رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أربعة أيام فى قلب أوروبا

بحثًا عن رؤية مشتركة تجمع القارتين السمراء والعجوز، حتى سنة ٢٠٣٠، أو سعيًا نحو إقرار معادلة جديدة تحكم العلاقات بين الجانبين، انطلقت أمس، الخميس، أعمال الدورة السادسة لقمة الاتحادين الإفريقى والأوروبى، فى العاصمة البلجيكية بروكسل، التى يزورها الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ الثلاثاء الماضى، واستبق مشاركته فى القمة بعقد مباحثات قمة مع ملك بلجيكا ورئيس وزرائها، كما التقى أيضًا رئيس المجلس الأوروبى، ورئيسة المفوضية الأوروبية، وعددًا من رؤساء كبرى الشركات البلجيكية.

تلك هى زيارة الرئيس الأولى لمملكة بلجيكا، التى توصف بأنها «قلب أوروبا»، وتستضيف عاصمتها مقر الاتحاد الأوروبى، وحلف شمال الأطلسى، وتربطها مع مصر علاقات تاريخية ممتدة، قام بتوثيقها معرض صور أقيم بالمتحف المصرى، فى أكتوبر ٢٠١٧، عنوانه «١٥٠ عامًا من الزيارات الملكية البلجيكية لمصر»، وتحلّ هذا العام الذكرى الـ١١٥ لبدء العلاقات الثنائية بين البلدين.

عن قمة الاتحادين الإفريقى والأوروبى، التى تنتهى أعمالها اليوم، الجمعة، سنتحدث غدًا، مكتفين اليوم بتناول جهود الرئيس المكثفة لتعزيز العلاقات المصرية البلجيكية، التى أظهرت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع قيمة التبادل التجارى بين البلدين خلال الـ١١ شهرًا الأولى من سنة ٢٠٢١ بنسبة ٧٢٪ قياسًا على الفترة نفسها من سنة ٢٠٢٠. وكذا زيادة قيمة الاستثمارات البلجيكية فى مصر بنسبة ١٨٧.٣٪، فى العام المالى ٢٠٢٠/٢٠٢١ مقارنة بالعام المالى ٢٠١٩/٢٠٢٠، وفقًا لبيانات الجهاز ذاته.

موقعها الجغرافى المركزى، الذى جعلها دولة ترانزيت مهمة بين وسط وغرب أوروبا، جعلها أيضًا قاعدة للإرهاب، أو ما يوصف بـ«حركة الجهادية الدولية». وبعد قيام سلطاتها باعتقال صلاح عبدالسلام، العضو الوحيد الباقى على قيد الحياة من منفذى اعتداءات باريس، أصبحت بلجيكا نفسها هدفًا، وتعرضت عاصمتها فى ٢٢ مارس ٢٠١٦ لهجومين انتحاريين أسفرا عن مقتل ٣٢ شخصًا وإصابة مئات آخرين. وتأسيسًا على ذلك، أشاد ملك بلجيكا ورئيس وزرائها، خلال لقاءيهما بالرئيس، الأربعاء والخميس، بدور مصر المحورى فى مكافحة الإرهاب وترسيخ الاستقرار ودعم الحلول السلمية للأزمات القائمة بمحيطها الإقليمى.

الملك لويس فيليب ليوبولد، اعتلى العرش فى ٢١ يوليو ٢٠١٣، خلفًا لأبيه الملك ألبير الثانى، ويتولى السياسى ورجل الأعمال ألكسندر دى كرو رئاسة الوزراء، منذ أول أكتوبر ٢٠٢٠، وخلال لقاءيهما بالرئيس، أشادا بالعلاقات التاريخية الممتدة، التى تجمع بين البلدين الصديقين على المستويين الرسمى والشعبى، وأكدا حرص بلدهما على تنميتها فى مختلف المجالات، فى ظل الطفرة التنموية الملموسة التى تشهدها مصر.

بين اللقاءين، أو القمتين، ودفعًا للتعاون فى المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية إلى آفاق أرحب، تتلاقى مع طموحات الشعبين، استقبل الرئيس السيسى، بمقر إقامته فى بروكسل، الرئيس التنفيذى لشركة التكريك «جان دو نول»، ثم الرئيس التنفيذى لشركة «جون كوكريل» للصناعات الدفاعية، ثم الرؤساء التنفيذيين لشركات «ديمى» وميناء «أنتويرب»، و«فلوكسيس». كما عقد لقاءً موسعًا مع عدد من ممثلى مجتمع الأعمال وكبرى الشركات البلجيكية، بمشاركة عدد من كبار المسئولين وممثلى الجهات الحكومية المختلفة.

خلال تلك اللقاءات، أكد الرئيس حرص مصر على تطوير علاقات التعاون الاقتصادى والتجارى وتنمية الاستثمارات المشتركة وتعظيم المصالح المتبادلة والاستغلال الأمثل للفرص المتاحة، موضحًا ما توفره المشروعات العملاقة الجارى تنفيذها فى مصر من فرص استثمارية متنوعة، وفى مقدمتها محور تنمية منطقة قناة السويس، الذى يتضمن عددًا من المناطق الصناعية واللوجستية الكبرى، ويوفر فرصًا واعدة للشركات الراغبة فى الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجى، كمركز للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات إلى مختلف دول العالم، التى تربطنا بالعديد منها اتفاقيات للتجارة الحرة، خاصة فى المنطقتين العربية والإفريقية.

من جانبهم، أعرب رجال الأعمال البلجيكيون عن سعادتهم بلقاء الرئيس، ورأوه فرصة كبيرة لتعزيز أواصر الصداقة والتعاون المشترك بين البلدين، واستعرضوا خططهم للاستثمار فى مصر، أو للتوسع فى مشروعاتهم القائمة، فى ظل توافر العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة، كما أشادوا بمتابعة الرئيس الشخصية، الحثيثة والدورية، للإجراءات المتخذة لتسهيل عمل الشركات البلجيكية فى مصر، وبالتطور والتنامى الملحوظ فى الاقتصاد المصرى، المدعوم بالجهود والإجراءات التى تتبناها الحكومة المصرية، للإسراع من عملية التنمية وتنفيذ العديد من المشروعات القومية العملاقة، التى من شأنها تقديم مصر كشريك تنموى مهم على الساحة الدولية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن فرانسوا كورنيه ديلزيوس، سفير بلجيكا لدى القاهرة، كان قد زار المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فى ٤ أكتوبر الماضى، وأعرب عن سعادته بما رآه، وقال لمستقبليه، الذين كان على رأسهم المهندس يحيى زكريا، رئيس المنطقة: «أنتم محظوظون بالرئيس السيسى، فهو رئيس نشيط للغاية، وشهدت مصر فى عهده عمليات إصلاح وتحديث واسعة، ومشروعات بنية تحتية قوية، وتوفير مناخ داعم للاستثمار».