رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجنرال جمال عبد الناصر

مش موافق خالص خالص، على الميمز المنتشرة، اللي بـ تسخر من جمال عبد الناصربـ اعتباره عسكريا مهزوما، خسر كل الحروب التي خاضهابـ جد والله.
أصلها بـ تصوره يعنيوكـ إنه "جنرال حرب"بـ غض البصر عن نتايج معاركه، بينما ما أراه، إنه ناصر لم يكن عسكريا بـ المرة، كما إنه لم يخض حروبا من الأصل.
هو كان راجل سياسي تشوفه إنت بقى سياسي عظيم/ متخلف، زعيم/ متهور، بطل/ خايب، مخلص/ انتهازي، دي تقييمات خاضعة لـ رؤانا، وانحيازاتنا الفكرية، وطريقة تعاطينا مع الحياة نفسها، إنما هو سياسي مش عسكري.
حرب 1948، هو كان مجرد ظابط صغير، ليس أي دور "عسكري"، لا فيما يتعلق بـ القرار، أو التخطيط أو حتى التنفيذ، كان زيه زي خال أي حد فينا، أو عمه أو جده، شارك مثلا في 1973، أو راح الكويت أو غيرها.
فرد مكلف من القيادة بـ أوامر، وهو بـ ينفذها، وعموما، هو لم يشتبك فعليا في قتالات، أو معارك ليها ملامح، فضلا عن إنه الحرب كلها على بعضها، كانت ارتجالية دعائية، إنما هي مش موضوعنا.
فـ ما ينفعش خالص نحسب على ناصر حرب 1948، لا سلبا ولا إيجابا.
من بعدها، مشيت الأمور كلها في السياسة، وبـ السياسة ولـ السياسة، انقلاب/ ثورة 1952زي ما تسميها، لم تكن عملا عسكريا من قريب أو من بعيد.
اللي حصلهو إنه تجمع ما، دبر ترتيبات سياسية متنوعة، سواء مع الإنجليز أو الأمريكان، أو داخل البلد، مع قوى اجتماعية مدنية، زي الإخوان المسلمين أو غيرها، ثم نفذ هذه الترتيبات. 
حتى لو نفذها بـ المسدس، دا ما يخليهاش "عسكرية"، هو لم يخض أي صراع على الأرض، مع قوى تابعة لـ النظام الحاكم، أسفرت عن استيلاؤه على السلطة، إنما اللي حصلإنه تدخل المسدس كان تحصيل حاصل.
ثم إنه خاض صراعات على السلطة، سواء مع ضباط تانيين، على راسهم محمد نجيب، أو مع قوى سياسية واجتماعيةزي الأحزاب والإخوان نفسهم، كل الصراعات دي كانت سياسية، وانتصاره فيها على خصومه، كان بـ السياسة، وبـ توظيفه تجمعات مدنية، ومؤسسات لم يكن لها طابع عسكري، زي هيئة التحرير والإعلام والنقابات.
استخدام القوة في فرض بعض الأمور، وتشكيل مؤسسات البلد، وتصعيد تنظيمات والقضاء على أخرى، كل دا لا يعد أعمالا عسكرية نهائي، بـ ما في ذلك المخابرات نفسها.
ثم إنك مهما أوتيت من قوة، مش ممكن تعتمد عليهافي هذه الصراعات بين القوى المختلفة، لازم تخوضها بـ منطقها، اللي هو واقف على أرض مدنية، وعملية تأميم الحياة في مصرما حصلتش بـ البندقية، البندقية دايما، كان دورها آخر حاجة خالص، لـ تثبيت ما تم اكتسابهبـ طرق سياسية ومدنية محضة.
1956 ما كانتش حرب، لا فيه نزاع مثلا على أرض، ولا على سلطة، إنما هو زي ما سماه بـ الظبط "عدوان"، دول "بـ تعتدي" على دولة، مش بـ تحاربها. التصدي لـ العدوان داما حصلش بـ مواجهات عسكرية، كانت نتيجتها انسحاب المعتدي.
