ملتقى الحوار يصدر تقريرا عن انتهاكات قبور الفلسطينيين من المستوطنين
صدر عن وحدة البحوث والدراسات بملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان تقريرا جديدا بعنوان: (نبش قبور أصحاب الأرض... أين حق حرمات الموتى الفلسطينيين؟)
وأكد التقرير أن هنالك واقع آخر مرير يعيشه الفلسطينيون ليس الأحياء، بل الأموات منهم، فيبدوا أنه على الموتى النضال أيضًا حتى يبُعثون. فلم تكتفِ دولة الاحتلال الصهيوني بالقضاء على حقوقهم الأساسية فقط، بل أيضًا لا تحترم حُرمَات الموتى. فتسمح السلطات الإسرائيلية للمستوطنين اليهود بتدمير شواهد القبور الفلسطينية وتعبث بها وتخربها تحت حماية قوات الأمن الإسرائيلية.
وتناول التقرير بعض المحاور، جاء فيها:
التعديات على قبور الفلسطينيين:
أن تنظيم أمور الدفن وترسيم الجبانات في القدس يقع في يد السلطة الأردنية نظرًا للوصاية التاريخية على المدينة، وفي الضفة الغربية تقوم السلطة الفلسطينية بذلك الأمر. وفي كلا الحالتين، يجد الفلسطينيون معاناة عند دفن أقاربهم وذويهم في جبانات صغيرة ومتزاحمة بجثث الموتى والشهداء، مقارنة بالمقابر اليهودية في المستوطنات التي قد تصل مساحتها إلى ثلاث أضعاف. وهو ما دفع بعشرات المقدسين لدفن الموتى في قبور عشوائية ، ودفن الجثامين فوق بعضها إذا مرت ثماني سنوات على الدفن السابق.
تؤكد الدراسة أن قرابة 40% من قبور المستوطنين في الضفة الغربية (بمعدل 600 قبر) يقعوا داخل 10 مستوطنات أو بالقرب منها، قد بُنيت على أراض فلسطينية ذات ملكية خاصة.
وتتوزع التعديات الفردية لمجموعات من المستوطنين في الضفة والقدس الشرقية على المدافن الفلسطينية، تكاد تكون بشكل ممنهج، تحت حماية من جنود الإحتلال. فيحطموا شواهد القبور، ويلقون على المقابر القمامة وبقايا فضلات الطعام، والأسوء من ذلك يقوموا بإلقاء الفضلات والبراز على الشواهد.
قبور "اليوسفية" التي تقع عند مدخل باب الأسباط (بالمسجد الأقصى) الذي يعد أهم مداخل البلدة القديمة في القدس الشرقي، تعرضت للكثير من الانتهاكات الحكومية والجماعية. في أكتوبر عام 2021، جرفت قوات الاحتلال قبرًا من أضرحة الشهداء التابعة للمقبرة اليوسفية ظهرت خلاله عظام الأموات، بهدف تحويلها لحديقة توراتية يهودية.
في القدس الشرقية أيضًا، هُدمت مقبرة "مأمن الله" الإسلامية والتي تبلغ مساحتها 200 ألف مترًا، وبنى الإحتلال على أرضها متحف "التسامح" الذي اُفتتح . وقبلها في الستينيات، قد جرفت إسرائيل منها 60 ألف مترًا وأنشأت عليها "حديقة الاستقلال".
ومن جهة أخرى، لبلدية تل أبيب في مدينة يافا سجلاً حافلاً في تدنيس المقابر ونبش القبور، وبيع المقابر الفلسطينية لشركات استثمارية إسرائيلية، إذ دمّرت مقبرة الجماسين ومقبرة طاسو لتوسيع حي لليهود بدعم من سلطة الآثار الإسرائيلية، كما بنت إدارة جامعة تل أبيب بيوتاً للطلبة فوق مقبرة قرية الشيخ مؤنس المهجرة.
تبريرات مزيفة ومخططات صهيونية:
إن لم يكن لها رد، تحاول دولة الإحتلال أن تضع داخل كل اعتداء على مقبرة تعود ملكيتها لفلسطينيين تبريرات تبين مدى الاحتقان الداخلي الذي يحمله المستوطنون في نفسياتهم لانتهاك حرمات الموتى الفلسطينيين. أحد المبررات التي تطلقها أن هذه الآراضي هي ملك "للغائبين" أي اللذين هاجروا ونزحوا نتيجة الإحتلال، ولكن في الواقع هذه الآراضي لها سجلاتها لدى المملكة الهاشمية الأردنية.
وتتم مصادرة الأراضي والقبور الفلسطينية وتدنيس المقدسات الإسلامية بحجج القبور اليهودية القديمة والأماكن الأثرية، حتى وإن لم يكن لها دلالة تاريخية، فيلتف حولها المستوطنين ويقيموا السياج ليقيموا الصلوات التلمودية فيها أو الأحتفال داخل تلك الآراضي.
فعلى سبيل المثال يقوم اليهود في كل عيد "الخانوكا" بوضع الشمعدان على أحد القبور القديمة ويقوموا بإزعاج الفلسطينيين في الضفة والقدس، وهو ما يهدد باشتعال المواجهات مع قوات الإحتلال.
وأكد التقرير أن تعزيز الارتباط اليهودي بين باب الرحمة وجبل الزيتون يخلق حاجزاً بين الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية والبلدة القديمة، فتحول جبل الزيتون إلى قبضة إسرائيلية للتوسع الاستيطاني في القدس الشرقية. وترتبط الكنائس الموجودة على جبل الزيتون بالتقاليد المسيحية، كما أن منطقتها منفصلة فعليًا عن منطقة مقابر الزيتون. لكن مقبرة باب الرحمة المتآخمة للجدار الشرقي للمدينة القديمة والمتوافقة مع التقاليد الإسلامية للمكان وهي مهمة بالنسبة لها، يتم التعسف بها من السلطات الإسرائيلية.
علاوة على ذلك، في السنوات الأخيرة، تحارب الجماعات اليمينية الإسرائيلية وبعض المنظمات ضد دفن المسلمين في ذاك الموقع. فانتهى النضال بموافقة الحكومة الإسرائيلية لفرض منع الدفن في الموقع. ونتيجة لذلك، يجد أهالي قرية سلوان صعوبة في دفن موتاهم إلى درجة وقوع مناوشات انتهت باعتقال أقارب الموتى خلال الجنازات.
وأخيرًا، ذكر التقرير أن المقابر الفلسطينية أصبحت رصيداً سياسياً في النضال من أجل السيادة في القدس الشرقية، ومن الواضح أن معظم الإجراءات الحكومية الإسرائيلية والمستوطنين تركز على تعزيز السيطرة على هذه الأماكن.
وأوصى التقرير بتحويل ملف انتهاكات القبور الفلسطينية للمحكمة الجنائية الدولية خاصة في ظل سلطات الاحتلال التي تمكنت من تهويد 97% من المدينة دون الاكتراث لكافة القرارات الدولية التي تعتبرها مدينة محتلة ويجرم تغيير واقعها.