تقرير يكشف كيف مهدت «نوبل» للصراع في تيجراي
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن "أدلة" تظهر بأن رئيس الوزراء الإثيوبي كان يخطط لشن الحرب في منطقة تيجراي الشمالية قبل حصوله على جائزة نوبل للسلام في 2019، أي قبل شهور من اندلاع الحرب في نوفمبر من العام الماضي، مؤكدا ان قرار الحرب كان "من اختياره" ولم "يفرض عليه" كما يدعى، ودعت إلى سحب الجائزة منه.
وقالت الصحيفة- نقلا عن مسؤولين إثيوبيين حاليين وسابقين تحدثوا للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويتهم- إن اتفاق السلام "غير المحتمل" الذي أبرمه رئيس الحكومة الإثيوبية مع إريتريا، في غضون أشهر من وصوله إلى السلطة في عام 2018، والذي دفع لجنة "نوبل" إلى منحه الجائزة على إثرها، بدلا من أن تشجع الزعيمين على السلام، كانت تمهيدا لقرار حرب، موضحة إن الحكومة الإثيوبية "خططت سرا" بالتعاون مع إسياس أفورقي، الزعيم الاستبدادي لإريتريا، لمسار حرب ضد خصومهما المشتركين في تيجراي.
ولفتت الصحيفة في تقرير تحت عنوان "جائزة نوبل التي مهدت الطريق للحرب" إلى أن الحرب في تيجراي أدت إلى سلسلة من الدمار والعنف العرقي التي اجتاحت إثيوبيا، مضيفة "كانت حربًا من اختيارات رئيس الحكومة الإثيوبية، حرب بدأت بالفعل حتى قبل حصوله على جائزة نوبل للسلام في عام 2019 والتي حولته- لبعض الوقت- إلى أيقونة عالمية للاعنف".
وأشارت إلى أن قرار الحرب لم يكن مجرد إنفاذ قانون أو عملية عسكرية للرد على هجوم قاعدة عسكرية فيدرالية في تيجراي، بل كان مخطط لها من قبل كل ذلك، ولم يضطر لها رئيس الحكومة كما كان يزعم.
ونوهت الصحيفة إلى أن السجلات العامة والتقارير الإخبارية تظهر أن الزعيمين الإثيوبي والإريتري التقيا 14 مرة على الأقل من وقت توقيع اتفاق السلام حتى اندلاع الحرب، فيما قال مسؤولان إثيوبيان سابقان للصحيفة الأمريكية إن الاجتماعات كانت في الغالب على انفراد دون مساعدين أو تدوين ملاحظات.
وتشير التقارير إلى أنهما التقيا "سرا" في ثلاث مناسبات أخرى على الأقل بين عامي 2019 و2020، وزار الزعيم الإرتيري صديقه في أديس أبابا بشكل غير معلن، على حد قول مسؤول سابق، وصدرت تعليمات لسلطات الطيران بالتزام الصمت.
وأضافت "نيويورك تايمز" إن المحللين يقولون إن رحلة رئيس الحكومة الإثيوبية من صانع السلام إلى قائد حرب هي قصة تحذيرية تظهر كيف أخطأ الغرب لهذا الزعيم بشكل خاطئ، مؤكدة أن "اللجنة المشرفة على منح الجائزة أخطأت في تقييمها للزعيم الإثيوبي الذي تحول من "صناع للسلام إلى قائد معارك بالتعاون مع حاكم مستبد".
ونقلت عن أليكس روندوس، كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي في القرن الأفريقي سابقًا، قوله "يحتاج الغرب إلى تعويض أخطائه في إثيوبيا، لقد أساءوا الحكم على رئيس الحكومة الإثيوبية وعززت رئيس إريتريا، والقضية الآن هي ما إذا كان يمكن منع بلد يبلغ عدد سكانه 110 ملايين نسمة من الانهيار".
وأشار إلى أن رئيس الحكومة الإثيوبية، وهو جندي سابق، اعتمد عند قبوله جائزة نوبل للسلام في ديسمبر 2019، على تجربته الخاصة ليصور ببلاغة مدى رعب الصراعات والحروب لكي يخدع الغرب ويصور لهم بأنه قائد استثناني.
من جهته، قال جيبريمسكل كاسا، المسؤول البارز السابق في إدارة الحكومة الإثيوبية والمقيم الآن في أوروبا: "منذ أن تسلم رئيس الوزراء الإثيوبي الجائزة، شعر بأنه أحد أكثر الشخصيات نفوذا في العالم".
فيما قال هنريك أوردال من معهد أبحاث السلام في أوسلو، إن لجنة نوبل النرويجية كانت تعلم أنها تغامر برئيس الحكومة الإثيوبية، مشيرا إلى أن إصلاحاته الداخلية كانت "هشة"، والسلام مع إريتريا "تركز على علاقته بأسياس الحاكم الاستبدادي الوحشي الذي لا يرحم أحد ومعروف بتشدده وقسوته في الحروب".