من هو «ريمي سيلير» صاحب موسوعة «التاريخ العام للمؤلفين المقدسين والكنسيين»؟
تُحي الكنائس المسيحية اليوم ذكري رحيل ريمي سيلير من العلماء الأوروبيين الذين مهدوا لظهور علم كتابات الآباء وصاحب موسوعة "التاريخ العام للمؤلفين المقدسين والكنسيين.
وقال ماجد كامل الباحث في التراث القبطي، وعضو لجنة التاريخ القبطي، إنه يجمع العلماء في العالم كله أن أول من صك مصطلح علم كتابات الآباء Patrologia هو العالم اللوثري الألماني جون جرهارد (1582- 1673) كعنوان لكتابه الذي نشره عام 1653م .
وأضاف: إلا أن فكرة كتابة تاريخ الأدب المسيحي أقدم من ذلك بكثير جدًا؛ ولعل أول من مهدوا لها هو يوسابيوس القيصري (263- 340م تقريبًا) والملقب بـ"أبو التاريخ الكنسي".
وواصل: ولكن مع ظهور عصر النزعة الإنسانية على يد العالم الهولندي إيرازموس (1466- 1536) والفيلسوف الإنجليزي توماس مور (1478- 1535) بدأ الاهتمام يتزايد بالرجوع لكتابات الآباء لأسباب عملية أكثر منها علمية؛ منها أن عصر النهضة الأوربية نفسه الترجمة الدقيقة له هو البعث والإحياء، والمقصود به هو بعث وإحياء التراث القديم سواء الكلاسيكي أو المسيحي الأول، في ذلك العصر ولد الراهب البندكيتي ريمي سيلير (1688- 1761) وهو الراهب الذي أهتم بجمع وتصنيف كتابات آباء الكنيسة الأولين في 22 مجلد كما سوف نرى في هذا المقال.
وتابع: أما عن ريمي سيلير نفسه؛ فلقد ولد في 14 مايو 1688 بإحدى المدن الفرنسية؛ ولقد تدرج في مراحل التعليم المختلفة حتى حصل على درجته العلمية الأولى في علوم الإنسانيات والخطابة من الجامعة اليسوعية ثم ترهبن في أحد أديرة البندكيتتين (إحدى نظم الرهبنة الأوربية) وكان ذلك خلال عام 1705، ثم عين أستاذًا في تاريخ الكنيسة بنفس الدير؛ كما عمل رئيسًا للدير؛ ولقد تميزت فترة رئاسته للدير بنمو الدير وازدهاره ماديًا؛ روحيًا وفكريًا ولقد كان باكورة إنتاجه الفكري هو كتابة كتاب قام فيه بالرد على الاتهامات التي وجهها أحد الكتاب لكل من أثيناغوراس؛ كلمندس السكندري؛ أوغسطينوس وجاء الرد في حدود 40 صفحة، ولقد كان لنجاح هذا العمل دافعًا قويًا لسيلير لكي يستكمله بعمل أكبر وأهم؛ وهو عمل موسوعة ضخمة لكل آباء الكنيسة والقديسين.
وأصاف: ولقد ظهر المجلد الأول من هذه الموسوعة خلال عام 1729 واستمرت بقية المجلدات تظهر تباعًا حتى بلغت 23 مجلدًا؛ ولقد ظهر المجلد الأخير بعد وفاته، ولقد استمر ريمي سيلير في الكتابة والتأليف والتدريس حتى توفي في 17 نوفمبر 1761 عن عمر يناهز 73 عامًا قضاها كلها في خدمة العلم وتراث الآباء الأولين.
وتابع: أما عن موسوعته الضخمة "الكتابات العامة في التاريخ المقدس والكنسي للآباء الكنيسة الأولون وتشمل حياتهم – كتاباتهم – النقد الموجه اليهم – تحليل وسرد للطبعات المختلفة لأعمالهم وهذه الموسوعة تعتبر استكمالًا للعمل الضخم الذي قام به قام به العالم الفرنسي تليمونت قبله ولقد كانت أكثر أجزاء الموسوعة أهمية هي تلك التي غطت آباء الكنيسة الأولون في الستة قرون الأولى ولقد أستخدم سيليلر المنهج الذي تعلمه في دير الآباء البندكتيين.