رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية: لنمسح ألم اللاجئين

.. تعد حالة اللاجئين السوريين، في الأردن، من سكان المخيمات، أو الذين اختاروا السكن في معظم المدن الأردنية، أو الذين لجأوا عند بعض من أقاربهم أو أصهارهم في مناطق الجوار السوري الأردني، شمال المملكة. 
اليوم، أطلقت وزارة التخطيط والتعاون الدولي في الأردن، ما بات بعرف بـ"خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية"،.. وهي خطة تعيدنا إلى علامة فارقة، أسس لها الملك عبدالله الثاني، ملك الأردن، عندما اجترح إرادته وتحدى لكل الظروف، واعتبر اللاجئين السوريين، أهلا وأشقاء أعزاء، وهي فعلا علامة تركت اثرها عربيا ودوليا وأمميا. 
في حيثيات  أزمة اللاجئين السوريين، ذلك ما جاء في النطق السامي، فقد كان لخطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في قمة القادة حول أزمة اللاجئين، القمة التي عقدت على هامش الاجتماع الحادي والسبعين للجمعية العمومية للأمم المتحدة، في الولايات المتحدة، يوم 20 أيلول/سبتمبر 2016، وفيه نبه جلالته إلى ضرورة الوعي بأن : 
"جميع الدول متفقة على أن أزمة اللجوء السوري ستظل قائمة أمامنا جميعا لسنوات، وبالتالي فلا بد من حل مستدام. وإذا ما تخلى العالم عن الدول المستضيفة للاجئين وتركها لمصيرها، فإن هذا لا يعني أن المشكلة ستختفي، بل إن الأزمة ستمتد وتنتشر، وهو الأمر الذي سيطيل من الوقت الذي نحتاجه لإنهاء هذه المحنة، ولا يمكن حينها أن نتخيل حجم المعاناة الإنسانية الناتجة". 
.. وبمثل إرادة وقوة وتحدي الملك الهاشمي، وإيمان بأن الأزمة السورية لا حل لها إلا عبر الحل السياسي، وهو الفكر الذي تبناه الملك وقدمه لكل الدول. 
الآن. 
.. ومع ما أعلن وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة، الذي أطلع  عدداً من سفراء وممثلي الدول المانحة على التحديات الاقتصادية التي تواجه المملكة والأعباء الاقتصادية الناجمة عن موجات اللجوء السوري والنموذج الأردني  للتعامل معها. 
كان الوزير الشريدة، حاثا المجتمع الدولي لتمويل خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية، وهي الخطة المنبثقة من متابعة وإصرار ورؤية الملك الهاشمي عبدالله الثاني، التي شكلت إرادة ورؤية دائمة أمام كل الحكومات الأردنية، ذلك أن جلالة الملك، بين في مساعيه المحلية الأردنية، والعربية والدولية، والأممية، طبيعة التبعات التي يتحملها الأردن، نتيجة استمرار وتصاعد أسباب الاختلاف، ما وضع  الأزمة السورية على محك السياسة الدولية، وجيوسياسي الأمن والسلم العالمية. 
عمليا، أكد وزير التخطيط، أن المملكة، استضافت أكثر من "3ر1 مليون" من اللاجئين السوريين، على الأرض الأردنية، الأمر الذي  فاقم من الأعباء على الموازنة العامة والمجتمعات المستضيفة والخدمات العامة. 
الملك عبدالله، وخلال عقد من الصراع وديمومة الأزمة السورية، خاطب المجتمع الدولي، والمنظمات والهيئات الدولية، للنظر إلى استراتيجيات العمل والتنمية والاحتواء، لازمة اللاجئين السوريين، وبذات الوقت حرص القائد الأعلى، على أن تعمل الدولة الأردنية ما يمليه عليها الواجب الإنساني، فكانت وزارات ومؤسسات والقوى الأمنية والأجهزة المعنية في الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، يدا واحدة مع الملك الهاشمي، الذي، عزز روح الصبر والمثابرة وتلبية النداء الإنساني، ما وفر حماية ورعاية وصحة وتعلية وثقافة وفنون، شملت كل لاجئ. 
.. ونحن اليوم، يدا بيد، ومن خلال واجبنا في الإعلام الأردني الوطني، نرفع الصوت ونردد النداء، لتوفير التمويل الكافي لدعم "خطة الاستجابة الأردنية للعام الحالي 2021"، والتي تم إعدادها وتحديثها من خلال جهد تشاركي بين جميع الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، ومنظمات الأمم المتحدة، والدول المانحة، والمنظمات غير الحكومية، التي تضمنت مكونا جديدا للخطة، بهدف التعامل  مع جائحة كورونا، وتداعياتها، حيث تبلغ الاحتياجات المالية للخطة حوالي "4ر2 مليار" دولار أمريكي، غايتها تلبية احتياجات اللاجئين والمجتمعات المستضيفة، وكذلك لتمكين الحكومة من الاستمرار بتقديم الخدمات الأساسية للاجئين السوريين، والتي لم تنقطع تحت كل الظروف، وفي ظل تداعيات جائحة كورونا.
بهمة الملك الهاشمية، نرتقي، ونعمل في الإعلام والمؤسسات كافة، لحث ودعوة المجتمع الدولي، الانتباه والاطلاع على الجهود التي قامت بها الدولة الأردنية، تجاه اللاجئين السوريين، وما وفر لهم من خصوصية ورعاية في مجالات التعليم والحماية وسبل العيش والصحة بما في ذلك توفير اللقاحات للاجئين ضد كورونا وغيرها من الخدمات. 
.. يشكل دعم المجتمع الدولي، لهذة الخطة، ضرورة ملحة جدا، لتمكين المملكة من الاستمرار بالقيام بالدور الإنساني، مع توفير الأمن والأمان، وهو الذي تقوم به، الحكومة الأردنية، نيابة عن المجتمع الدولي تجاه اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها.
.. لنعمل معا، ونحن أمام المجتمع الدولي والأممي، على تفهم جاد وحقيقي وتقني للتحديات التي تواجه الأردن والأعباء المترتبة على استقبالها للاجئين بما في ذلك أولوية دعم خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية، وهو ما أمن به سفراء وشخصيات ومنسقين ورجال أعمال في مؤسسات المجتمع المدني، عدا عن أفراد المؤسسات الدولية والتوعية المنتشرة في البلاد، وقد عبروا عن ضرورة التركيز على نوعية وفعالية المساعدات للتعامل مع هذه الأزمة بالشكل الأمثل.

