«تأملات في الرواية العربية» و«ملحمة أم المماليك» جديد دار غراب للنشر
يصدر قريبًا عن دار غراب للنشر والتوزيع، كتاب نقدي جديد تحت عنوان "كرسي في البلكونة.. تأملات في الرواية العربية"، من تأليف الناقد الدكتور محمد أبو السعود الخياري، والذي يشير، في مقدمته للكاتب إلي: لا يجتمع النقد الجاد الشريف مع حاجة الناقد لخدمات المبدعين أو اهتمام الصحفيين أو رضا وانتباه الناشرين. لا تغريه جائزة كبيرة؛ ولا يضعفه نشر مقالة بمجلة شهيرة، ولا يهتز لديه الوقار إذا حل ضيفا في حوار. وما إن تخلص الناقد من ذلك كله مكتفيا بأصدقاء ثلاثة: ضميره وعقله وقلمه؛ إلا صار ناقدا حقيقيا؛ يكتب ما يشاء دون تردد، ودون اهتزاز؛ يطبق المعايير بدقة وحكمة؛ لا يخشى إلا الله، ولا يعتبر نفسه خادما إلا لقارئه؛ يطرد المجاملة من عالمه ويجلس مكانها العدالة؛ يفضل المباشرة والوضوح على المجاز؛ يصف الظواهر ويذكر الأسماء ورزقه الثقافي دائما على الله.
ويتابع الدكتور محمد أبو السعود الخياري، في مقدمة كتابه "كرسي في البلكونة.. تأملات في الرواية العربية": دخل "يوسف زيدان" حارة الرواية المصرية في سن المعاش المبكر؛ ويذكر الحرافيش الذين تصادف جلوسهم يسندون الحائط لدى باب الحارة حينها أنهم رأوه في مظهر أسطوري غريب يرتدي بذلة رمادية تغير لونها في بعض المناطق فوق كتفيه، وتبين بعد عام أنها كانت آثار غبار حمله على كتفيه بعد سنوات قضاها في سرداب المخطوطات بالإسكندرية.
قدم سبع روايات وبالرغم من ذلك العدد المرضي إلا أن العامة من جيرانه قد قرعت مسامعهم بعض مرة نوبات الشجار الحاد بينهما ــ هو والرواية ــ وبات الأمر واضحا؛ فهي لم تمثل له أبدا حب عمره؛ بل كانت أزمة منتصف العمر.
أما "إبراهيم عيسى"، فقد دخل حارة الرواية المصرية دون استئذان؛ يمتطي دابة الإيديولوجيا كثيرة الضجيج؛ وفجأة تجمع أهل الحارة ذاهلين يرونه يشرع في الركوب فوق ظهر الفن. ليس وحده ولكن مع دابته؛ وسمع الجميع حتى الجالسون هناك على مقهى "ريش" صوت أنين الفن وهو يحملهما معا ".
ــ رواية "ملحمة أم المماليك" رحلة استثنائية تربط حاضرنا بماضينا
في سياق متصل، تطرح دار غراب للنشر والتوزيع، رواية تاريخية تحت عنوان "ملحمة أم المماليك"، من تأليف الدكتور محمد عبد العزيز.
ومما جاء على الغلاف الخلفي للرواية نقرأ: "هل تتأهب لرحلة عبرَ الزمن؟ لا لن نستخدم تلك الآلة الأسطورية حتى تنقلنا عبر العصور، سأصطحبك معي بين دفتي هذه الرواية، لنعود معًا عبر دروب الماضي، سنعود قرابة ثلاثمائة عام، سنجوب سويًّا شوارع المحروسة، سأمنحك عدسة إضافية؛ لترى وجوه المصريين والمماليك بتقنية التجسيم ثلاثي الأبعاد، ستلمس بأناملك ما كانوا يرتدونه، ستستنشق عبق البيوت، وروائح القصور، سترى دخان المعارك، وتصغي إلى أصوات الرصاصات المدوية، ستقابل أوغادا وخونة وتتعرف عن كثب على أبطال ومجاهدين، سترتوي من سبيل الست نفيسة البيضا، وتتعرف على ذات البهاء المتلألئة، ربما تجد نسخة منك عاشت قبل ثلاثة قرون، ستصادفها بين ثنيات الرواية، وتتعرف على نفسك من جديد.
ستلتقي قادة وزعماء وجوارٍ وعبيد، وتتكلم مع الصفوة والعوام. ستقف وجهًا لوجه أمام علي بك ونابليون، ستتاح لك الفرصة أن تتحاور مع مراد بك و محمد علي باشا.هذه ليست رحلة عادية، بل هي رحلة استثنائية تربط حاضرنا بماضينا، وتجربة تستحق أن تخاض.
ومما جاء في رواية "ملحمة أم المماليك"، للكاتب دكتور محمد عبد العزيز: فتعالي صوت سنابك الخيل مثيرةً حولها عواصفَ من غبارٍ محتدم، كانت أربعة جياد عربية أصيلة تجر خلفها عربة محاطة بشراشف بيضاء، يرقد بداخلها جسد مثخن بالجراح، وخلف العربة عشرات من الأحصنة يقودها جنود ببزات عسكرية في موكب مهيب يليق بصاحب الجسد الجريح.
جذب قائد العربة لجام الجياد في قوة معرقلاً سيرها الحثيث، واستقر بها مباشرة أمام سرايا الوالي الواقعة في درب عبد الحق بالأزبكية.
اندفع الجنود في همة ليحملوا المحفة التي يرقد عليها "علي بك الكبير"، الذي غشيت وجهه آثار دم قد تجلط بالقرب من عينيه، واكتظت حول جذعه أربطة من كتان تنضح دماً.
تولي حمل المحفة أربعة رجال بينما ترجل "محمد بك أبو الدهب" عن فرسه الأشهب، سابقاً الجميع بخطوات واسعة نحو باب السرايا، متطلعاً نحو امرأة ثلاثينية بارعة الجمال مكتنزة الجسم شاهقة البياض يشوب وجهها حمرة خفيفة، أزدادت لما بثت الشمس طلائعها عليها، واسعة العينين رقيقة الشفتين ذات شعر أحمر منسدل علي كتفيها، احتل الهلع جنبات عينيها، واسُتنفر الدمع من مقلتيها فخرج كسيلٍ حط من عل.