رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العالم سعيد.. سعيد جدًا!

العالم سعيد، أو من المفترض أنه كان سعيدًا وهو يحتفل، أمس الأحد، بـ«اليوم العالمى للسعادة». ومن المفترض، أيضًا، أن تكون احتفالات هذا العام قد ركزت على فكرة «إعادة البناء بشكل أكثر سعادة»، فى إطار الجهود المفترضة الرامية إلى تجاوز مرحلة وباء كورونا المستجد. إنه «يوم ينبغى أن تشعر فيه بالسعادة والسرور»، كما يقول الموقع الرسمى للأمم المتحدة!.

بموجب قرارها الصادر فى ١٢ يوليو ٢٠١٢، حدّدت الجمعية العامة للمنظمة الدولية، يوم ٢٠ مارس، ليكون يومًا عالميًا للسعادة، اعترافًا بأهميتها وبتطلع كل البشر إليها، وإقرارًا بحاجة المجتمع الدولى إلى نهج أكثر شمولًا للنمو الاقتصادى، يعزز التنمية المستدامة، ويقضى على الفقر، وينشر السعادة والرفاهية بين كل البشر. وجرى فى السنة التالية، سنة ٢٠١٣، الاحتفال بهذا اليوم لأول مرة، فى مؤتمر استضافته مدينة نيويورك، كان المتحدثان الرئيسيان فيه الابنة الوحيدة للرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، الأستاذة تشيلسى، والحفيد الـ١١ للزعيم الجنوب إفريقى نيلسون مانديلا، الأستاذ ندابا، الذى اتهم عمته ماكازوى، فى فبراير الماضى، بسرقة كل مقتنيات منزل جده، الذى توفى سنة ٢٠١٣ عن عمر ناهز ٩٥ سنة!. 

الفكرة، أو المبادرة، التى قادت إلى إصدار القرار الأممى، جاءت من مملكة بوتان، المعروفة باسم أرض التنين، وهى دولة غير ساحلية فى جنوب آسيا، على الطرف الشرقى من جبال الهيمالايا، تحدها الهند من الجنوب والشرق والغرب، وإلى شمالها تقع الصين، وليس لديها أى علاقات رسمية مع الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا. ولم يكن متاحًا لمواطنيها مشاهدة التليفزيون، بموجب حظر ملكى، لم يتم رفعه إلا سنة ١٩٩٩. وفى كلمة، ألقاها الملك السابق جيجمى سينجى وانجشاك، بهذه المناسبة السعيدة، قال إن التليفزيون خطوة مهمة فى تحديث بوتان وإسعاد شعبها، لكنه حذر من أن سوء استخدامه سيؤدى إلى تآكل القيم البوتانية. 

المهم، هو أن الأمم المتحدة تشجع الدول الأعضاء على الاحتفال بهذا اليوم، وتصدر منذ سنة ٢٠١٢، تقريرًا سنويًا لقياس مؤشرات السعادة فى دول العالم، يعتمد على ٦ معايير: نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى، متوسط عمر الفرد، حرية اتخاذ القرارات، جودة الخدمات الصحية والتعليمية، انعدام الفساد وانتشار العدل. وللعام الخامس على التوالى، تصدرت فنلندا قائمة الدول الأكثر سعادة، كما احتفظت الدنمارك بالمرتبة الثانية، بينما تقدمت آيسلندا من المركز الرابع إلى المركز الثالث، وصارت سويسرا هى الرابعة، تليها هولندا ولوكسمبورج، ثم السويد والنرويج وإسرائيل ونيوزيلندا. 

لعلك لاحظت أن مملكة بوتان، صاحبة مبادرة الاحتفال، أو بلد المنشأ، ليست بين الدول العشر، كما لن تجدها أيضًا فى العشر التالية. مع أن لديها وزارة للسعادة الوطنية، منذ سنة ١٩٧١، وهى الفكرة التى استلهمها الرئيس الفنزويلى، نيكولاس مادورو، ثم الرئيس الإكوادورى، رافائيل كوريا، ورئيس الوزراء الهندى، ناريندرا مودى، ورئيس الوزراء الإماراتى، نائب رئيس الدولة، حاكم دبى، محمد بن راشد آل مكتوم.

من السابق لأوانه تحديد كيف ستؤثر الأزمة الأوكرانية على مستويات السعادة فى العالم، بحسب مايك ويكينج، الرئيس التنفيذى لـ«معهد أبحاث السعادة»، الذى يقع فى فنلندا، ويصف نفسه بأنه مؤسسة بحثية مستقلة تهدف إلى سد فجوات الرفاهية وعدم المساواة فى مجتمعاتنا. فى حين أنك تستطيع بسهولة استنتاج أن تلك المستويات لن تتأثر، وأن أوكرانيا قد تحصل العام المقبل على ترتيب متقدم فى التقرير الأممى، استنادًا إلى ترتيب مصر، هذا العام، الذى جاء بعد فلسطين المحتلة، التى يتعرض شعبها للقتل اليومى وأبشع أنواع الممارسات، منذ ٧٤ سنة، وليبيا الممزقة، منذ أن دمرها حلف شمال الأطلسى، فى ٢٠١١، والعراق، الذى ستحل العام المقبل الذكرى العشرون لقيام الولايات المتحدة بتدميره، وما زال يحاول التقاط أنفاسه!. 

.. وتبقى الإشارة إلى أن عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين، وضع نظرية أو تصورات لكيفية الحياة بسعادة، فى ورقتين بخط يده، أعطاهما لساعى بريد فى العاصمة اليابانية طوكيو، سنة ١٩٢٢، بدلا من البقشيش، وحين عرضتهما دار مزادات بمدينة القدس المحتلة، سنة ٢٠١٧، تم بيعهما بأكثر من ١.٥ مليون دولار!.