رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزارة التموين.. وعدم الشفافية


هذه الصوامع مازالت تنشأ بفكر خاطئ تماما عن مثيله العالمى والتى طبقا للأنظمة الأوروبية والأمريكية ينبغى أن يلحق بها مطحنا لتحويل القمح إلى دقيق دون تكاليف نقل برى وتعبئة وتحميل وتعتيق وعادة ما يلحق بها الأوروبيون أفرانا لإنتاج خبز المائدة والمخبوزات الأفرنجية


مازلنا نتابع تصريحات المسئول الأول فى وزارة التموين وعدم تواصلها مع الواقع الذى نعيشه وبعضها يصل إلى درجة الوهم والعبث. وزير التموين يقول فى حوار تليفزيونى ويكرر فى عدة أحاديث أخرى أن ما أقيم فى مصر طوال سبعة آلاف سنة لا يتجاوز 70 صومعة وأنه تعاقد على 50 صومعة خلال السنوات الخمس القادمة؟!هل رأيتم الوهم؟! يحصى الصوامع من سبعة آلاف سنة وكأنه يعلم عدد الصوامع التى أقامها النبى يوسف عليه السلام ليحفظ القمح لسبع سنوات لمصر وللمنطقة العربية كلها وهى بالتأكيد أكثر من 70 صومعة التى أشار إليها مسئولنا الهمام أو كأن التاريخ يذكر فى أوراقه أن الأسرة الفرعونية الأولى كانت تمتلك كام صومعة ويليها الأسر الثانية وحتى السابعة ثم فى عصر مابعد الميلاد وعلى مدار ألفى عام ويمتلك سيادته الوثائق بعدد الصوامع التى امتلكتها مصر!! هذا الأمر يوضح مدى العبث والوهم الذى يتبعه بعض الوزراء بعد استوزارهم فيصبح عندهم الوهم رسالة يومية. حقيقة هذه الصوامع بدأت وللحق عام 2005 عندما تولى وزارة التموين د حسن خضر خلفا للدكتور أحمد جويلى أشهر وأفضل وزير تموين فى الخمسين عاما الماضية.

وقد اقترح حسن خضر على الرئيس مبارك فكرة إقامة 50 صومعة بشكل عاجل ووافق عليها وحصلنا على منح من بعض دول السوق الأوروبية خاصة الدنمارك وبدأنا فعلا فى إقامة الصوامع المعدنية وكنت وقتها مستشارا لوزير التموين فى الأربعينيات من عمرى وطالبت الوزير بالتغير إلى الصوامع الأسمنتية الأفضل لمناخنا الحار والأقل استهلاكا للكهرباء وأجهزة التكييف والتبريد ولكن كانت العقبة أن الشركات الأوروبية متخصصة فى الصوامع المعدنية والتى تتناسب مع أجوائهم الأوروبية الباردة، والأمر يوضح أن الوهم الذى يروج له وزير التموين ومن قبلة وزير الزراعة بفكرة الصوامع وهى موجودة ومخطط لها منذ عشرة أعوام. هذه الصوامع مازالت تنشأ بفكر خاطئ تماما عن مثيله العالمى والتى طبقا للأنظمة الأوروبية والأمريكية ينبغى أن يلحق بها مطحن لتحويل القمح إلى دقيق دون تكاليف نقل برى وتعبئة وتحميل وتعتيق وعادة ما يلحق بها الأوروبيون أفرانا لإنتاج خبز المائدة والمخبوزات الأفرنجية بجميع منتجاتها بل وتُلزم الدول الأفران بأن يكون لديها صومعة صغيرة ملحق بها آلة طحن معتمدة لتكون تكلفة إنتاج المخبوزات اقتصادية، بينما الحال فى مصر هو إنشاء الصوامع فى الصحارى والقرى البعيدة، ويتم نقل القمح إليها من الموانى والحقول لتخزن لعدة أسابيع ثم ينقل القمح من الصوامع إلى المطاحن البعيدة بمبالغ كبيرة.

ثم ينقل الطحين الناتج من المطاحن إلى المخابز البعيدة وبتكاليف ومبالغ كبيرة أخرى ويبدو أن هذا يتم لأننا دولة غنية أو دولة غبية تهدر أموالها وتعمل على ثراء تجارها وأصحاب سيارات النقل والمطاحن والمخابز. يشجينا السيد الوزير مرة أخرى بقوله إن خلال الشهور الست الماضية لم يتم رفض أى شحنة قمح قادمة فى مصر بينما كان فى السابق يتم رفض نحو 12 شحنة سنويا وهذا غير صحيح كليا وفى خلال الثلاثين عاماً الماضية لم يتم رفض إلا شحنة واحدة قادمة من الولايات المتحدة الأمريكية وبإجراءات خاطئة وتم تحويلها إلى إسبانيا والتى قبل حجرها الصحى والزراعى الشحنة كاملة بينما ما يحدث فى مصر هو دخول أقماح غير صالحة وكلنا يتذكر صفقة القمح الأوكرانى التى سببت فضيحة لوزارة على المصيلحى بعجين سائل وغير متماسك وأزرق اللون، ثم صفقة أخرى مشهورة والتى ثبت أنها قمح علف بعد توريدها للوزارة وحكم القضاء بإعادة تصدير الشحنة بما يثبت أن موانينا تسمح بدخول كل أنواع القمح الجيدة وغير الجيدة. نستمر مع وزيرنا فى موضوع الصوامع حيث يقرر أنه سمح لأول مرة فى تاريخ الوزارة السماح للقطاع الخاص ببناء الصوامع وهو غير صحيح كليا ويشهد ميناءا الدخيلة والإسكندرية بوجود صوامع ضخمة لأحد أكبر مستوردى القمح من القطاع الخاص فى مصر بما يبين أن الوزير يبيع الوهم للإعلام. وينتقل وزيرنا بعد ذلك إلى المخابز المليونية وهو يعلم على وجه اليقين أنها فكرة وتنفيذ حكومة أحمد نظيف ووزيرها على المصيلحى وأن أول مخبز مليونى تم افتتاحه فى مدينة 6 أكتوبر عام 2010 فى إطار الاستغناء عن المخابز الصغيرة ذات حصص الأربع والست أجولة والتى تعمل لأربع ساعات فقط يوميا ويتم منها تسرب أغلب الدقيق إلى السوق السوداء وأن وزارة أحمد نظيف خاطبت جميع المحافظات لتحديد أراض فورية لبناء المخابز المليونية فى جميع المحافظات وتم توفيرها فعلا.... اتق الله يا وزير التموين فى شعبك وللحديث بقية.

■ كلية الزراعة - جامعة القاهرة