رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لبنانيون لـ«الدستور» عن «انفجار عكار»: نعيش مأساة جديدة.. والمشهد هنا حزين

انفجار عكار
انفجار عكار

زاد الانفجار الضخم لخزان الوقود فى بلدة «التليل» التابعة لمنطقة «عكار» الللبنانية من حالة الاحتقان بين المواطنين اللبنانيين على وقع الأزمتين السياسية والاقتصادية.

ووقع الانفجار، فجر أمس، وخلّف نحو ٢٨ قتيلًا و٧٩ مصابًا، وفق الحصيلة الأولية، ولا تزال ظروف وملابسات حصوله بانتظار نتائج التحقيقات والاستماع إلى شهادات المصابين، الذين كان أغلبهم ممن تجمعوا حول الخزان الذى اكتشفه بعضهم، من أجل تعبئة البنزين.

وقال العميد ركن متقاعد جورج نادر إن الانفجار نتج عن تخزين عشرات الآلاف من لترات المازوت والبنزين بطرق غير شرعية، تمهيدًا لبيعها فى السوق السوداء بأسعار مرتفعة، أو تهريبها إلى خارج البلاد.

وكشف «نادر» عن أن الصهريج المنفجر يعود لمواطن خزن الوقود بشكل غير قانونى، فاكتشفت الأمر «مجموعات من الثورة» وأبلغت الجيش، الذى أرسل دوريتين صادرتا نصف الكمية، ثم بدأ الجيش فى توزيع النصف الثانى على المواطنين بشكل مجانى.

وأضاف: «يُقال إن أحد الأشخاص أطلق النار على الخزان وفجره، ويرجح البعض أنه صاحب الخزان نفسه»، معتبرًا أن المسئولية تقع على من يحمى أولئك المهربين والمحتكرين الذين يخزنون المحروقات، وهم مسئولون فى أحزاب السلطة. وواصل: «كل نقطة دم أهُدرت فى عكار هى مسئولية السلطة الحاكمة كلها، نحن لا نعادى أحدًا، لكن على وقع الشعار (كلن يعنى كلن) أرى أن كل السلطة والأحزاب والسياسيين مشتركون فيما حدث».

وكشف طارق عبود، الإعلامى الخبير فى الشأن الدولى، عن الملابسات التى أدت إلى وقوع الانفجار، معتبرًا أن الأمر بدأ بقرار رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان، رفع الدعم عن المحروقات، واتفاقه مع القوى السياسية على تغطية هذا القرار.

وبناءً على ذلك، امتنعت الشركات والمحطات عن بيع المخزون الموجود لديها، بهدف مراكمة الأرباح الخيالية على حساب المواطن اللبنانى، مع العلم بأنّ هذه الشركات المستوردة للمحروقات مغطاة من القوى السياسية، وفق «عبود». وأضاف الإعلامى اللبنانى: «بعدما تم إذلال المواطنين على الطرقات وفى الشمس الحارقة، وامتناع المسئولين عن التدخل، خاصة الحكومة المستقيلة برئاسة حسان دياب، اضطر الجيش للتدخل ومداهمة مواقع التخزين والتهريب، وكانت المفاجأة أن كميات هائلة من الوقود مخزنة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وتُمنع عن المواطنين إلا عبر السوق السوداء، فى تقصير واضح من القوى الأمنية والرقابية».

ورأى أن انفجار «عكار» ستكون له تداعيات كبيرة على المستويين الاجتماعى والسياسى، معتبرًا أن «كل القوى السياسية والأمنية تتحمل مسئولية ما حصل فى هذه المجزرة». وأوضح أنه «إذا كان المواطنون يعلمون أسماء وأماكن تخزين المحروقات، وطرق التهريب، فمن البديهى أن تكون السلطة السياسية والقوى الأمنية تعلم أيضًا، لأن هذه وظيفتها، لكن المزايدات السياسية والغطاء المسدل فوق المحتكرين كانا يمنعان تدخل الدولة بأجهزتها لمحاسبة هؤلاء المجرمين».

ورأى أنه «كما فى الأحداث السابقة، لن تتم محاكمة أحد من المتورطين، وستسعى قوى سياسية إلى حمايتهم والدفاع عنهم، فى ظل فساد ينخر فى مؤسسات الدولة، وطبقة مالية محمية تتشارك الأرباح مع الطبقة السياسية، وتحميها مرجعيات دينية طائفية تعتبر أى مسّ بالمحتكرين هو مسّ بالطائفة».

ووصفت المواطنة اللبنانية انفجار عكار بأنه مأساة جديدة، وقالت: «هذه مأساة أكبر من أى مأساة أخرى.. وهناك روايات كثيرة حول سبب انفجار خزان محروقات صادره الجيش؛ ليوزع محتوياته على المواطنين فى بلدة التليل فى منطقة عكار، أما المعلومات الرسمية المتعلقة بحقيقة ما جرى فلم تصدر بعد».

وأضافت: «المشهد حزين هنا فى لبنان.. أصحاب الكراسى يتصارعون، وكلنا يعلم أن الأحداث المقبلة لن تكون فى مصلحة الشعب». وتساءلت: «لماذا لا تستحى هذه المنظومة من دماء تنزف كل يوم؟»، وأكدت: «هذه السلطة لم تبلغ بعد سن الرشد ولا تهتم إلا بمصالحها الشخصية».