رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسروقات مصرية.. فى قضية ألمانية فرنسية

ألمانى لبنانى، يملك معرضًا للتحف فى مدينة هامبورج الألمانية، قرر القضاء الفرنسى، منتصف الشهر الجارى، حبسه احتياطيًا، على ذمة اتهامه بالاتجار فى آثار منهوبة من دول فى الشرقين الأوسط والأدنى، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية، أمس الأربعاء، عن مصدر قضائى، أن الرجل، متهم أيضًا بـ«الاحتيال وتشكيل عصابة إجرامية وغسل الأموال»، وتم تسليمه إلى فرنسا بموجب مذكرة توقيف أوروبية.

خبر تسليم السلطات الألمانية المتهم، نشرته جريدة «لو كنار آنشينيه» الفرنسية، أمس الأول الثلاثاء، موضحة أن الهيئة المركزية لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية، التى تولت التحقيق فى القضية، ركّزت على خمس قطع أثرية «تبلغ قيمتها عشرات الملايين من اليوروهات»، خرجت من مصر بشكل غير شرعى.

اللافت أن الاتهامات نفسها سبق توجيهها، فى ٢٦ يونيو ٢٠٢٠ إلى كريستو كونيكى، الخبير الفرنسى فى آثار المتوسط وشريكه ريشار سمبير، بعد انتهاء فترة حبسهما على ذمة التحقيق وإخلاء سبيلهما مع وضعهما تحت المراقبة القضائية. وقيل وقتها، إن المتهمين من «الشخصيات المحترمة» فى أوساط الآثار بالعاصمة الفرنسية، وتعاملا فى قطع أثرية منهوبة من دول شهدت حالة عدم استقرار، منذ ٢٠١١ وتحديدًا مصر وليبيا وسوريا، بمساعدة ثلاثة مشتبه فيهم آخرين، لم توجه إليهم السلطات الفرنسية أى اتهامات!

«كونيكى» خبير فى آثار منطقة المتوسط وعضو فى «جمعية المصريات الفرنسية»، وكان قد تورط هو وشريكه فى قضية «ناووس»، أو تابوت مذهّب للكاهن «نجم عنخ»، يبلغ طوله ١.٨ متر، ومصنوع بين عامى ١٥٠ و٥٠ قبل الميلاد، كان مسروقًا من مصر سنة ٢٠١١، واشتراه متحف «متروبوليتان» فى ٢٠١٧ بأربعة ملايين دولار، وأثبتت التحقيقات التى استثمرت عامين تقريبًا، أنه مسروق، فاعتذر المتحف العريق للسلطات المصرية وأعاد التمثال إلى مصر سنة ٢٠١٩، وأحدثت تلك القضية ارتباكًا كبيرًا فى سوق الأعمال الفنية والتحف فى باريس، التى تُعد أحد أهم المراكز الدولية فى هذا المجال.

إلى فرنسا أيضًا، ذهب المستشار حمادة الصاوى، النائب العام، فى يونيو الماضى، يرافقه وفد رفيع المستوى من النيابة العامة، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ومدير الإدارة العامة للآثار المستردة؛ لاسترداد ١١٤ قطعة أثرية كانت منهوبة، بعد تحقيقات أجرتها النيابة العامة المصرية، بالتعاون مع السلطات القضائية الفرنسية، بدأت فى ٢٠١٩، وقادت إلى إلقاء القبض على فرنسى واثنين من المصريين، وانتهت بأن قرر القضاء الفرنسى وقف التعامل بتلك القطع، سواء بالبيع أو بأى صورة أخرى، وردّها إلى الدولة المصرية.

الأهم من ذلك، هو أن الشرطة الجنائية الدولية، الإنتربول، التى يقع مقرها فى مدينة ليون الفرنسية، كانت قد أعلنت، فى مايو ٢٠٢٠، عن إلقاء القبض على حوالى ١٠٠ شخص، والعثور على ١٩ ألف قطعة أثرية خلال عملية دولية واسعة لمكافحة تهريب الأعمال الفنية والآثار فى عشرات الدول. وكان من بين المضبوطات عملات نقدية قديمة وقطع أثرية وخزفيات وأسلحة قديمة متأتية من عمليات نهب فى بلدان تعانى الحرب، بحسب البيان، الذى أشار أيضًا إلى أن عمليات الضبط قادت إلى فتح ثلاثمائة تحقيق، هى ثمرة عمليتين متزامنتين، بالتنسيق بين الإنتربول والمنظمة العالمية للجمارك واليوروبول، أو الشرطة الجنائية الأوروبية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن اتفاقية «اليونسكو» لحماية الآثار، الموقعة سنة ١٩٧٠ تسمح لمصر، وغيرها، باسترداد أى آثار خرجت من البلاد بشكل غير قانونى، فقط بشكل غير قانونى. وعليه، ولأنه كان مسموحًا قبل صدور قانون حماية الآثار: القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣، ببيع وإهداء الآثار، ولأنه كان متاحًا للمستكشف الأجنبى أن يقتسم نتائج الحفائر مع السلطات المصرية، ولأن آلاف القطع الأثرية خرجت من مصر، بطرق أخرى مختلفة، للعرض فى متاحف العالم، أو للطرح فى المزادات، لم يعد أمامنا غير مطالبة من آلت إليه تلك القطع، بالحفاظ عليها، وأن نحاول إلزام المتاحف التى تعرضها، والمزادات التى تبيعها، بتأمينها وحمايتها!