رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مغفل ثورى..لقب يستحقه الكثير منا


مغفل ثورى، لقب يستحقه الكثير منا! كيف حدث هذا؟ أخذنا جميعا نردد كلمات «كوندوليزا رايس» وزيرة الخارجية الأمريكية عن «الفوضى الخلاقة» ولم نفهم، بل كنا فى حاجة إلى أى فوضى حتى وإن لم تكن خلاقة، عشنا ثلاثين عاما من عمرنا فى ظل نظام قام بتجريف أرض الوطن كله وحول الطمى إلى تراب، فقد جردنا مبارك وأسرته من كل الحريات حتى الشخصية وحاصر مقرات أحزابنا وقمع كل أصوات الحرية ونهب ثروات البلاد، وجعل الفساد نظاماً يدير شئون البلاد، وفى بعض الأحيان كنت أصرخ «مصر دون فساد تنهار»!! كانت الجماهير تئن وتتوجع من الفقر والبطالة وهى ترى ثرواتها توزع على حبايب النظام. ففى عام 2005 عقد مبارك مع جماعة الإخوان صفقة علانية وسمح بدخول 88 عضواً منهم البرلمان، وفيما بعد أعلن مرشد الجماعة هذه الصفقة! ومن هنا كانت البداية الحقيقية للتحضير لثورة يناير، انشغل النظام بكل أركانه ومؤسساته بقضية «التوريث»، وتم حصار الأحزاب وإرغامها على تأييد ولى العهد ومبايعته، وتعرض المعارضون لذلك لمطاردات عنيفة ورقابة جسدية لصيقة وأصبحنا نعيش فى ظل نظام تكرهه كل طبقات الشعب، وتؤيده حفنة محدودة من رجال الأعمال خاصة «بتاع الحديد». وجاءت انتخابات 2010 لينهى نظام مبارك نفسه، كانت كل الأجواء تعلن الثورة، ومبارك يواجه ذلك بقوله المشهور «خليهم يتسلوا»!! كانت كل الميادين والشوراع تعج بجميع مخابرات العالم التابعة لواشنطن ترسم لنا الطريق إلى ثورة يناير، كنا فى حاجة إلى ثورة بعد أن تجردنا من جميع الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فقد تم توزيع القطاع العام وكل ما تملكه الدولة على الحبايب وأصدقاء النظام، وارتفعت نسبة الفقر فى البلاد. كان الغرب بقيادة أمريكا يرسم لنا الطريق إلى الهاوية فقد كان المخطط الإجرامى تم وضعه فى كتاب معلن و يباع فى الأسواق وكاتبه هو «شيمعون بيريس» يعلن فيه عن ـ شرق أوسط جديد ـ كان هذا يحتوى على تمزيق المنطقة لصالح أمريكا وإسقاط جميع الجيوش العربية خاصة السورى والمصرى العقبة الرئيسية أمام أمن إسرائيل الأبدى، وجاء إلى مصر مبعوث الغرب الاستعمارى مرتدى رداء الحرية، جاء «البرادعى» ليبشر بالحرية والثورة، ولم نكن نعلم أن هذا كله ضمن المخطط الاستعمارى لإسقاط المنطقة العربية بالكامل وتطبيق الشرق الأوسط الجديد.

جاءت ثورة يناير والجماهير متعطشة لإسقاط هذا النظام الفاسد، الغريب أنها أول ثورة فى العالم «إلكترونية» دون طليعة ثورية أو حزب أو قائد يقودها، كانت أول ثورة فى التاريخ لا نسمع عن قائدها أو زعيمها، وبعد ذلك علمنا أن قائد ثورة يناير كان «أوباما» نفسه!! اتضح لنا أن الثورة كانت جسداً دون رأس، فقد كان عقلها فى تل أبيب وواشنطن ومقر مجلس قياداتها السفارة الأمريكية!! يا خسارة الدماء التى سالت و أرواح الشهداء التى ذهبت ودموع الرجال و صراخ النساء وصوت الشباب العالى.. كل هذا كان يحلم بحرية وعدالة اجتماعية. ولكن خرجنا من الحلم لنعيش كابوساً مفزعاً كان الرجال فيه سيتحولون إلى عبيد ونساء الوطن جوارى لجماعة اتفقت سراً وتحت الأرض على تمزيق الوطن، وإسقاط مؤسساته و توزيع أراضيه على الحبايب فى غزة والسودان!! اتفقت جماعة الإخوان منذ سنوات قبل يناير على القيام بالمهمة بالصوت والكتابة والصورة، فهى بلا وطن ولا يعنيها ترابه. وما يحدث الآن من هستيريا أمريكية و إسرائيلية وسعار من أسطنبول والدوحة، لقد ارتفع صوت لطم الخدود بعد أن فشلت الخطط الإجرامية فى إسقاط وطن بطريقة قيصرية، رغم أنه له من العمر آلاف السنين وأحدث قرية فيه أقدم من أمريكا نفسها. لم نندهش كثيرا عندما ظهرت علامات الثراء الفاحش على حفنة الشباب الذى ارتوى من السفارات الأجنبية وهم كانوا كما نعرفهم جميعا بالاسم من شباب «الناس اللى تحت»، ودون سابق إنذار أصبحوا من «الناس اللى فوق» كانت سلالم صعودهم على أرواح و عظام شهداء يناير. إننا ننعى الثورة وشهداءها ودموع رجالها إلى جميع فئات الشعب. الأكيد أن هدير 30 يونيو قد قام بغسيل العار الذى لحق بنا فى ميدان التحرير!! وحتى لا نضل الطريق ونحن نسير على خارطة الطريق يجب نزع عناصر «البرادعى» التى زرعها فى جسد حكومة كانت له اليد الطولى فى تشكيلها فهى الآن تمثل للشعب كارثة وطنية واستمرارها سيعوق بناء مؤسسات الدولة. إن هذه الحكومة مازال جدول أعمالها يحمل ظلال المشروع الأمريكى ولا يجوز لها أن تستمر فهى تمثل الفرملة لثورة الشعب وانطلاقة للثورة المضادة، ثورة أمريكا وحلفائها وعملائها الذين لوثوا ميدان التحرير الذى شهد ثورة يناير وأيضا ومنذ أيام حرق العلم المصرى.

■ رئيس اتحاد أصحاب المعاشات