رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دعوة لاتخاذ إجراءات عاجلة للقضاء على التفاوتات المخيفة في العدالة الجنسية

جريدة الدستور

أصدرت المفوضية رفيعة المستوى حول قمة نيروبي للمتابعة بشأن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية 25 تقريرها الأول، بعد عامين من قمة نيروبي التي اجتمعت خلالها الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص طواعيةً لتجديد الالتزام بتحقيق الوعود التي قُطعت في المؤتمر الدولي للسكان والتنمية التاريخي الذي انعقد في القاهرة في عام 1994.
والمفوضية هي هيئة استشارية مستقلة تضم قادة بارزين من جميع أنحاء العالم تم تشكيلها لمتابعة التقدم المحرز، في تحقيق التعهدات الإثني عشر الواردة في بيان نيروبي ، وفي تقريرها بعنوان "لا استثناءات.. لا إقصاءات"، أوضحت المفوضية وجود تقدم في بعض الالتزامات، إلا أنها لاحظت بشكل عام وجود تراجع كبير في الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية في جميع أنحاء العالم، وتدعو إلى اتخاذ إجراءات طموحة ومدروسة وشاملة لتحقيق العدالة الجنسية والإنجابية للجميع، ولا سيما النساء والفتيات.
وأوضحت الحاكمة السابعة والعشرون لكندا والرئيسة المشاركة للمفوضية، السيدة/ ميشيل جان، أن "العجز في التمويل والتباطؤ المخيب للآمال في المساءلة السياسية وفشل الحكومات في تعزيز النظم الصحية وتدعيمها وجعلها مرنةً ومتاحةً للجميع قد أضر بشكل كبير بحقوق النساء والفتيات."
وعلى خلفية وباء (كوفيد-19) وتضارب الأولويات المالية، يسلّط التقرير الضوء على أن غياب خدمات الصحة الجنسية والإنجابية والحقوق الإنجابية الأساسية -وفقًا لالتزامات نيروبي وأهداف التنمية المستدامة- قد أدى إلى زيادة وفيات الأمومة والحمل غير المقصود والإجهاض غير الآمن والعنف القائم على النوع الاجتماعي وزواج الأطفال.
ووفقا لبيان صادر اليوم الثلاثاء، عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، كشفت الجائحة أيضًا النقاب عن التفاوتات الصارخة، بين الأشخاص الذين يواجهون أشكالًا مختلفةً ومتشابكةً من التمييز على أساس الجنس والعرق والعمر والإعاقة والفقر ووضعهم كمهاجرين أو لاجئين.
تجدر الإشارة إلى أن النساء والفتيات حتى لو تمكنوا من الوصول إلى الخدمات، فإن هذا لا يضمن قدرتهن على ممارسة حقوقهن -أو الاستفادة من الخدمات- كما أنهن من أكثر الفئات تخلفًا عن الركب.
وتثبت البيانات هذه المعلومة أن 94 % من وفيات الأمومة التي يمكن تجنبها تحدث بين النساء الفقيرات في البلدان منخفضة الدخل، فعدم القدرة على الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية هو أحد الأسباب الرئيسية لوفاة النساء والفتيات في حالات الأزمات الإنسانية، كما أن زواج الأطفال أكثر شيوعًا بين الفتيات الفقيرات والأقل تعليمًا.
وتدعو المفوضية إلى تغيير جريء في المسار: من أجل أجندة العدالة الجنسية والإنجابية، حيث أوضح الرئيس السابق لجمهورية تنزانيا والرئيس المشارك للمفوضية، جاكايا كيكويتي، أنه "يجب علينا أن نذهب إلى ما هو أبعد من مجرد الوعد بتحقيق الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية، وأن نضمن امتلاك الأشخاص للقدرة على ممارسة حقوقهم من خلال القضاء على العديد من العوائق التي يواجهونها في النظم الصحية وداخل أسرهم ومجتمعاتهم."
ووفقا للتقرير، فإنه من الضروري أن تكون الصحة الجنسية والإنجابية والحقوق الإنجابية من ضمن الخدمات الأساسية، في التغطية الصحية الشاملة والأنظمة الصحية الأقوى والأكثر مرونةً -وأن تكون هذه الخدمات مجانيةً.
ونوه التقرير إلي أنه يجب على النساء والمراهقين والشباب وجميع أولئك الذين لا يزالون أبعد ما يكون عن إعمال حقوقهم، أن يشاركوا ويكون لديهم مساهمات أكثر وضوحًا وتأثيرًا في تحديد كيفية تلبية الرعاية الصحية لاحتياجاتهم ودعم حقوقهم، بينما يجب على الجميع التصدي لمن يحاولون الرجوع للوراء والقضاء على ما تم إحرازه من تقدم في هذا الصدد.
علاوةً على ذلك شدد التقرير على أنه يجب توسيع نطاق الرعاية الذاتية الناجحة وخيارات الصحة الرقمية -التي تولدت من خضم الصعوبات الناجمة عن الجائحة- إلى جانب اتخاذ خطوات مدروسة لسد الفجوة الرقمية في مجال النوع الاجتماعي.
وفي حدث مباشر استضافه صندوق الأمم المتحدة للسكان بمناسبة تقديم تقرير المفوضية وشهد مشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من جميع أنحاء العالم، قالت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة ناتاليا كانيم: "إن العدالة الجنسية والإنجابية هي الطريقة التي نحقق من خلالها الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية للجميع، من أجل كل ما هو جيد، حيث يتوقف تحقيق العدالة على اتخاذ إجراءات طموحة ممولة تمويلًا جيدًا من أجل الوفاء بالتزاماتنا وتحقيق جميع وعود برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بشكل نهائي."
كما أثنت الدكتورة كانيم على المفوضية وشكرتها على عملها المهم والجهود الكبيرة التي تبذلها، كي تضمن حفاظ المجتمع الدولي على الزخم الذي تولد عن قمة نيروبي التاريخية ، بشأن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية 25 المنعقدة في عام 2019 والوفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها.
وبعد أكثر من 25 عامًا من الوعود التي قُطعت في قمة القاهرة، لا تزال أنماط الظلم تقوض قدرة الإنسان على الصمود ورفاهية الجميع، وبما أن العالم يواجه حالة طوارئ مناخية، ونزاعات متزايدة، واحتمالية تضاعف الاحتياجات الإنسانية بحلول عام 2030، فهناك احتمالية قوية أن هذه التفاوتات الموجودة والمتشابكة قد تتفاقم، مع ما يترتب على ذلك من آثار على الأفراد والأسر والمجتمعات والبلدان وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويؤكد التقريرعلى أن الجائحة أعاقت تقدمنا نحو هدفنا الجماعي المتمثل في مستقبل أفضل وأكثر مساواةً لجميع النساء والفتيات، ومع ذلك، فإن الجائحة -وفقًا لتقرير المفوضية- قد أتاحت لنا الفرصة لتحويل تركيزنا نحو العدالة الجنسية والإنجابية، مدعومين في ذلك بالإرادة السياسية والاستثمارات الشاملة للجميع التي تستجيب لاحتياجات جميع النساء والفتيات، وعلى هذا النحو يمكننا أن نضمن حصول جميع النساء والفتيات على الرعاية الصحية والموارد التي يحتاجون إليها من أجل المطالبة باستقلالهن الجسدي ومستقبلهن.