رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جحيم الأسعار.. محاولة للتبريد

 

ما كاد العالم يفيق من تأثيرات وباء «كورونا المستجد» ويحاول التعامل مع تداعياتها، حتى ضرب وباء من نوع مختلف مصدرين رئيسيين للمواد الغذائية الأساسية، ما جعل الوضع الصعب، أكثر صعوبة، أو بات «كأنه الجحيم على الأرض»، بحسب وصف ديفيد بيسلى، رئيس برنامج الأغذية العالمى، التابع للأمم المتحدة، الذى حذر من أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية، سيكون له تأثير فادح على عدد كبير من الدول، خاصة الفقيرة، وسيعرّض مزيدًا من مواطنيها لخطر المجاعة.

لنا من هذا الجحيم، نصيب كبير. لكن ما قد يطمئن، ولو قليلًا، هو أن الحكومة، بكل أجهزتها المعنية، تبذل جهودًا مكثفة لمحاولة تبريده، بتخفيف العبء عن كاهل المواطنين، والتصدى لجشع التجار، وتوفير مختلف أنواع السلع الأساسية. ولمتابعة هذه الجهود، أو لاستكمالها، اجتمع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، الثلاثاء الماضى، مع وزراء التموين والتجارة الداخلية، المالية، الداخلية، الزراعة واستصلاح الأراضى، التجارة والصناعة، ورئيس جهاز حماية المستهلك، وعدد من مسئولى الوزارات والجهات المعنية.

جرى، أيضًا، تشكيل لجنة لإدارة الأزمة، ستعقد اجتماعات بصفة دورية. وبينما كانت كيلى بيتيلو، محللة شئون الشرق الأوسط فى المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية، تتحدث لهيئة الإذاعة البريطانية، بى بى سى، عن «الدور الذى لعبه الأمن الغذائى فى اندلاع الانتفاضات العربية»، كان رئيس الوزراء يشدد، خلال اجتماعه بمجلس المحافظين، على ضرورة التصدى لأى ممارسات تتعلق باحتكار أو إخفاء السلع، وطالب المحافظين بضرورة التأكد بصفة مستمرة من طرح السلع بأسعار عادلة، دون أى مبالغة أو مغالاة.

لا يوجد عجز فى أى سلعة. والكلام على لسان وزير الزراعة، الذى أكد أن الوزارة ستقوم بضخ المزيد من السلع والمنتجات من خلال منافذها الثابتة والمتحركة، بأسعار تقل عن مثيلاتها بالأسواق، وأضاف أنه تم الاتفاق مع اتحاد منتجى الدواجن على طرح كميات كبيرة من الدواجن والبيض بأسعار مخفضة. كما شدد وزير المالية على دعم الأسواق بأكبر كمية من السلع المختلفة؛ لإحداث التوازن المطلوب، مؤكدًا أن تجربة أزمة كورونا أثبتت أن توافر السلع المختلفة بكميات إضافية هو أهم ما يمنع المواطنين من تخزينها، أو التزاحم عليها.

مع التوافق مع مسئولى الغرف التجارية على أن تكون هناك أسعار استرشادية عادلة للسلع، وجّه وزير التنمية المحلية، الأجهزة التنفيذية بالمحافظات بتكثيف الحملات الرقابية على المحال والأسواق للتصدى لمحاولات حجب السلع الغذائية أو تخزينها والتعامل معها وفقًا للإجراءات القانونية المتبعة. وكلّف الوزير إدارة الأزمات بالوزارة وغرف العمليات فى كل المحافظات بتلقى شكاوى المواطنين من أى زيادات غير مبررة فى أسعار السلع، ووجه مسئولى مبادرة «صوتك مسموع» لتلقى الشكاوى من خلال البريد الإلكترونى وصفحة المبادرة على «فيسبوك»، ورقم الخط الساخن «١٥٣٣٠»، على مدار ٢٤ ساعة، طوال أيام الأسبوع.

الحكومة تعهدت، أيضًا، بتقديم جميع أوجه الدعم اللازم والتسهيلات اللازمة لإنجاح المبادرات المجتمعية فى المحافظات، وتذليل أى معوقات تواجهها، على أن تتركز بصفة أساسية فى المناطق الشعبية والقرى الأكثر احتياجًا. وأشار وزير التموين إلى أنه عقد اجتماعًا مع رؤساء الشركات ‏وأصحاب السلاسل التجارية ‏وعدد من الموردين ‏والمنتجين، بشأن معارض «أهلًا رمضان»، اتفقوا خلاله على تقديم نسب تخفيضات مختلفة على أسعار السلع. ومن جانبه، تعهد وزير الداخلية بتكثيف الحملات الرقابية لمواجهة أى ممارسات غير قانونية، وأكد أن الوزارة استعدت لاستقبال شهر رمضان الكريم، بتوفير مختلف أنواع السلع بأسعار مناسبة فى مجمعات «أمان»، فى إطار الدور الذى تقوم به للمساهمة فى جهود تحقيق الأمن الغذائى. 

.. وتبقى الإشارة إلى أن روسيا وأوكرانيا تصدّران حوالى ٣٠٪ من إنتاج القمح العالمى، ونصف منتجات عباد الشمس. وفوق ذلك تنتج روسيا كميات هائلة من البوتاس والفوسفات، وهى مكونات أساسية فى صناعة الأسمدة، ما جعل شركة الكيماويات النرويجية، يارا إنترناشونال، وهى منتج رئيسى للأسمدة، ولها فروع فى أكثر من ٦٠ دولة، تشكو من أن الأزمة ستلحق أضرارًا بصناعتها، محذرة من أن ذلك سيلحق أضرارًا بالغة بالمحاصيل، وسيؤدى إلى أزمة غذاء عالمية.