رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سد النهضة.. وحلايب


اقترحت مصر على إثيوبيا تشكيل لجنة من الخبراء الدوليين المحايدين لتقييم السد على أن يقدموا تقريرهم بشأن تداعيات السد على مصر خلال ثلاثة إلى ستة أشهر وأن يكون رأيهم ملزماً لمصر وإثيوبيا ولكن أيضا رفضت إثيوبيا هذا الاقتراح وأصرت على أن تكون اللجنة من خبراء محليين

فى الجولة الثالثة للمباحثات بين مصر من جهة وإثيوبيا والسودان من جهة أخرى والتى انعقدت فى الخرطوم فى الرابع والخامس من يناير الجارى فوجئ الوفد المصرى بتشدد كبير غير مبرر من الوفد الإثيوبى برفض اليد المصرية الممدودة أو لمبادرة إعادة بناء الثقة المفقودة بين مصر وإثيوبيا. تلازم هذا الأمر مع استقبال الرئيس السودانى لرئيس الوزراء الإثيوبى وإعلانه تأييد السودان لسد النهضة! ثم تصريحات وزير خارجيته بأن السودان سيشكون مصر من أجل مثلث حلايب وشلاتين وأبورماد وهو مصرى بالكامل ويقع داخل الحدود الدولية طبقا لاتفاقية ترسيم الحدود التى وقعت بين بطرس غالى الكبير -وزير خارجية مصر- عام 1899 وبين اللورد كرور -المفوض البريطانى على مصر والسودان والمستعمرات الإنجليزية فى دول شرق أفريقيا- والتى رسمت حدود هذه الدول وأوضحت أن الحدود المصرية الجنوبية بين مصر والسودان تقع عند خط عرض 22 وبالتالى تكون حلايب أرضا مصرية بالكامل، حتى وإن كان نظر الداخلية المصرى قد فوض الإدارة المصرية فى الخرطوم عام 1902 بإدارة المثلت لقربها من حلايب ولبعد المسافة عن القاهرة لأن السودان كانت تحت الوصاية المزدوجة لمصر وبريطانيا كما أن التفويض بالإدارة لا يعنى تنازلا عن السيادة، بل وعلى العكس هدد عبد الناصر عام 1958 بغزو السودان نفسها لو فكرت فى وضع حلايب كدائرة انتخابية بعد استقلالها عام 1956، كما قام الرئيس مبارك بطرد الشركة الكندية للبحث عن البترول فى حلايب عندما وقعت معها السودان اتفاقية للبحث عن البترول لأن ليس من حق السودان البحث عن البترول فى الأراضى المصرية وتمركزت وحدات عسكرية كاملة هناك منذ عام 2005. هذا التشتيت الممنهج للجهود المصرية أتبعه تصريحات مريبة لقطر وتركيا وإيران والولايات المتحدة بالتدخل فى الشئون الداخلية المصرية بدعم التنظيم الإرهابى للمتشددين دينيا أصحاب مدرسة التقرب إلى الله بقتل المسلمين وأبناء وطنهم بما أشار إلى أن التشدد الإثيوبى مدعوم سياسيا من هذه البلدان التى تعمل ضد الصالح المصرى خاصة أن زيارة رئيس الوزراء اليابانى لإثيوبيا فى الأسبوع الماضى لتقديم معونات مالية لها تستخدم لتوليد الطاقة النظيفة من جوف الأرض وأعلنت إثيوبيا توجيهها لسد النهضة تشير إلى التحرك الأمريكى والذى يتحكم تماما فى السياسة الخارجية لليابان بتأييدها المطلق سواء لإثيوبيا أو لإسرائيل.

تقدمت مصر بعدة مقترحات لإثيوبيا، أولها إيقاف العمل فى بناء السد لمدة ستة أشهر إعرابا عن حسن نوايا إثيوبيا طالما السد ومواصفاته يخضع لمباحثات بيننا وبالتالى ينبغى التوقف عن بناء السد حتى يتم الاتفاق على مواصفاته وسعة بحيرته وارتفاعه وإلا تكون المباحثات غير ذات جدوى طالما البناء مستمراً حيث يصعب تنفيذ نتائج المباحثات عند الاستقرار على مواصفات جديدة للسد تعطى لإثيوبيا ما خططت له من الكهرباء ولا تقطع المياه أو تنقصها عن مصر، ورفضت إثيوبيا؟!. اقترحت مصر على إثيوبيا تشكيل لجنة من الخبراء الدوليين المحايدين لتقييم السد على أن يقدموا تقريرهم بشأن تداعيات السد على مصر خلال ثلاثة إلى ستة أشهر وأن يكون رأيهم ملزماً لمصر وإثيوبيا ولكن أيضا رفضت إثيوبيا هذا الاقتراح وأصرت على أن تكون اللجنة من خبراء محليين وأن يقدموا تقريرهم بعد سنة وأن يكون رأيهم استشارياً وغير ملزم أى غير ذى قيمة بما فضح النوايا الإثيوبية للتسويف.

المقترح الثالث الذى تقدمت به مصر كان بخصوص مواصفات السد الإثيوبى وهو سد مزدوج مكون من قطعتين القطعة الأولى وهى التى ستولد الكهرباء ومركب بها 16 توربينا فرنسيا وتنتج كهرباء مقدارها ستة آلاف ميجا وات وسعة البحيرة خلفة لا تزيد على 14.5 مليار متر مكعب من المياه مهما بلغ ارتفاعه سواء 95 أو 145 مترا. الجزء الثانى من السد وهو ما يسمى بالسد الفرعى وهو يقوم بسد مجرى فرعى للمياه إذا مازادت سعة المياه بالبحيرة عن 14.5 مليارا حيث تعود المياه إلى النيل الأزرق متجهة إلى السودان ومصر وبالتالى يقوم السد الفرعى بسد هذه المجرى بطول نحو خمسة كيلومترات وارتفاع 40 مترا بما يزيد من سعو البحيرة لتصبح 74 مليار مترا مكعبا من المياه دون أن يكون لذلك أى فائدة أو إضافة لقدرات توليد الكهرباء أوغيرها، وبالتالى فإن الاستغناء عن هذا السد الفرعى يحل المشكلة تماما بين مصر وإثيوبيا فتحصل على الكهرباء كاملة كما خططت لها ولا تنقص المياه إلى مصر وتقلل تكاليف السد ويمكن أن تشارك مصر فيه!؟ ولكنه التعنت الإثيوبى المتحامى فى قطر وإيران وتركيا والسودان وأمريكا وإسرائيل واليابان ولكن مصر لن تسكت ولن تخضع وسيكون ردنا فى التوقيت المناسب.

■ كلية الزراعة - جامعة القاهرة