رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اغتراب المشاعر والعودة للحياة

يختلف الناس فيما يخص أسلوب التفاعل مع المجتمع والتواصل معه، فالبعض يحتمل المزيد من الضغوط لتستمر الحياة، لكن قد يشعرون فجأة بالعزلة، فتسيطر عليهم فكرة أنهم غير مقبولين أو محبوبين من الآخرين.

وغالبًا ما نمر نحن بتلك المشاعر والأحاسيس السلبية نتاج تجارب لم تكن مناسبة لنا أو أنها فرضت علينا واجبات للغير لم نكن جاهزين لها، فتبدأ حياتنا تأخذ اتجاهًا يميل للشك فى عاطفة ونوايا أقرب الناس لنا، فتكون مواقفنا تتسم بعدم الاهتمام واللامبالاة إزاء كلمات ومواقف الناس، فيحكمون علينا بأننا لسنا أصدقاء لهم ولسنا مناسبين ومؤهلين لاستمرار العلاقة بيننا، فيحدث طلاق بين المتزوجين أو تقديم استقالة من عمل دون وجود خطة بديلة للالتحاق بعمل آخر، أو رفض الدعم من الناس فى مواقف نحتاج إلى دعمهم فيها، فيعيش الإنسان فى وحدة رغم وجوده وسط الناس، ولذلك على المجتمع أن يبدأ بجذب المنعزل عنه ليعود من اغترابه بمشاعره وأحاسيسه ليندمج مرة أخرى فى الحياة.

يجدد الزوج مشاعره مع زوجته بمجاملة أو هدية أو إجازة يقضيانها معًا، يمتنعان فيها عن التحدث عن المشكلات السابقة ويحاولان إظهار أفضل ما فيهما.

وعلى الزملاء المغتربين فى العمل أن يتحدثوا لمديرهم لدمجهم فى فرق عمل مع إسناد العديد من المهام لهم، حتى ولو كان حماسهم لا يزال منخفضًا للعودة للمجموعة، ومنها البدء فى العمل بإيجابية. وعلينا أن نبذل جهدًا مضاعفًا لدمج هؤلاء المغتربين معنا من جديد، فنحاول ألا نلفت النظر لأخطائهم بل للشىء الصحيح الذى يفعلونه، حتى لو تشككوا فى أساليبنا فى التقييم، يظل الوقت عاملًا مهمًا ليتخلصوا من خلاله من إحساس الاغتراب.

ولا بد من أن يحاول الصديق دومًا مناقشة صديقه المغترب الذى خرج من مشكلة عاطفية أو مشكلة فى العمل، لأن الحياة دومًا لها وجهان، واحد مشرق والآخر مظلم، وعلينا التعامل معهما لأنها سنة الحياة، فقد نفقد عزيزًا علينا بالفراق بسبب المرض أو الوفاة، ولكننا نظل على إيماننا بقضاء الله وقدره. 

إننا فى الحياة نحاول دومًا أن نقبل الأحداث التى تجرى لنا وللآخرين من حولنا، وقد نحاول أن نغير بعضًا من سلبياتها أو نعود بمركبنا لبر الأمان بعد أن كادت العواصف أن تدمرها، فالذكاء العاطفى لدى الإنسان كفيل بأن يجعلنا نتعامل بنجاح مع النقيضين فى حياتنا، ما بين وضع نرتاح له وما بين ضرورة تجعلنا نستمر للنهاية، فليس كل ما لا يريحنا نتركه، وليس كل ما نحبه يبقى موجودًا، فمن قواعد الحياه المهمة أن كل شىء لا بد أن يمضى وينتهى ليحل محله أمل جديد أو مرحلة جديدة.