رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السير.. رحلة «أمير القلوب» مجدى يعقوب من ألم الفقد إلى إنقاذ حياة الملايين

مجدى يعقوب
مجدى يعقوب

السير مجدى يعقوب هو أسطورة مصرية خالصة، وطبيب عالمى من النابغين القلائل فى مجاله، استطاع أن يحصد وسام الاستحقاق البريطانى، وكذلك لقب «سير»، من الملكة البريطانية إليزابيث الثانية، لمساهماته الكبيرة فى عالم الطب والجراحة، خاصة جراحة القلوب.

واستطاع «يعقوب» احتلال مكانة عظيمة فى قلوب البشر من مختلف أنحاء العالم، بفضل تاريخه الطويل من المهنية والإنجازات، والذى كان السر وراءه ألم الفقد الذى عاشه فى صغره، عندما فقد عمته جراء معاناتها من مشكلات فى القلب.

ولد السير مجدى يعقوب فى مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، يوم ١٦ نوفمبر ١٩٣٥، درس فى جامعة القاهرة حتى تخرج فيها كطبيب عام ١٩٥٧، وقرر التخصص فى جراحة القلب، بعد وفاة عمته بأمراض القلب، فى أوائل العشرينيات من عمرها.

وقال «يعقوب»، فى أحد لقاءاته التليفزيونية عن ذلك: «حين ماتت عمتى بسبب ضيق صمام القلب، أصيب والدى بانهيار عصبى، ومن هنا جاءت فكرة التخصص فى جراحة القلب»، لتصبح هذه الواقعة فى حياته الشخصية هى دافعه الأكبر طوال مسيرة حياته، التى شهدت إنقاذ قلوب الكثيرين.

كان مجدى يعقوب شجاعًا إلى الحد الذى جعله يُقدِم على عمليات ذات مستوى عالٍ من الخطورة، فقط من أجل إنقاذ الأرواح، ففى ديسمبر ١٩٨٣، أجرى أول عملية زرع قلب ورئة فى المملكة المتحدة، ليتم تعيينه أستاذًا فى المعهد الوطنى للقلب والرئة عام ١٩٨٦.

لم يتوقف عند هذا الحد فى عمله، بل شارك فى تطوير تقنيات زراعة القلب والرئة، وفى ١٩٨٨ نُقل رئيس الوزراء اليونانى أندرياس باباندريو إلى المستشفى فى «هريفيلد»، حيث دخل فى حالة حرجة للغاية، وأجرى يعقوب جراحة قلب مفتوح ثلاثية الالتفاف له، وأنقذ حياته. 

كما كان له دور فعال فى إجراء أول جراحة قلب مفتوح فى نيجيريا، عندما تعاون بصفته أستاذًا زائرًا فى جامعة نيجيريا مع فابيان أوديكو ونسوكا وآخرين لتحقيق هذا الإنجاز الفريد.

وفى كل مرحلة من حياة الدكتور مجدى يعقوب، لا يقف ليصفق لنفسه، كما نفعل فى كثير من الأحيان، بل يواصل دأبه فى عمله الذى يحبه، وهو ما دفعه لتأسيس أكبر برنامج لزراعة القلب والرئة فى العالم، شهد إجراء أكثر من ٢٥٠٠ عملية زراعة، إلى جانب تطويره عمليات جديدة لعدد من تشوهات القلب الخلقية المعقدة.

وحصل «يعقوب» على لقب «فارس» لخدماته فى الطب والجراحة عام ١٩٩١، كما حصل على زمالة أكاديمية العلوم الطبية فى عام ١٩٩٨، وزمالة الجمعية الملكية فى عام ١٩٩٩، فضلًا عن جائزة «الإنجاز المتميز مدى الحياة»، تقديرًا لمساهمته فى الطب. 

بعد تقاعده من إجراء الجراحة للخدمة الصحية الوطنية فى عام ٢٠٠١، عن عمر ٦٥ عامًا، واصل مجدى يعقوب العمل كمستشار رفيع المستوى وسفير لفوائد جراحة زرع الأعضاء، كما يواصل العمل على الأطفال من خلال جمعيته الخيرية «سلسلة الأمل».

ولدى «يعقوب» اهتمام نشط بتقديم الرعاية الصحية العالمية، مع التركيز بشكل خاص على برامج التطوير فى مصر ومنطقة الخليج وموزمبيق وإثيوبيا وجامايكا، وهو مؤسس ورئيس جمعية «سلسلة الأمل» الخيرية، التى تعالج الأطفال المصابين بأمراض قلبية، ممن مزقتهم الحرب فى البلدان النامية، كما أسس برامج تدريبية وبحثية فى وحدات القلب المحلية.

لم يتخل مجدى يعقوب يومًا واحدًا عن وطنه، بل هو فى فكره دائمًا، فهو رئيس مؤسسة «مجدى يعقوب العالمية للقلب»، كما أسس «مركز أسوان للقلب»، ولا يكل فى سعيه الدائم لعلاج وإنقاذ قلوب المصريين