محمد دوير يرصد تطور نظرية الاحتمال الفلسفى منذ جاليليو وحتى القرن العشرين
صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، دراسة فلسفية جديدة بعنوان "الاحتمال الفلسفي" من التفسير الذاتي إلي الوعي الموضوعي، من تأليف الباحث الدكتور محمد دوير، والذي يشير في مقدمته للكتاب إليى: هذا الكتاب هو دراسة أبستمولوجية ذات أبعاد تاريخية حاولت أن تتقصى الحقائق المتعلقة بعلاقة الاحتمال بالرياضيات والمنطق وفلسفة العلوم، ثم حاولت أن تعيد النظر في نظرية الاحتمال وفقا للمنظور الإبستمولوجي.
فقد اتسمت غالبية الدراسات السابقة للاحتمال بالتناول المنطقي أو الفلسفي أو التقسيم التراتبي، وهو تصنيف رسخ لفكرة الاستقلال بين النظريات المختلفة وأحياناً بين الفلاسفة داخل النظرية الواحدة بحيث يستطيع المتلقي أن يتناول أية نظرية بعيداً عن سياقها المعرفي.
ويوضح دكتور محمد دوير: "وفى هذا التناول حاولت النظر في الدرس الاحتمالي نظرة شاملة تضع التصورات الكلاسيكية والتصورات الحداثية المعاصرة في نظرية الاحتمال في إطار إبستمولوجي محدد، وقد استلزم هذا الإطار الابستمولوجي أن ننطلق في دراستنا له من بحث مشكلة الاستقراء، ودراسة الطرق والأساليب التي حاول بها بعض الفلاسفة عرض المشكلة طرق حلها والتغلب عليها.ثم عدنا مرة أخري إلي تناول القواعد والأسس والمبادئ التي تأسس عليها الاحتمال كنظرية ذات صلة بالرياضيات والمنطق، كل هذا دفعنا إلي ضرورة وضع ملمح تاريخي للكيفية التي بنيت عليها تطورت دراسات الاحتمال".
ويردف دوير: هنا يمكن القول أننا قد وضعنا القضية "الاحتمال ومحدداته" في إطار إبستمولوجي عبر الموقف من الاستقراء، ومنطقي من خلال عرض بديهياته، وتاريخي من خلال تناول تطوره.
وهو ما يؤهلنا للبحث العلمي في أهم نظرياته، وربما استدعي هذا الأمر– أمر اختيار زاوية التناول ومنطق التفسير – أن نشير إلى أن غايتنا من هذا الكتاب بالأساس هو التأكيد علي نقطة مركزية وهي أن دراسات الاحتمال بدأت من ألعاب الحظ وانتهت إلى أدق النظريات العلمية المعاصرة.
ــ عرض لأهم الرموز الرياضية
يستعرض الكاتب في مقدمته أهم الرموز الرياضية والمفاهيم والورادة في متن الدراسة، ثم يتناول مشكلة الاستقراء كمدخل منهجي لبحث موضوع الاحتمال بصفة عامة، فقدم دراسة تحليلية عن التصورات المختلفة للاستقراء، والتصور التاريخي للاحتمال، كيف نشأ ؟ وكيف تطور؟.
وفي الفصل الثاني ناقش التفسير الذاتي للاحتمال الذي يقوم علي الرؤية الشخصية وما يتعلق بها من تمييز بين الظن والاعتقاد، ثم تناول التأسيس المنهجي للاحتمال، مع دراسة وافية لأهم أنواع هذا النوع من التفسير الاحتمالي وهما التفسير السيكلوجي، والتفسير المنطقي كما عرض له رودلف كارناب أحد أعلام الوضعية المنطقية.
وفي الفصل الثالث تناول التفسير الموضوعي للاحتمال، مع الانطلاق بداية من بحث سمات وخصائص هذا النوع من التفسير الذي يحاول أن يجعل دراسات الاحتمال الفلسفي بعيدة عن التصورات الشخصية والرؤي الذاتية، حيث فرض في بداية هذا النوع لمفهوم التفسيرالتواصلي عند برتراند راسل، ثم اعقبه بواحدة من أهم النظريات في تفسير الاحتمال، وهي نظرية هانز رشنباخ عن تكرار الحدوث.
وأنهي هذا الفصل بعرض نظريتين علي جانب كبير من الأهمية بحيث يمكن القول بأنهما قدما دفعة قوية لدراسات الاحتمال في القرن العشرين، وهما الاحتمال وصدق النظريات عند فيليب فرانك، ونظرية المجال عن وليم نيل، أحد أبزر فلاسفة العلم قاطبة.
وتناول في الفصل الرابع والأخير من الكتاب للتصور الابستمولوجي للاحتمال وفيه يستعرض ثلاث رؤي، الأولي كما وردت عن فون ميزس في مفهومه للمجموعة كسمة للتكرتار النسبي، ثم الدرس البوبري المهم في هذا الفرع الدقيق، عندما قدم نظريته الحاسمة في التحول من الابستمولوجيا إلي الاحتمال.
ويختتم الكتاب بمجموعة من النتائج مع إضافة ملحق خاص بتطور أهم دراسات الاحتمال من القرن السادس عشر وحتي القرن العشرين.