رومانسية «السيسى»

بعض المواطنين وفريق من المثقفين لا تروق لهم طريقة السيسى فى مخاطبة الشعب أو النخبة المدنية التى يتعامل معها، ثقافة المصريين مع الزعماء ورجال القوات المسلحة لا تتضمن الأسلوب الهادئ الرومانسى الذى يستخدمه وزير الدفاع وقائد عام الجيش المصرى، الناس يعرفون حماس عبد الناصر وعصبية السادات وجبلنة مبارك، ولكنهم لم يتعاملوا من قبل مع زعيم عسكرى يقول لهم إنهم «نور عينين» الجيش أو أشياء من هذا القبيل، ولم يتعاملوا أيضا مع زعيم عسكرى يملك كل هذا القدر من الهدوء، ويتحدث بصوت خفيض ويبتعد عن الصياح والهتاف والتشنج والتهديد والأسلوب الاستعراضى. كما أن السيسى لا يتطرق فى خطاباته العامة أو الخاصة إلى تناول الأشخاص، فحتى هذه اللحظة لم يرد على شتائم الإخوان، ولم يهدد أمريكا أو قطر أو تركيا، ولم يخض فى السيرة الشخصية لمحمد مرسى وقيادات الإخوان، ولم يتحدث عن نفسه مستعرضا أمجاده وإنجازاته، ولم يقل رأيا بالخير أو البشر فى زملائه أعضاء المجلس العسكرى السابق، ولم يدل بأى آراء حول مبارك وعصره ورجاله ونظامه، ولم تصدر عنه أى انطباعات إزاء من صعدوا به إلى عنان السماء أو من هبطوا به إلى أسفل سافلين وقالوا عنه إنه من أصل يهودى أو زعموا بعد ذلك أنه تعرض لمحاولة اغتيال، وأن القائم بدوره حاليا مجرد كومبارس مثل الأخ عادل إمام فى مسرحية «الزعيم»! يستخدم السيسى أسلوباً جديداً فى التعامل مع الشأن العام يجمع بين الهدوء القاتل والدبلوماسية فائقة الجودة، وهذا الأسلوب يثير حنق الكثيرين ممن لم يعهدوا هذه الطريقة فى قادة الجيش أو رجال السياسة، وهذه الفئة من الناس تنتقد أداء وأسلوب وكلام ومفردات السيسى، متجاهلين أنه حقق بأسلوبه هذا نتائج إعجازية لم يتوصل إليها المتشنجون وأصحاب لغة التهديد الأحمق الأجوف. فقد تمكن السيسى بهدوء شديد من استئصال عصابة الإخوان رغم كل التهديدات وكل العدوانية وكل الإرهاب الذى مارسوه ضد الدولة والشعب والجيش والحكومة، لم يصرخ فى وجوههم مثلما كانوا ومازالوا يصرخون فى وجه الدولة والشعب، لم يهددهم مثلما يهددون كل الناس، لم يشتمهم كما يشتمونه كل يوم وكل ساعة. وانتهت على يديه المليونيات وقطع الطرق وتعطيل المواصلات ولم تتبق إلا محاولات يائسة تقوم بها شراذم من مرتزقة الجماعة فى بعض الشوارع والكليات والمدن الجامعية، فلماذا يترك المتقعرون كل هذه الإنجازات الإعجازية وينتقدون طريقة السيسى فى مخاطبة الناس؟ حرام يعنى نلاقى راجل طيب يستخدم معنا إنسانيته ولا يهددنا ببطشه وقوته؟!

■ كاتب