رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمريكا والصين.. حوار وإنذار

سبع ساعات قضاها يانج جيشى، كبير مسئولى السياسة الخارجية فى الحزب الشيوعى الصينى، أمس الأول الإثنين، مع جيك سوليفان، مستشار الرئيس الأمريكى للأمن القومى، فى العاصمة الإيطالية روما. وبينما وصف البيت الأبيض المحادثات بأنها كانت جوهرية، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسئولة أمريكية كبيرة، لم تذكر اسمها، أنها لم تسهم فى خفض التوترات بين البلدين بشأن العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا. 

حوار يانج وسوليفان، يأتى بعد جلسة زيوريخ المغلقة، فى أكتوبر الماضى، التى استهدفت تهدئة التوترات بعد تبادلهما انتقادات حادة فى ألاسكا، منذ سنة تقريبًا. والأول، عمره ٧٢ سنة، ويُوصف بأنه أحد أبرز واضعى السياسة الخارجية الصينية، وكان سفيرًا لدى الولايات المتحدة منذ ٢٠٠١ إلى ٢٠٠٥، ثم وزيرًا للخارجية بين ٢٠٠٧ و٢٠١٣، ويرأس الآن مكتب الشئون الخارجية فى اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى. أما سوليفان، ٤٥ سنة، فهو أصغر من تولوا المنصب، الذى يُعد أحد أهم المناصب فى البيت الأبيض، والذى يقود شاغله طاقمًا من عشرات الخبراء، لوضع وتطوير السياسة الخارجية والعسكرية للولايات المتحدة.

المهم، هو أن المسئولة الأمريكية المجهولة قالت، أيضًا، إنهم «قلقون للغاية بشأن انحياز الصين إلى روسيا»، بينما ذكر البيت الأبيض أن «الصين لديها علاقات متميزة مع روسيا يمكن أن تساعد فى إنهاء العملية العسكرية فى أوكرانيا»، وشدّد «على أهمية الحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة». ومن جانبها، أكدت الصين أن أى محاولات للضغط عليها والتدخل فى شئونها الداخلية محكوم عليها بالفشل. وأكد يانج جيتشى، فى بيان، أنه أوضح لسوليفان أن بكين لن تسمح بأى تدخلات خارجية فى قضايا شينجيانج والتبت وهونج كونج. كما أشار إلى أن خطوات الولايات المتحدة بشأن تايوان تتناقض مع تصريحاتها عن تمسكها بمبدأ «الصين الواحدة».

على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، تفادت بكين انتقاد روسيا، محمّلة الغرب ودول الناتو مسئولية تفاقم الصراع بين الروس والأوكرانيين، بسبب توسع الحلف شرقًا، دون مراعاة المخاوف الأمنية للدول المعنية، خاصة روسيا. والأهم، هو أن الصين تعارض استخدام «العقوبات غير المشروعة التى يفرضها جانب واحد دون تفويض دولى»، وأكدت، فى بيان، أنها ستواصل التعاون التجارى المعتاد مع روسيا بروح الاحترام والمساواة والمنفعة المتبادلة. فى ترجمة واضحة لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية واسعة النطاق، التى وقعها الرئيسان الروسى والصينى فى ٤ فبراير الماضى، والتى نصت على أن البلدين يدعمان المنظومة التجارية متعددة الأطراف، المبنية على دور منظمة التجارة العالمية الرئيسى، ويعارضان أى إجراءات أحادية الجانب. 

تأسيسًا على ذلك، تمارس واشنطن ضغوطًا متصاعدة على بكين لتغيير موقفها. إذ أكدت جينا ريموندو، وزيرة التجارة الأمريكية، الأسبوع الماضى، أن الشركات الصينية التى ستتحدى القيود الأمريكية على الصادرات لروسيا قد يتم حرمانها من المعدات والبرمجيات الأمريكية التى تحتاج إليها لصنع منتجاتها. وقبل ساعات من لقاء الساعات السبع، قال سوليفان لشبكة «سى إن إن»، إن بلاده لن تسمح لأى دولة بتعويض الخسائر التى تكبدتها روسيا نتيجة العقوبات الاقتصادية، محذرًا من أن أى تحركات من جانب الصين، أو غيرها، لتوفير شريان حياة لروسيا أو مساعدتها فى التهرب من العقوبات ستكون لها عواقب «قطعًا». 

الإنذار الأمريكى تجدّد أيضًا بعد الحوار، وأكدت جين ساكى، المتحدثة باسم البيت الأبيض، أن لدى واشنطن عدة أدوات ستستخدمها مع الصين إذا دعمت روسيا. والشىء نفسه فعله نيد برايس، المتحدث باسم الخارجية، الذى أشار إلى أن واشنطن أبلغت الصين بأنها لن تصمت إذا قدمت مساعدات إلى روسيا. ويمكنك أن تضيف إلى كل ما سبق، حملات التضليل أو التوريط، التى تقوم بها وسائل إعلام أمريكية وبريطانية، ضد الصين.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكى جو بايدن، حذّر فى خطابه الأول أمام الكونجرس من تنامى النفوذ الصينى، ودعا إلى ضرورة مواجهته لـ«للفوز بالقرن الحادى والعشرين». وكان لافتًا اختلاط تصفيق النواب الجمهوريين والديمقراطيين، لدى سماعهم تعهّد الرئيس بالحفاظ على وجود عسكرى قوى فى منطقة المحيط الهادى: ليس لبدء أى مواجهة مع الصين، ولكن لتجنب المواجهة!.