رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تنمر وأجرة مضاعفة.. معاناة ذوي الهمم في وسائل النقل

معاناة ذوي الهمم
معاناة ذوي الهمم

"كفاية إني ركبتك"..جملة قالها أحد سائقي التاكسي لراكبه من ذوي الهمم، تحمل كل معانى التنمر والسخرية والتعالي، ولم يكتفى السائق المتنمر بما مارسه من ضغط نفسى على "ماجدة" التى تسير عل كرسي متحرك، بل فوجئت به يطالبها في نهاية الرحلة بأجرة مضاعفة 80 بدلاً من 40جنيه، وحسابها على رفع الكرسي، ووضعه أعلى السيارة.

تواصلت "بالدستور"مع بعض ذوى الاحتياجات الخاصة ليرووا قصص معاناتهم في وسائل المواصلات ، والتي تحمل ظلماً وقهراً لهذه الفئة، لكنها لا تسئ لهم بقدر  إساءتها إلى معايير الإنسانية داخل المجتمع، وتوصمه بالعار.

عبير: سائقون يرفضون ركوبي بحجة الكرسي 

عبير فوزي من ذوى الهمم، تعتمد في تحركاتها على كرسي، وعلى الرغم من ذلك فهي تذهب يومياً للعمل بأحدى الهيئات الحكومية منذ سنوات، لم تشعر بالعجز الحقيقي سوى عند خروجها إلى الشارع وبالأخص تنقلها بالمواصلات.
 اعتادت “عبير” على سماع عبارات التنمر خاصة في وسائل المواصلات ما جعل شعور الحزن يتعمق داخلها،تخفيه وراء ابتساماتها التي جعلتها سلاحها الناعم لمواجهة الحياة.

ترافق “عبير” شقيقتها “فاطمة” فى كافة المشاوير، تشهد معها التنمر والسخرية والمعاناة ،تقول:
"اختي بتتعب معايا وبتتخانق كتير علشاني "، موضحة أنها تجد صعوبات أثناء تنقلها بين وسائل المواصلات، وهناك كثير من سائقي التاكسى يرفضون ركوبها بمجرد مشاهدة حالتها بحجة أنه ليس هناك مكاناً للكرسي، أو أن ركوبها سيستغرق وقتاً طويلاً مما سيعرضهم للمخالفة المرورية.
نادية: السائقون يطلبون مني أجرة مضاعفة 

لا يكفي الطرق غير الممهدة أمام ذوي الاحتياجات الخاصة، هكذا تقول نادية أحمد، 45عاماً من ذوي الهمم، تعمل بإحدى الهيئات الحكومية، موضحة أن أغلب سائقي الميكروباص والتاكسي يتزمرون لركوبها معهم بسبب حالاتها والكرسي بصحبتها،  ويطلبون أجرة مضاعفة وكأنهم قد أصنعوا لها معروفاً.

وتختم نادية قولها بأن المواصلات واحدة من أهم مطالب ذوي الاحتياجات الخاصة من أجل حياة كريمة، "عشان منحسش طول الوقت إننا محتاجين للمساعدة أو في حاجة لشخص يرافقنا".

ممارسات ضد القانون

جدير بالذكر أن هذه الممارسات الشنيعة التي تمارس ضد ذوي الهمم،ويعانوا منها يومياً في الأصل تتنافى تماماً مع ما قد فرضه القانون المصري الذي راعى حقوق هذه الفئة، إذ نظم القانون رقم 10 لعام 2018، حقوق ذوي الإعاقة بالمواصلات من بينها تخصيص أماكن لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى تخفيض لتذاكر المواصلات العامة،  وأفردت اللائحة التنفيذية ضوابط إتاحة وسائل النقل لذوي الإعاقة، وتخصيص أماكن لهم، ومنحهم تخفيض بجميع وسائل النقل.

كما شمل قانون حقوق ذوى الإعاقة، المادة «28» من المشروع، والتى تنص على «التزام الدولة ووزاراتها المختصة بالنقل، بوضع النظم اللازمة لإتاحة وتيسير انتقال الأشخاص ذوى الإعاقة، وتخصيص أماكن لهم فى جميع وسائل المواصلات بكافة درجاتها وأنواعها، ومنحهم تخفيض بنسبة ٥٠٪‏ من قيمة تذاكر وسائل المواصلات المكيفة، والدرجات الأولى والثانية، ومجانا لوسائل المواصلات غير المكيفة، والدرجات الثالثة بالقطارات، وذلك للمعاق ومرافقة.

محام: لابد من تهيئة المجتمع لتقبل ذوي الهمم 
محمود يوسف المحامي أكد "للدستور"، أن وسائل المواصلات غير مؤهلة للتعامل مع ذوي الاعاقة، موضحاً أنه  لكى يرغب المعاقون في صعود الأتوبيس أو التحرك عبر وسائل النقل، يواجهون كثير من الصعوبات التى تتصل بعدم قدرتهم على ذلك، ما يتطلب أن تكون هناك تهيئة للمرافق العامة والمواصلات ليكون ذوى الإعاقة قادرين على السير في الشوارع وصعود الأرصفة، وغيرها.

وتابع: لابد من تهيئة المجتمع ليكون مستعدا للتعامل مع المعاقين، وهو ما تم النص عليه بالتشريعات الخاصة بهم،  كما يجب توفير حياة كريمة لهم تتضمن تسهيلاً للحركة بالمواصلات والمرافق العامة، فالمادة ٢٠ من الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوى الإعاقة، تنص على الحق في استعمال وسائل النقل العامة مجانا أو بتكلفة رمزية، والتى يجب تزويدها بالتجهيزات الفنية المساعدة على استخدام الأشخاص ذوى الإعاقة من كافة أنواع الإعاقة لهم بسهولة ويسر، كما يجب إتاحة الفرصة أمامهم مثل وسائل نقل خاصة يقودونها بأنفسهم أو بمساعدة ذويهم، مؤكدا أن القانون المصرى يؤكد أنه من حق الأشخاص ذوى الإعاقة تسهيل حركته عبر وسائل مواصلات مهيأة وأبنية ومرافق عامة ومنشآت تكون بمواصفات هندسية متطابقة مع المعايير الواردة في كود البناء للمنشآت الخاصة بالأشخاص ذوى الإعاقة.

إحصائيّات

تشير احدث الإحصائيات أن هناك 237.4 ألف من ذوي الإعاقة منهم 128.6 ألف ذكور و108.3 ألف إناث بمحافظة القاهرة، أما في الجيزة فهناك 159.9 ألف من ذوي الإعاقة، 89.6 ألف ذكور، 70.3 ألف إناث، وبالشرقية 155.02 ألفا، 81.3 ألف ذكور و73.4 ألف من الإناث.