه، المدير الفنى لمنتخب السنغال، فى مباراة الليلة، فهى تحول ساديو مانى للمهاجم الوهمى، مثلما استخدمه يورجن كلوب فى آخر شهرين، مع الدفع بجناح صريح يكون أكثر التزامًا بالأدوار الدفاعية من نجم ليفربول.

هنا يستهدف «سيسيه» بهذه الفكرة زيادة لاعبى الوسط للتحكم كليًا فى «الرتم»، وكذلك مفاجأة «كيروش» بالتحول إلى العمق بدلًا من اللعب على الأطراف، لكن مدربًا حكيمًا وواعيًا مثل البرتغالى لا بد أنه احتاط لذلك، فنتمنى له التوفيق، قبل أن يعود للحسم فى داكار.