رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ألكسندر بوشكين أمير شعراء روسيا.. «طعنة في الشرف» أفقدته حياته

ألكسندر بوشكين
ألكسندر بوشكين

على ضفة نهر “مويكا” في بطرسبرج الروسية، يقع بيت الروائي والشاعر والكاتب المسرحي، ألكسندر بوشكين، والذي تحل اليوم ذكرى رحيله عن عالمنا، حيث توفي في مثل هذا اليوم من عام 1837، والذي يعتبر أحد أهم أعمدة الأدب الكلاسيكي الروسي في الحقبة الرومانسية.

“أنا في ورطة كبرى، فالعمل على ترجمة قصائد بوشكين أصعب من تحويل موسيقى موزارت إلى كلمات وصور”، هكذا علق مترجم بريطاني على محاولته ترجمة بعضا من قصائد بوشكين إلى اللغة الإنجليزية“.

ألكسندر بوشكين أمير شعراء روسيا بلا منازع والذي ارتبط ارتباطا وثيقا بأرض روسيا وارتبط بشعبها، بثقافتها، بتراثها حتى أصبح رمزا أدبها الوطني، وبوشكين واحد من القلائل الذين اعترف كل معاصريه بسمو مقامه ورفعة شأنه وعبقريته الشعرية الفريدة، فعلي سبيل المثال كان “جوجول” يعتبر نفسه تلميذا لبوشكين. 

وكان تولستوي ينصح من يدخل عالم الأدب حديثا بأن يقرأ لبوشكين. مكسيم جوركي وضع بوشكين في مقدمة شعراء روسيا والعالم. وديستوفسكي الذي عرف عنه عدم ثباته على رأي فيما يخص تقييم للأدباء والشعراء، ومع ذلك كان تقييمه لبوشكين دائما ثابتا، وكان يقول أن كل ما لدينا هو من ينابيع بوشكين الفياضة.  

ولد ألكسندر بوشكين في العاصمة الروسية موسكو في عام 1799 وتوفي في مدينة بطرسبرج عام 1837 وهو سليل عائلة من النبلاء من جهة والده وأصول أفريقية حبشية من جهة والدته، وفي صباه ظهر ميل بوشكين نحو الأدب، وكان قارئا نهما طيلة حياته، ويروي أنه عندما حضره الموت نظر إلي مكتبته وقال: “وداعا يا رفاقي الأعزاء”.

نشر ألكسندر بوشكين أول قصيدة له وكان في الرابعة عشرة من عمره، وعندما بلغ الثامنة عشرة، اعترف له كبار الأدباء والشعراء في سنه المبكرة هذه بتزعمه عليهم. أشترك بوشكين في شبابه المبكر في بعض الأحداث السياسية المعارضة للسلطة الجائرة، ونادي في قصائده بالعدالة والحرية وتحرير العبيد والفلاحين، فنفي علي إثر ذلك إلي جنوب روسيا. منحه هذا النفي لبوشكين الفرصة للتعرف علي أماكن وثقافة جديدة، فتنقل بين بلاد القرم والقوقاز وصولا إلى صربيا وألبانيا وحتي تركيا، وسطر في هذه الفترة عددا من أعماله الخالدة والتي ذاعت شهرتها خارج الحدود الروسية.  

لم يكن ألكسندر بوشكين يتصور وهو في منفاه مدى الشهرة التي نالها بين الشعب الروسي، وحينما أذن له بالعودة إلي موسكو ذهل بما لاقاه من حفاوة وترحيب حيث، تزاحم الكتاب ووجوه المجتمع الروسي والثقافي على استقباله حتى إن أحد الكتاب في صدر أبرز الصحف الروسية: “موسكو اليوم سعيدة وتحتفل بتتويجين، تتويج القيصر، وتتويج بوشكين كأمير للشعراء”، .بلغت شهرة ألكسندر بوشكين الآفاق، لدرجة أن القيصر نيقولا الثاني، أطلق علي ابنتيه “تتيانا” و “أولجا“، تيمنا بأسماء شقيقتين في إحدى روايات بوشكين.

تزوج ألكسندر بوشكين في عمر السابعة الثلاثين من فتاة جميلة كانت في الثامنة عشرة من العمر وكانت تدعى “ناتالي”، ولم يكن زواجا سعيدا إذ كانت ناتالي لا تهتم بالشعر ولا بالأدب وبالتالي لا تحفل بعالم زوجها الأدبي، وكانت مشغولة فقط بالمظاهر الاجتماعية. وحدث بعد ذلك أن ضابطا شابا فرنسي وسيم يدعى البارون “دانس”، بدأ يتودد إلي ناتالي زوجة بوشكين ويغازلها، فشعر الأخير بطعنة في شرفه، وبحسب عادات تلك الفترة من الزمن دعي بوشكين الضابط الفرنسي إلى المبارزة، وبالفعل بارزة وجرح بوشكين في تلك المبارزة، وجرح بجرح بالغ أودى بحياته بعد يومين فقط.

وبموت ألكسندر بوشكين كما يذكر أصدقاء له تحققت نبوءة عراف كان قد قال لبوشكين وكان مراهقا، بأنه سيصير معبود قومه، وسينفي مرتين، وبأن عليه أن يحذر رجلا جميلا قد يقتله حين يبلغ السابعة والثلاثين. وبغض النظر عن صحة هذه النبوءة أم لا فبعد موت بوشكينو اهتزت روسيا بخبر موته، واعتبر يوم موته فاجعة وطنية، واشتد حزن الشعب الروسي عليه لدرجة كبيرة. وهنا خشيت الحكومة الروسية أن تستغل جنازة بوشكين في مظاهرات ضد الحكومة، فكان أن أمرت بنقل جثمانه سرا ليدفن في منزل عائلته. وعلى الرغم من كل هذا وتراكم الثلوج في هذا اليوم، إلا أن حشود المشيعيين له امتدت على مسافة بضعة كيلومترات، جاءت لتلقي النظرة الأخيرة على أمير شعراء روسيا.

كان ألكسندر بوشكين غزير الإنتاج متعدد المواهب والملكات الأدبية، كتب الشعر والنثر والقصة والرواية والمسرحيون من أبرز أعماله: أسير القوقازــ نهاية مقامرــ إبنة الضابط ــ الغجرــ الديك الذهبي ــ القصائد الشرقيةــ حكايات بوشكين ــ حكاية الكاهن وخادمه بالدا ــ حكاية عن القيصر سلطان ـ رحلة إلى أرضروم وقصص أخرى ــ عند نافورة الدموع ــ حكاية الدبة ــ بوريس جودونوف ــ دوبروفسكي وغيرها.