السياسة الخارجية المصرية على المحك!!
تابعت حوارا ممتعا للإعلامية المجتهدة رشا نبيل مع وزير الخارجية نبيل فهمى لفت نظرى فيه عدد من الملاحظات منها أن المذيعة حاولت جاهدة أن تستنطق ضيفها ولكنه بحكم وضعه الدبلوماسى كان متحفظا إلى حد كبير ولم يقل إلا ما يريد أن يقوله كمسئول عن ملف الدبلوماسية المصرية، وقدرت موقفه الصعب ولمست من ردوده أنه أصبح من واجباته تبرير القرارات والأوضاع فى مصر للآخرين، وعجبت عندما قال إنه كان يتمنى أن تكون نتيجة الاستفتاء على الدستور 80%،
حيث إن ذلك سيعفيه من الدفاع عن نتيجة الـ 98 % للعالم الخارجى، وفى تصورى أن هذه النتيجة كانت معبرة عن حالة حقيقية للشعب المصرى أكد من خلالها شرعية 30 يونيو فى مقابل شرعية أسقطتها الجماهير شكلا وموضوعا، وبالتالى لم نكن فى حاجة إلى الوقوف موقفا دفاعيا أو تبريريا بل كان المطلوب على وجه التحديد موقفا يشرح أن الدستور كان خطوة ناجحة لإعادة الأمن والاستقرار وهو أمر مرتبط بالمصلحة القومية.
خاصة أن من أساسيات رسم استراتيجية السياسة الخارجية لأى دولة لابد أن ترتبط بالمصلحة القومية ومن ثم أى قرار يجب أن يخضع لمقتضيات هذه المصلحة وعليه يصبح نجاح وظيفة المؤسسة المعنية بتنفيذ السياسة الخارجية هو اقترابها أو ابتعادها عن فكرة المصلحة القومية، وأنا أعلم أن الدبلوماسية المصرية تواجه تحديات نتيجة الموقف الداخلى وفى ظل تشويه متعمد للصورة الذهنية لمصر لدى الآخر ونتيجة المواقف الخارجية لعدد من الدول التى تتعارض مصلحتها مع حالة الاستقرار فى مصر وفى مقدمة هذه الدول تركيا التى ترى فى ضعف مصر إحياء لمشروع الهيمنة العثمانية وتحاول تنفيذه من خلال ما يسمى بالتنظيم الدولى للإخوان، وفى الوقت نفسه تمارس حكومة أردوغان شكلا من أشكال التعتيم على مشكلاتها الداخلية وبخاصة فيما يتعلق بملف الفساد الذى تورط فيه نجله شخصيا.
وتعتبر دويلة قطر أحد الأطراف الإقليمية الساعية لأداء دور مرسوم لها فى المنطقة من قبل أطراف أخرى من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل، ويتلخص هذا الدور فى احتضان فلول الإخوان الهاربين وتوظيف قناتها المسماة «الجزيرة» للهجوم على مصر والمصريين، وفى الوقت نفسه آملة فى أن يكون لها موقع رائد إقليمى وبالطبع هذا من الصعوبة تحقيقه لصغرها وضآلة ما تمتع به من ميراث تاريخى تحاول به أن تتعاظم على دول خليجية أخرى بالطبع فى مقدمتها المملكة العربية السعودية التى كان لها موقف إيجابى من البداية واحترمت إرادة الشعب المصرى ووقفت إلى جانب مصر قلبا وقالبا.
وفى هذا السياق يبرز تساؤل: هل الولايات المتحدة ترغب استقرار المنطقة؟ إن المتابع للسياسة الخارجية الأمريكية فى العشرين سنة الأخيرة يجد أنها تحولت من التدخل المباشر فى نزاعات المنطقة إلى التدخل غير المباشر بعد فشلها فى هدم العراق عام 2003، واعتمدت على توطين الصراعات مثلما حدث فى ليبيا ويحدث فى سوريا الآن وتحاول أن توظف ما يسمى بـ«ثورات الربيع العربى» فى هذا الاتجاه وتعمل ظهيرا لدول هى أدواتها بالمنطقة ليس من بينها مصر!!