رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مش عايزين رئيس..!!


على مدار ثلاثة سنوات مضت شهد الشارع السياسى فى مصر حالة تخبط غير مسبوقة بين قرارات ينقصها المنطق واختيارات تحركها العاطفة، فحين سعى لاسقاط نظام وصمه بالشيوعية أو التطرف .. انتخب نظاما وصمه بالكفر . وعندما اسقط نظاما استحل اعتقاله أتى بنظام استحل دمائه ..!!

وفى كل الحالات يتحامل المثقفون على الضحايا، والمواطن البسيط هو المتهم الأول فى افساد حالة الوطن، والتهمة جاهزة الخيانة أو العمالة والمحرك واحد هو المؤامرة .. وفى ظل تراجع الدولة وسقوط هيبتها مع الثورة .. تناسى كثيرون فساد مبارك ،وراحوا يترحمون على عهده . فى مقارنة سخيفه بين حكمه المخلوع وحكم الاخوان المعزول .. وهى مقارنة هزلية بين سيئ وأسوأ.!! فإن لم يكن ثمة اتهام واحد لمبارك؛ فيكفيه أنه حول الشباب إلى فائض بيولوجى مسكون بـ ا لغريزة أكثر مما هو مسكون بـ الثقافة والمنطق . فنعدما ينخفض مستوى التعليم وتتدنى مستويات المعيشة ومقوماتها من صحة وسكن وثقافة ومرافق عامة، وعندما تتسع الهوة بين أبناء الوطن الواحد، وتتجذر مشاعر الحرمان بين الشباب، يضيع المنطق فى تصرفاتهم وتسوس الغريزة، وينفرط عقد الطاقة البيولوجية الفائضة، فتتحول فى افضل صورها إلى عنف موجه نحو المواطن .. وفى أسوأها تتحول إلى جرائم موجهة نحو االوطن .

لقد فقدت مصر فى عهد مبارك كل مقومات نهضتها، ففى حين تراجعت القيمة الاقتصادية والاجتماعية للعامل المصرى فى الخارج، لم يستورد النظام الحاكم من الخارج سوى السفه .. وفى حين استغلت اسرائيل انهيار الاتحاد السوفيتى للاستحواذ على علمائه .. استغل النظام المصرى الفرصه للاستحواذ على عوالمه ..!!

وفى ذلك يقول أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فعليك بهدم مكونات ثلاث فيها هى الأسرة والتعليم والقدوة الحسنة. فلكي تهدم اﻷسرة؛عليك بتغييب دور اﻷم واجعلها دائما تخجل من وصفها بـ ربة بيت *ولكي تهدم التعليم: عليك باهمال المعلم، واجعله فى مكانة تدعو الى احتقاره من طلابه، واشغله عن واجباته بالمطالبة بحقوقه. ولكي تسقط القدوة: عليك باسقاط العلماء، فكمم أفواههم واشغلهم بالدفاع عن أفكارهم وأعراضهم، والههم عن العلم بالتسابق على المناصب. فإذا فقد الوطن الأم الواعية و المعلم المخلص و القدوة الحسنة فقل على الوطن السلام...!!

فبناء الانسان هو الضامن الوحيد لبناء الحضارة.. ومصر ليست بحاجة الى قائد لديه عصا سحرية للاصلاح بقدر حاجتها الى نظام يعتنى ببناء الانسان قبل بناء الأسوار.. ومصر ليست بحاجة الى قائد يمتلك عبقرية التغيير، بقدر حاجتها الى شعب مستعد للتغيير الى الافضل..!! ومصر ليست بحاجة إلى قائد يقيس نجاحه بحجم المنشأت والجسور، بقدر حاجتها إلى قائد يؤشر لنجاحه بالارتقاء بخصائص المواطنين..ومصر ليست بحاجة الى قائد يغلب الاهتمام بالأمن على الاقتصاد، ولا قائد يغلب الاهتمام بالاقتصاد على الاهتمام بكرامة المواطن .. فمصر بحاجة الى قائد انسان ، يصب عشقه للوطن فى عشقه للمواطن.. قائد تصنعه مواقفه الوطنية وليست انتماءاته الدينية أوشعاراته السياسية..

http://www.s-hashem.com