الخطة الأردنية، جهد عملي مهم، منظم، قياسي ويناظر أرقى خطط إدارة الأزمات وسبل التخطيط الاستجابة المطلوبة، وتأتي في ضوء التدني الملحوظ بحجم الدعم المقدم، بالتجربة لخطة الاستجابة الأردنية للازمة السورية من قبل الجهات المانحة خلال العامين الماضيين، برغم قسوة الظروف والاستجابة الأردنية الإنسانية التي تابعت خدمة اللاجئين، دون نقص، أو تعب. 
.. عمليا، ومع إرادة جلالة الملك، فإن لجلالته رؤيته المعلن التي، تضعنا وتضع المجتمع الدولي أمام الخطة ادعمها وتعزيزها استنادا إلى:
*أولا: وضع الأردن خطة مستدامة وفعالة تعتمد على تحقيق أهداف تنموية لدعم المجتمعات المستضيفة واللاجئين على حد سواء..

*ثانيًا: ضرورة العمل كفريق واحد. فأزمة اللاجئين لا تتطلب الالتزام فقط، بل المتابعة الحثيثة أيضا. فأي حلّ فعّال طويل الأمد وقائم على أسس تنموية يحتاج إلى انخراط الدول المستضيفة والجهات المانحة والقطاع الخاص كذلك؛ حيث سيؤدي نقص التمويل، وانعدام المشاركة إلى تقويض الأهداف المشتركة.

*ثالثا: ترجمة التعهدات التي صدرت عن مؤتمر لندن، وما سيتبلور عن هذه القمة إلى نتائج ملموسة على الأرض، وحيثما استدعت الحاجة لتعزيز القدرات والمنعة الاقتصادية على المستويات الوطنية وعلى نطاق المجتمعات المحلية. وهنا لا بد من التأكيد أن للقطاع الخاص دور مهم يلعبه، وهذه قمة ما نادى به الملك قبل 5 سنوات في قمة القادة بالأمم المتحدة.

*خامسا: كانت دعوة الملك المهمة، أن الحل المستدام الحقيقي يجب أن يبدأ بحماية النساء والأطفال داخل سوريا ضد الاستغلال البشع لهم من قبل داعش والعصابات الإرهابية الأخرى، الذين يمارسون الاتجار بالبشر ويستغلون موجات النزوح. فمن واجب المجتمع الدولي أن يقدم العون والدعم للمواطنين داخل سوريا، وأن لا ينتظر حتى تتفاقم أزمة اللاجئين بشكل أخطر.

تعتبر وزارة التخطيط والتعاون الدولي بموجب قانون التخطيط رقم 68 لسنة 1971 "حلقة الوصل بين جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية وبين مصادر التمويل الخارجي من الدول المانحة ومؤسسات التمويل الدولية وغيرها". وعليه، فإن الوزارة هي الجهة الحكومية الوحيدة المخولة بالتعاقد على المساعدات الخارجية وتخصيصها للبرامج والمشاريع التنموية ذات الأولوية وبما يتوافق مع البرامج التنموية التنفيذية التي يتم تبنيها وفقاً لوثيقة "رؤية الأردن 2025" وخطط الاستجابة الأردنية للأزمة السورية المتتابعة "تجدد سنوياً لتحديد احتياجات الأعوام الثلاث المقبلة" والتي يتم إعدادها بالتنسيق الحثيث مع مختلف الوزارات القطاعية والدوائر والمؤسسات المعنية وبالتشاور مع المجتمع الدولي، وبالاعتماد على تقارير تقييم الاحتياجات والمعدة من قبل الأمم المتحدة، وذلك لمساعدة المملكة في الاستجابة بشكل أفضل لأزمة اللاجئين السوريين.

