رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زواج فى سجن بيلمارش!

الأسترالى جوليان أسانج، ٥٠ سنة، مؤسس موقع «ويكيليكس»، بات بإمكانه الزواج فى سجن «بيلمارش»، شديد الحراسة، جنوب شرقى العاصمة البريطانية، لندن، حيث لا يزال ينتظر نتيجة طلب تسليمه إلى الولايات المتحدة. وعلى خلاف ما جرى تداوله، طوال شهور، قالت إدارة السجن إنها تلقت طلب «أسانج» وفحصته وتعاملت معه بالطريقة المعتادة، التى تتعامل بها مع أى سجين آخر.

الزوجة هى ستيلا موريس، ٣٧ سنة، محامية جنوب إفريقية، أنجبت طفلين من أسانج، حين كان لاجئًا لدى سفارة الإكوادور فى لندن. وكانت قد أعلنت منذ أسابيع عن اعتزامها بدء الإجراءات القانونية ضد رفض السلطات البريطانية السماح لها بالزواج، واتهمت دومنيك راب، وزير العدل البريطانى، وجينى لويس، رئيسة سجن بيلمارش، بإساءة استخدام السلطة، لـ«حرمانهما وأطفالهما من حقوقهم المشروعة». 

المتداول هو أن «أسانج» و«موريس» طلبا الحصول على إذن بالزواج، فى مايو الماضى، وبعد تجاهل الطلب، راجعت «موريس» مكتب مديرة السجن، فى ٧ أكتوبر، لكنها لم تتلق أى رد، ما اضطرها إلى التهديد بإقامة دعوى قضائية ضد وزير العدل ورئيسة السجن. وتعليقًا على خبر السماح بالزواج، كتبت فى حسابها على «تويتر»، أن الحكومة البريطانية تراجعت قبل ٢٤ ساعة من الموعد النهائى. وأضافت: «أشعر بالارتياح، لكننى لا أزال غاضبة، لأننا كنا بحاجة إلى اتخاذ إجراء قانونى لوضع حد للتدخل غير القانونى».

أسس «أسانج» موقع «ويكيليكس»، سنة ٢٠٠٦، ونشر فيه وثائق سرية، وسرية جدًا، كشفت عن قضايا تجسس وجرائم حرب وأسرار دبلوماسية، مع تسلط الضوء على الجرائم التى ارتكبها الجيش الأمريكى فى العراق وأفغانستان و... و... وهكذا، أصبح، بحسب أحد كتاب سيرته، «أخطر رجل فى العالم»، وتناولت كتب وأفلام وثائقية عديدة تفاصيل قصته وقضيته من مختلف جوانبها، أبرزها فيلم «السلطة الخامسة»، سنة ٢٠١٣، وفيلم «خطر» الذى تم عرضه، سنة ٢٠١٦، فى مهرجان كان.

كانت السويد تلاحق «أسانج» بتهمة اغتصاب، تم إسقاطها لاحقًا، حين لجأ إلى سفارة الإكوادور فى لندن، وظل بها لمدة سبع سنوات، إلى أن تمكنت السلطات البريطانية، فى أبريل ٢٠١٩، باتفاق مع السفير الإكوادورى، من إخراجه من السفارة، وأودعته فى ذلك السجن، شديد الحراسة، لـ«يتلقى معاملة تشبه إلى حد ما معاملة الإرهابيين»، بحسب نيلز ميلتسر، الخبير القانونى بالأمم المتحدة، الذى أكد أن السلطات البريطانية تقوم بتطبيق «نظام قاتل» يهدف إلى جعل «أسانج» عبرة لمن يعتبر.

لم توجه بريطانيا أى اتهامات إلى «أسانج».. لكن الاتهامات التى وجهتها إليه وزارة العدل الأمريكية تصل عقوبتها، حال إدانته، إلى السجن لمدة ١٧٥ سنة. وفى يناير الماضى، رفض القضاء البريطانى تسليمه لأنه «يعانى من التوحد والاكتئاب وقد يقدم على الانتحار فى السجون الأمريكية». غير أن واشنطن طعنت على القرار أمام المحكمة العليا فى لندن، التى بدأت تعقد جلسات استماع، أواخر أكتوبر الماضى، اتهم خلالها محامو «أسانج» المخابرات المركزية الأمريكية بالتخطيط لاغتياله. كما سبق أن ذكرت وسائل إعلام، أمريكية وبريطانية، أن مسئولين أمريكيين ناقشوا إمكانية اغتيال «أسانج»، أو اختطافه من سفارة الإكوادور. 

مع الفضائح والجرائم وأساليب المراقبة التى تستخدمها المخابرات الأمريكية، نشر موقع «ويكيليكس»، أيضًا، رسائل بريد إلكترونى لمسئولين حكوميين وسياسيين، كان أبرزهم هيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة. والطريف، أن «أسانج»، بعد أن وعد بنشر رسائلها، اجتمعت «كلينتون» بعدد من ضباط الجيش الأمريكى والمخابرات المركزية، لمناقشة كيفية منعه من نشرها، ثم أظهر تسريب جديد، أنها اقترحت خلال ذلك الاجتماع، اغتيال مؤسس «ويكيليكس»، بقولها: «ألا يمكننا إرسال طائرات دون طيار لذلك الرجل؟». وطبقًا للوثيقة المسربة، فقد استقبل المشاركون فى الاجتماع السؤال أو الاقتراح بالضحك، معتقدين أنها تمزح، لكنها استمرت فى الحديث بمنتهى الجدية!

الخلاصة، هى أن الزواج فى سجن بيلمارش، جاء بعد رحلة طويلة، ظل خلالها العريس والعروس وآخرون «يقاتلون من جديد ضد الاحتلال الرومانى»، بحسب العدد ٣٦ من السلسلة الفرنسية المصورة الشهيرة «أستريكس»، Astérix. وفيه قام «أستريكس» وصديقه «أوبيليكس» بمغامرة للدفاع عن حرية التعبير ومواجهة الرقابة، التى يفرضها عدوهما التقليدى، شاركهما فيها صحفى اسمه «دوبلبوليميكس»، قال مؤلف العدد جون إيف فيرى، إن شخصيته مستوحاة من جوليان أسانج.