عشان كدافيه خلاف أصلا، إذا كانت نصر ولا هزيمة، لـ إن حسم الأموركانت بـ توازنات دولية سياسية، فـ لو بصينا لـ الأمر سياسة، فـ مصر، أو خلينا نقول ناصر، حقق انتصار كبير، بـ إنه العدوان لم يحقق أهدافه.
لكن ممكن تنظر لـ الأعراض الجانبية لـ هذا التصدي، من فقدان السيطرة على أجزاء من أراضيك، أو حتى لـ سير الأمر عسكريا، يعتبر "خسارة".
فـ الأمر كله سياسي، لم يكن لـ العمل العسكري شأن كبير، مش هو اللي حسم، ولا هو كان مناط الأمر كله.
"اليمن" مش "حرب"، الوضع في اليمن كله كان معقد، وصراعات قبلية، تنتمي أكتر لـ عالم العصور الوسطى، الجيوش، اللي كانت باعتة قوات هناك، كانت بـ تحاول ضبط هذه الصراعات، مش داخلة في حروب مع بعض، حروب ذات طابع عسكري، يعتمد على الخطط والاستراتيجيات، لـ درجة إنه القوات المصرية هناك، ما كانش عندها حتى خرايط عسكرية، تقدر على أساسهاتحدد اتجاهات القتال.
فضلا عن تقلبات الأطراف السريعة، اللي النهاردا معاك، ممكن بكرة تلاقيه ضدك.
بـ اختصار، قوات مصر ما واجهتش قوات بريطانية، ولا قوات سعودية، إنما كله كان بين القبائل اليمنية، اللي ما تعرفلهاش راس من رجلين، فـ إنت بـ تحاول تدعم اتجاه ضد اتجاه، إنما ما كانش فيه "حرب"تحت قيادة ناصر، أو حتى عبد الحكيم عامر، أو قادة القوات المسلحة المصرية.
لـ ذلك دخلنا في نفس الجدال، هل انتصر ناصر في اليمن أم انهزم؟ وبرضه هـ تحدد موقفك، بناء على السياسة وحدها، بـ النظر إلى أهداف "التدخل العسكري"، هل تحققت أم لا.
1967 ما كانتش "حرب"، مفيش قتال حصل أصلا، كل اللي حصلإجراءات سياسية خدتها مصر: سحب قوات الطوارئ، ثم إغلاق خليج العقبة، وكان طموح ناصرإنه تحصل اشتباكات حدودية محدودة، على غرار ما حصل في 1956، ثم ينتهي الأمر بـ طريقة سياسية ما، ونعلن إننا "انتصرنا" كـ العادة,
فوجئ صبيحة 5 يونيهبـ ضربة واحدة تكسيحية، ما خدتش تلات ساعات ونص: ما حاربناش، أو ناصر ما حاربش، وحتى الاشتباكات المحدودة اللي كان يطمح إليهاما كانش عنده عنها أي تصور، ولا خطة. 
ولا كانت القوات المسلحة المصريةتمتلك الحد الأدنىمن معرفة طبيعة الجيش الإسرائيلي، ولا حجم قدراته، ولا نواياه.
كل حاجةكان ناصر بـ يتحرك في إطارها، كانت السياسة، والقوات المسلحة متروكة لـ عبد الحكيم عامر، اللي كان راجل طيبزي محمود الجندي وكمال أبو ريا، هل كمال أبو ريا رجل عسكري؟
مما سبق، فـ جمال عبد الناصر يا إخواني، لم يكن عسكريا، ولم يقد جيشا، ولم يخض حربا.
كان رجل سياسة، والسياسة مفيهاش منتصر/ مهزوم، إنما فيها ناجح/ فاشل، وأنا أعتقد جازما وجادا، إنه كان رجل سياسة ناجح إلى أبعد حد
حدد أهدافه بـ دقة، وحققها جمعاااااااء.