على مدى الأعوام الأخيرة، أصبح الأردن مؤهلاً للحصول على مساعدات تنموية رسمية من مختلف الدول والجهات المانحة ومؤسسات التمويل الدولية ومؤسسات التمويل متعددة الأطراف والمنظمات الدولية والذي يأتي تقديراً من المجتمع الدولي للدور ‏الكبير الذي يلعبه الأردن في استقرار المنطقة، ونتيجةً لجهود الملك عبد الله الثاني، ودوره وحضوره في المجتمع الدولي عربيا وإسلاميا ودوليا، وأمميا.

.. ما وضع أمام المجتمع الدولي، مسئولية إنسانية حضارية، تعني أنه وفي  ضوء التقدير ‏العالمي للنموذج ‏الأردني الهاشمي، في التعامل مع اللاجئين، وتفهم الجهات ‏المانحة بالتحديات التي تواجه الأردن بسبب الظروف الإقليمية الراهنة والأزمات التي تمر بها المنطقة.‏ 
.. الملك، والدولة الأردنية، خلية أزمة، تدير الواقع والأحوال وتتصدى لكل أشكال الإحباط أو المتخاذل، عربيا أو دوليا، فما يحدث في العالم من تداعيات سياسية واقتصادية وصحية وتربوية، رفع كلف العمل والإنتاج والحماية والأمن.. لهذا فمن الضروري أن نتكاثف لدعم خطط الاستجابة الأردنية للأزمة السورية، الخطة "الوطنية" الأولى من نوعها، التي تعد نموذجا عالميا يحتذى به في التعامل مع أزمات اللجوء، وقد شملت، عبر تجارب وسنوات التعامل مع اللاجئين السوريين على محاور عدة منها:
*محور: الاستجابة لاحتياجات اللاجئين الإنسانية واحتياجات الأردن التنموية ضمن إطار شمولي موحد. 
*محور: دعم اللاجئين، بشكل عام، ونترقب وتحري ظروفهم. 
*محور: دعم المجتمعات المستضيفة "تعزيز المنعة". 
*محور: دعم الموازنة العامة. 
*محور: تعزيز المنعة الوطنية وقدرات الاستجابة المحلية، بما في ذلك استجابة المجتمع المحلي للتواصل وخدمة مجتمع اللاجئين. 
استجابة العالم، خصوصا الدول الكبرى، الدول الصناعية، الدول الغنية، الخليج العربي، الهيئات والمنظمات الدولية، قضية أساسية لجعل خطة الاستجابة، وتمويلها، نقطة مهمة لتكاملية وتشابك وتواصل الجهود العالمية، التي تنادي إلى حل سريع ووفق تسوية سياسية سورية، وكل ذلك يؤدي إلى حلول سريعة لتحقيق مستقبل مشرف لكل اللاجئين، وهذ عمليا، سيستغرق سنوات، ما يعني تأخر حل أزمة اللاجئين، لهذا نرفع الصوت دوليا، لكي يدعم المجتمع الدولي الخطة ويسهم في مسئوليته الإنسانية والأمنية.

 

ويستضيف الأردن أكثر من 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة في 2011، بينهم 669,922 لاجئا مسجلا لدى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لغاية 15 آب/أغسطس الحالي، من أصل أكثر من 5 ملايين لاجئ سوري في الأردن، ودول مجاورة.
.. العالم يقدر ويعلم، أنه ليس كالملك الهاشمي عبد الله الثاني، إدراكا وحماية وإرادة، دعا إليها عندما التقى في  أيلول الماضي، المدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية ديفيد ميليباند، في نيويورك، ولفت الملك إلى حاجتنا إلى نهج تنموي دولي للتصدي لتبعات أزمة اللاجئين، مؤكدا استمرار المملكة في تقديم الخدمات للاجئين السوريين، أن الأردن "مستمر بتقديم الخدمات الصحية والتعليمية والإنسانية للاجئين السوريين، رغم الانخفاض الحاد في المساهمة الدولية لخطة الاستجابة الأردنية لأزمة اللجوء".

هي خطة، مفتوحة الجناحين أمام العالم، ويرتقي الملك، إلى تأكيد أهميتها، ذلك أن "جهود الأردن وغيره من الدول المستضيفة لا تعفي المجتمع الدولي من مسؤولياته تجاه اللاجئين".


ويعيش في الأردن، الذي يعد ثاني أعلى دولة في العالم بعدد اللاجئين مقارنة مع عدد السكان، 757.714 ألف لاجئ، منهم 669.497 ألف سوري، و66.670 ألف عراقي، و13.393 ألف يمني، و6009 سودانيين، و696 صوماليا، و1449 من جنسيات أخرى.

. وأنت في مملكة أبى الحسين، سمو ولي العهد، داخل وخارج مخيمات اللجوء، بين بيوتنا وفي مدارسنا ومستشفياتنا، نعيش يدا بيد، لنمسح ألم اللاجئين، ونحميهم كتفا بكتف مع قواتنا المسلحة والأجهزة الأمنية. 


حسين دعسة مدير تحرير جريدة الرأي الأردنية