رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثم كانت القمة المصرية الصينية

المباريات السياسية مستمرة فى دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية الرابعة والعشرين، «بكين ٢٠٢٢». وخلالها، استضافت قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة الصينية، صباح السبت، مباحثات قمة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس الصينى شى جين بينج، لم تناكف الغرب، بشكل مباشر، كما فعلت القمة الروسية الصينية، بل كان هدفها الأساسى تعزيز العلاقات المصرية الصينية، والاستفادة مما تم تحقيقه خلال السنوات السبع الماضية، لاستكشاف مجالات جديدة وآفاق أوسع للتعاون بين البلدين الصديقين.

السياسة الصينية تجاه منطقة الشرق الأوسط تغيرت بشكل كبير فى عهد الرئيس «شى». وبهدوء وحذر، لكن بثبات، قامت بكين ببناء نمط جديد من العلاقات مع دول المنطقة قائم على الاحترام المتبادل والتعاون المربح للجانبين، مع تقديمها السلام التنموى على المفهوم الغربى للسلام، ودعوتها المجتمع الدولى إلى التركيز على تقديم المساعدات الاقتصادية، التى تشتد حاجة دول المنطقة إليها، بدلًا من تصدير أفكار غير ملائمة.

وفق هذه المعادلة، وفى ظل القيادة الحكيمة لرئيسى الدولتين، استند التعاون المصرى الصينى، ولا يزال، إلى تفهم كل طرف لمصالح الطرف الآخر، السياسية والسيادية والوطنية، بما يتطلبه ذلك من تدعيم الركائز الأساسية للعلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعسكرية. واستمرارًا لهذا النهج، دعا الرئيس «شى»، خلال قمة أمس، إلى بذل جهود مشتركة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للصين ومصر فى العصر الجديد.

كعادته، أو للمرة السابعة، رحّب الرئيس الصينى بزيارة الرئيس السيسى إلى بكين، مثمنًا ما تشهده الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين من تطور إيجابى على جميع الأصعدة، ومتطلعًا إلى تعزيز التواصل والتشاور حول الموضوعات الإقليمية والدولية، ومؤكدًا أن بلاده تولى أهمية خاصة لعلاقاتها مع مصر، نظرًا لمحورية دورها فى محيطها الإقليمى، سواء على مستوى الشرق الأوسط أو القارة الإفريقية أو منطقة شرق المتوسط.

التبادل التجارى بين البلدين وصل إلى ١٢ مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة ٢٠٢١، مقابل ١٠.٢ مليار دولار خلال الفترة نفسها من سنة ٢٠٢٠، بنسبة ارتفاع قدرها ١٨.٢٪، طبقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، التى أوضحت أن قيمة الصادرات المصرية للصين ارتفعت بنسبة ١١٨.٧٪، مقابل ١٢.١٪ حققتها قيمة الواردات المصرية من البلد الصديق.

تأسيسًا على ذلك، ناقش الرئيسان سبل تعزيز التبادل التجارى بين البلدين، واستعرضا المشروعات المشتركة فى المجالات المختلفة، وتوافقا على أهمية الدور الذى تضطلع به المنطقة الاقتصادية لقناة السويس فى تعزيز مبادرة «الحزام والطريق»، وعلى ضرورة دعمها لكى تحقق الأهداف المرجوة منها، خاصةً من خلال المنطقة المصرية الصينية للتعاون الاقتصادى والتجارى، التى تسهم فى دفع جهود مصر لتوظيف الموقع الاستراتيجى المهم لمحور القناة، حتى يصبح مركزًا لوجستيًا واقتصاديًا عالميًا.

الرئيسان تباحثا أيضًا، بشأن تعزيز التعاون القائم بين البلدين فى البحث العلمى ونقل التكنولوجيا المرتبطة بالصناعات الدوائية وتصنيع لقاحات كورونا، وكذلك فى مجالات التقنيات الصناعية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والسيارات الكهربائية. وفى سياق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، أكد الرئيس السيسى أن مصر تهدف إلى البناء على قوة الدفع الناتجة عن اللقاءات المنتظمة بين كبار مسئولى البلدين، سعيًا للوصول بالتعاون الثنائى إلى آفاق أرحب فى كل المجالات، ولجذب المزيد من الاستثمارات الصينية استغلالًا للفرص الاستثمارية الواعدة المتوافرة حاليًا فى مصر. كما ناقش الرئيسان سبل دعم الشراكة والتعاون الثلاثى بين البلدين فى القارة الإفريقية، على أساس الملكية الوطنية لبرامج التنمية وأجندة التنمية الإفريقية ٢٠٦٣ وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. واتفقا على ضرورة استمرار التنسيق والتعاون، سعيًا إلى تحقيق الاستفادة المثلى لدول القارة من التعهدات الصينية فى إطار مبادرة الحزام والطريق.

.. وتبقى الإشارة إلى أن القمة المصرية الصينية، التى لم تناكف الغرب بشكل مباشر، تطرقت، أيضًا، إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كان أبرزها تطورات ملف السد الإثيوبى، ومستجدات القضية الفلسطينية، والأزمات الليبية والسورية واليمنية. كما اتفق الرئيسان على أهمية تعزيز التعاون فى مكافحة الإرهاب ومواصلة التنسيق والتشاور على المستوى الثنائى وفى إطار المنظمات والمحافل الدولية.