رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العدل فى الميراث

يعني إيه مِلكية؟
ملكية يعني ما يعطيك المجتمع/ الدولة الفرصة الكاملة في استخدامه بـ الطرق المشروعة.
الشقة دي ملكك، يعني تقدر تعمل فيها ما بدا لك، طالما ما بدا لك دا لا يخالف قانونا ما، زي إنك تتخذها مقر  لتجارة المخدرات، إنما تقدر تبيعها، تؤجرها، تسكن فيها، يعيش فيها حد من ذويك، بـ اختصار: بتاعتك.
أموال الناس فيه منها حاجات عينية، أو بـ تكون سائلة، أو ليها أشكال كتيرة، تمام، كل دا كلام بديهي، فـ خلينا نسأل: هل فيه منطق لـ توزيع الأموال دي على الناس؟
هو مفيش، بس فيه، مفيش بـ معنى إنه لا يوجد إطلاقا حاجة تقول، فلان دا يبقى عنده 20 مليار، ودا 20 مليون، ودا عشرين جنيه، ودا مديون.
لا حسب العقل ولا المجهود، ولا الذكاء ولا المواهب، ولا العلاقات ولا الأخلاق، مفيش منطق ثابت، لا عادل ولا ظالم، لـ إن العدل والظلم يلزمهم تثبيت قيم وتوضيحها، بينما الحاجات دي نسبية ومعقدة.
لكن رغم إنه مفيش، إنما فيه لـ إنه الأموال لا تتحرك كدا، مفيش حاجة عشوائية، إنما كل نشاط متصل بـ الفلوس، له طريقته في الحساب، والطريقة دي مش ثابتة، بـ تتغير حسب المكان والزمان.
إنما تظل فيه معادلة، تعرف منها إنه الشخص اللي هـ يحتل الموقع دا من الإعراب يتحصل على قد كدا بينما الشخص التاني اللي موقعه كذا يتحصل على كيت.
كلنا في الحياة بـ نسعى، كلٌّ حسب دماغه، وقناعاته وقدراته وظروفه، فـ نحتل مواقع مختلفة جدا جدا، بـ تخلي فيه تباين كبير، فيما يملكه كل منا، وأهي ماشية.
طيب، لما ييجي الإنسان دا اللي بـ يمتلك (س) من المال، حياته تنتهي، وما يبقاش موجود في الحياة، ماله دا يبقى بتاع مييييين؟
هو فعليا فعليا مش بتاع حد خالص، أي حد، لـ إنه هو اللي اكتسبه نتيجة تفاعلاته هو في الحياة، هو اللي كان طبيب بـ يعالج الناس ومقابل قدراته على العلاج، كسب فلوس، قايضها بـ عربية.
العربية دي مش بتاعة حد غيره، ولا عقاراته ولا مصوغاته، ولا سنداته ولا أسهمه، ولا أرصدته في البنوك حد يملكها من بعده. 
إنما الحياة لازم تستمر والحاجات دي لازم تؤول لـ حدعشان يستخدمها، مش هـ نجمد ممتلكاته يعني، ونعطلها، هو مات، إنما الحاجات لسه عايشة.
ممكن أفهم شوية لو قلنا مثلا إنه الحاجات دي تؤول لـ شريك الحياة، الزوج/ الزوجة، اللي كان بـ يقاسمه مشواره، لـ إنه هذا الشريك غالبا، كان له دور في اكتساب المال، ولو كان دور غير مباشر، إنما أهو، خلينا نبحث عن افتراض ما، أقرب لـ المنطق.
ولو إنه ساعتها لازم يكون فيه ضوابط، لكن على أي حال، هـ يفضل السؤال: ماذا بعد موت هذا الشريك؟
لازم يحصل تنظيم ما لـ الأمر، إنما أي تنظيم يا إخوانا، أي تنظيم، هـ يكون غير عادل بـ المرة، أي حدهـ يستفيد بـ مليم أحمر، من فلوس شخص لـ مجرد إنه الشخص دا مات، هو ما عملش أي حاجة، تخليه يستفيد بـ هذه الفلوس، ولا حتى أولاده وبناته.
بـ التالي، إحنا بـ نتكلم عن موضوع، أساسه فيه مشكلة.
طيب، البشرية اختارت حكاية الميراث، وإنه ممتلكات الإنسان، تؤول لـ أولاده البيولوجيين.
كويس، خلينا هنا بس الأول نسأل: هل الاختيار دا هو اختيار الأديان أو دين معين منهم؟
الإجابة: كلا البتة، البشر مكانتش ماشية بـ طريقة، ثم جات الأديان قالت: لا يا جماعة خلوها ميراث.
