رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صلاح والمنتخب والسوشيال ميديا

 

مع كل مباراة لمنتخب مصر القومى لكرة القدم، يبدأ عدد من المحترفين فى «ملاعب السوشيال ميديا» والإعلام الرياضى، موجة من التنظيرات الموجهة ضد محمد صلاح.. «مستواه أقل منه مع ليفربول»، «وجود حراسة خاصة له داخل الملعب لا يليق»، «هو مش أكبر لاعب فى الفريق عشان ياخد شارة الكابتن»، وغيرها من التعليقات التى تبدأ فى الظهور بمجرد إطلاق الحكم صافرة النهاية، وسط تجاهل تام لأى أثر إيجابى له خلال المباراة التى يشاهدها الجميع، ويترقب ظهوره فيها، ولا تخلو واحدة منها من «أسيست» أو هدف، أو هجمة يصنعها ويشرف على تنفيذها وإتمامها صلاح، فتشعر أن هؤلاء لم يتابعوا المباراة إلا لهدف واحد وحيد، هو التعليق على «تقصير صلاح»، أو «تراجع أدائه»، فإن لم يجدوا غايتهم فى أحداث «الماتش»، يبقى «اطلع يا بنى بصور البودى جاردات».

ولأننى ممن يشكون فيما يتكرر من ظواهر، أو تحركات، خصوصًا على مواقع التواصل الاجتماعى، التى تحترف العمل من خلالها «كتائب الإخوان»، «وندابات أبوتريكة، لاعبهم المعتزل»، ومن لف لفهم، وينقاد لها الكثير من الغافلين عما يساقون إليه، كان لابد أن ألتفت إلى مثل هذه «التعليقات»، و«التغريدات» المصنوعة، التى يتم تداولها بصورة مصنوعة، وملفقة، وغير طبيعية.

قبل أى كلام، فالمؤكد أن صلاح ليس فوق مستوى النقد، ولا معصومًا من الخطأ، إلا أن تلك التعليقات التى أصبحت تتكرر بصورة مفتعلة ومفضوحة عقب كل مباراة، لا تفضح سوى جهل أو غباء مروجيها، إن لم تكن تفضح نفوسهم المريضة الكارهة.. 

ولنتوقف مثلًا عند «بوست البودى جارد»، الذى تداوله عدد لا بأس به «محترفو السوشيال ميديا»، وبعضهم للأسف من الصحفيين، والإعلاميين الرياضيين، الذين لم يكن يليق بهم الانسياق فى مثل تلك الحملات «المدفوعة»، على الأقل بحكم الخبرة والمعرفة بالسياق الذى ظهر فيه هؤلاء الحراس، فكلنا شاهدنا ما حدث من الجماهير مع محمد صلاح فى مباراة جزر القمر فى أبريل الماضى، عندما اقتحمت الجماهير الملعب، وحاصرت صلاح بصورة همجية، من كل جانب، يدفعونه ويجذبونه من قميصه، وهم يريدون التصوير معه، دون أى ضابط أو رابط، وكانت مسخرة شاهدها العالم كله، مما دفعه إلى الجرى منهم خارج الملعب.

وقتها قيل إن إدارة نادى ليفربول سوف تعيد النظر فى مسألة الموافقة على لعب صلاح لمباريات المنتخب، وقلنا إن ذلك حقهم، فالنادى يدفع مقابل كل دقيقة من حياة لاعبه الأهم، والأحرف، والأقدر على تسجيل الأهداف وصناعتها، وإمتاع جماهيره، ووقتها اعتذر اتحاد الكرة عما حدث من فوضى، ووعدت إدارته بإصلاح الخطأ، وكانت النتيجة هى ما رأيناه من وجود حراس يرافقون صلاح فى خروجه من الملعب، لكنهم لا يمنعونه مثلًا من الوقوف والتصوير مع «أمح الدولى» والاستماع إليه، ولا غيره من الذين يتصادف وجودهم خارج الملعب بشكل قانونى، وفقًا للتنظيم المتبع. وتبدو الاحترافية فى المسافة التى يتركونها لابننا لكى يتحرك فيها وفقًا لما يراه، وهذا حقه بالمناسبة، سواء كان الهواء ملوثًا بذلك الفيروس القاتل «كورونا»، أو غير ملوث به.. من حقه، ومن حق إدارة اتحاد الكرة وناديه البريطانى، الحفاظ على أمنه، وسلامته، ولو من الجماهير التى جاءت لمشاهدته والاستمتاع بلعبه، فليس من المحبة «الشد من الفانلة»، ولا «التدافع والالتصاق» بأحد، وليس من الإنصاف تجاهل أن مجرد وجود صلاح داخل المستطيل الأخضر يربك الخصوم، ويدفعهم دفعًا إلى إعادة حساباتهم، بل ويقلب نتيجة المباراة من هزيمة إلى تعادل ثم فوز فى دقائق، لدرجة أنه يدفع أحدهم إلى التسجيل داخل مرماه خوفًا من وصول الكرة إلى أقدام ابننا.

صنع صلاح هدفى تعادلنا مع «أنجولا» فقالوا «مستواه أقل عنه مع ليفربول»، وقلب دخوله الملعب نتيجة مباراتنا مع «الجابون» من الهزيمة إلى الفوز، فتحدثوا عن لقطة تسلمه «شارة الكابتن»، و«بص البودى جاردات»، ثم بدأت موجة المقارنة بميسى ورونالدو، وهو طريق أظن أننى أرى من الآن إلى أين يصل، رغم جهل مروجيه البين بما يحدث حول العالم، فهناك الكثير من اللقطات التى يظهر فيها حرس شخصى لميسى ورونالدو، وغيرهما الكثير من اللاعبين الكبار فى جميع أنحاء الكرة الأرضية، وهو ما لم يكن يحدث مع صلاح، وتم اللجوء إليه عندما استدعت الظروف ذلك، وعندما بانت «همجية البعض»، وسوء تقدير البعض، كان لا بد من تفعيل المتبع من القواعد، وتأمين «المستهدف» من اللاعبين على الأقل.

أصدقائى المنقادين لكتائب «الندابات»، لا تسيروا معهم فى طريق المقارنة، أو التقليل من أهمية قيادة صلاح لمنتخبنا القومى، فشتان الفارق بين ابننا المحب والمحبوب، وبين ذلك المنتسب لجماعة إرهابية.