من يوم ما بقى فيه مِلكية، وأبناء الإنسان بـ يرثوه، بل إنهم مكانوش بس بـ يورثوا أموال، دول بـ يورثوا ملك وسلطة، وكل أسباب القوة.
طيب هل البشرية اختارت الطريقة دي (توريث الأبناء المباشرين) لـ إنه الأكثر عدلا؟
الإجابة: تؤ، لا أكثر عدلا، ولا أكثر حكمة، ولا أي أكثر من أي نوع، مش دا كان الدافع خالص، إنما كان نوع من الأنانية والغرور، ورغبة الإنسان في مقاومة الفناء، أو خلينا نقول الشعور بـ الفناء، فـ يتعامل مع أبناؤه، على إنهم هـ يحافظوا على بقائه هو شخصيا، وكـ إنه هـ يحل فيهم، ويفضل عايش.
من هنا جات فكرة: "اللي خلف مماتش"
عشان كدا، هذا الاختيار ساد، وبقى بديهي، بديهي لـ درجة إنه لا أحد يناقشه، ودايما النقاشات بـ تبقى حوالين طريقة توزيع الأنصبة، مش على المبدأ نفسه.
طيب، جه الإسلام وحدد الأنصبة دي المذكورة في القرآن، وبعضها اتحدد بعدين، قياسا على الموجود في القرآن، زي العول وخلافه، ومرت القرون تلو القرون، وبقينا في القرن الـ21.
فيه ناس ظهرت، مش عاجبها الطريقة دي في توزيع الأنصبة (طريقة الإسلام) مش موضوعي دلوقتي هم ليه مش عاجبهم:
هل لـ إنهم مثلامش مؤمنين بـ الإسلام نفسه، أو مسلمين، بس ليهم طريقتهم الخاصة في التعامل مع نصوصه، أو أي سبب كان، بس في النهاية معترضين على طريقة توزيع الأنصبة.
دا ممكن أتفهمه
إنما اللي مش متفهمه خالص هو إنه اعتراضهم يكون على إنه طريقة التوزيع دي "غير عادلة".
يا إخوانا الموضوع كله ملوش علاقة بـ العدل، إذا كان توزيع الأموال نفسه حتى على الأحياء، غير عادل، بـ مفهومنا إحنا كـ بشر لـ العدل.
هو لما يكون واحد دخله الشهري 20 ألف جنيه، وواحد دخله 3 آلاف جنيه، وواحد دخله مليون جنيه، وواحد دخله 70 ألف جنيه، فين العدل في كدا؟
رغم إنه دينيا حلال، وقانونا مشروع، وعرفا مقبول، والعقد شريعة المتعاقدين، والسوق عرض وطلب، وكل الكلام الزين دا، لكنه في النهاية غير عادل.
حتى لو جه حد، واتكلم من زاوية دينية، إنه ربنا مش بـ يظلم حد، فـ لو هـ نتكلم من داخل الدين، أيون بس دا لـ إنه فيه دنيا وآخرة فـ العدل الإلهي مُحصلة هنا وهناك.
مفيش حاجة في الدين، حسب ما اطلعت وقريت، فيها وعد، إنه الدنيا اللي عايشينها، النعم هـ تتوزع فيها بـ العدل بتاعك، أو المنطق البشري.
بـ العكس، دايما يقول لك إنه فيه حكمة ما إنت عمرك ما هـ تقدر توصل لها، فـ لما تنظم شئون حياتك، ما تكلمنيش من فضلك، بـ صيغة الحق والعدل والذي منه.
قول لي مثلا: أنا مش مسلم، فـ مش عايز ألتزم بـ طريقة الإسلام في التنظيم، وعايز أحتفظ بـ حقي، في تقرير مصير ثروتي، كما يتراءى لي. تمام، بس متكونش من الورثة وتقول كدا، لازم تكون إنت صاحب المال.
قول لي إنه طريقة توزيع الأنصبة دي مرتبطة بـ التنظيم الاجتماعي الفلاني، اللي بـ يفترض مسئوليات معينة، على أطراف دون غيرها، والتنظيم دا ما عادش موجود، فـ المسئوليات دي اتشالت، فـ المزايا المفروض كمان تتشال.
قول لي إنه فيه إحصائيات بـ تقول كذا، وتدل على كذا، مما يجعلني راغبا في تغيير النظام، أو على الأقل الخروج من مظلته.
قول لي حاجة أي حاجة، غير قصة "عادل" دي، لـ إنه زي ما حضرتك عارف، الواد اللي اسمه عادل، جه الدكتور وعمل له إيه، إيه!