رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حماية الأطفال فى شوارعنا

حماية الأطفال فى شوارعنا ضرورة عاجلة، وهدف مهم حتى لا تقع لهم حوادث خطيرة، أو أليمة تبث فى قلوبهم خوفًا لا ينتهى، وقد تدمر نفسياتهم أو تشوه أجسادهم، وهناك أنواع من الأخطار موجودة، لا يمكننا أن نتجاهلها، بل إن مواجهتها يكون بالصراحة والتصدى لها، ثم إيجاد حلول لتلافيها وعدم تكرارها مرة أخرى.

وأنا هنا لا ألقى باللوم على الأهل، فالأهل قد لا يكونون فى مكان الأحداث وقتها حينما يواجه الطفل عنصر الخطر، ولا ألقى باللوم على الدولة، فالدولة تقوم بجهود واضحة وتحقق نجاحات وتقدمًا فى مختلف الأصعدة، وإنما أنا هنا أمام أمثلة لحوادث أليمة حدثت فى مجتمعنا مؤخرًا، وأرى ضرورة تنبه الأهل لأبنائهم ومتابعة الأطفال حتى لا يواجهوا حوادث أو أخطارًا فى الشارع قد تؤذى أطفالهم، فتُسبب للطفل وأهله وجعًا أبديًا وألمًا نفسيًا لا يضاهيه أى ألم آخر.

هذا بالإضافة إلى أن هناك دورًا يمكن أن تقوم به الدولة لحماية الأطفال، وجعل الشوارع أكثر أمانًا لهم.. إننا هنا نواجه متغيرات، مستجدات، عنفًا، وبلطجة حدثت فى تركيبة الشارع المصرى، وهى من تبعات ما حدث فى يناير ٢٠١١، وسأعطى بعض الأمثلة الصارخة لما يحدث فى الواقع، وحتى يمكن تلافى هذه الحوادث المفجعة، ولا تتكرر فى الشارع المصرى مرة أخرى.

فمؤخرًا، ومنذ أيام، كانت طفلة مصرية صغيرة اسمها «سلمى»، عمرها ٦سنوات، كانت تلعب أمام منزلها فى مدينة المستقبل، فإذ بأحد الكلاب الضالة التى تملأ شارعهم يهاجمها ويعقرها فى جسدها، وخوفًا من مشهد الكلب الضال المفترس، لم يستطع أشقاؤها الصغار التحرك لإنقاذها، فكانت النتيجة المؤسفة أن تسبب هجوم الكلب بأنيابه فى جروح غائرة وخطيرة فى جسد الصغيرة، فنقلها أهلها إلى المستشفى للعلاج، وتم إجراء عدة جراحات لها لإنقاذ حياتها، ولا تزال فى حالة خطيرة.

وأتذكر هنا عبارة شهيرة كنّا نرددها حينما نريد أن نحفز شخصًا على أن يواصل عمله واجتهاده رغم الصراعات والشائعات والمشاكل المحيطة به، فكنا دائمًا نقول:

- «الكلاب تنبح والقافلة تسير».

لكن فى الحقيقة ما يحدث فى الواقع يكون عكس ذلك، لأن الكلاب حينما تنبح، فإنها قد تهاجم أحدًا من القافلة، وخاصة إذا كانت مجموعة كبيرة من الكلاب معًا، لذا فإنها قد تعرقل مسيرة القافلة، وقد ينتج عنها أضرار جسدية للأفراد فيها، لأن الكلاب الضالة تسبب الأذى لمن تهاجمها، بالإضافة إلى هذا، فإن عقرة الكلب المسعور قد تتسبب فى الوفاة للشخص الذى هاجمه الكلب إذا كان هذا الكلب مسعورًا أو مصابًا بمرض أو جائعًا.

فما بالك عزيزى القارئ إذا كانت طفلة صغيرة لا حول لها ولا قوة وليست لديها وسيلة للدفاع عن نفسها...؟!، فى السعودية مثلًا، قامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن، عندما هاجمت مجموعة من كلاب الشوارع طفلة صغيرة، مما تسبب فى وفاتها، وعلى إثرها طالب الرأى العام السعودى بموقف حازم للمملكة العربية السعودية لحماية الأطفال من كلاب الشوارع.

ولذا فإننى أعود لواقعة الصغيرة «سلمى» التى ترقد تحت العلاج فى المستشفى، لأن القافلة لن تسير هنا فى حالة «سلمى»، نظرًا لإصابتها بتشوه أجزاء من جسدها، وبناءً عليه تم إجراء عمليات تجميلية لها، إلى جانب صدمة نفسية مروعة أصيبت بها الطفلة البريئة، وستظل تعانى منها طوال حياتها، وأسرة «سلمى»، مع الأسف الشديد، لم تستطع التحرك بسرعه لإنقاذها من براثن أسنان كلب الشوارع.

ولهذا فإننى أتوقف لأطالب كبار المسئولين فى الدولة باتخاذ الإجراءات الضرورية لإخلاء شوارعنا من هذه الكلاب، خاصة الشوارع الجانبية فى كثير من مدننا، لأن هذه الكلاب تملأ شوارعنا وتسبب الرعب للأهالى كبارًا وصغارًا، وقد تلقيت كثيرًا من الاتصالات تدعونى للكتابة، ودعوة مسئولينا للقيام بحملات لجمع الكلاب الضالة عن طريق الجهات المعنية، وهى شكوى عامة تعكس استياءً على مواقع التواصل الاجتماعى، وتطالب بضرورة حل هذه المشكلة بشكل يكفل توفير الحماية للشوارع.

وحتى لا تحدث مآسٍ أخرى كمأساة الطفلة الصغيرة «سلمى»، فإننا فى حاجة إلى حملات مكثفة وخاصة ليلًا لجمع هذه النوعية من الكلاب وإبعادها إلى خارج المناطق السكنية، ووضعها فى مراكز مخصصة لمعيشة الكلاب الضالة بدلًا من تركها فى شكل جماعات تتجمع لتروع الشوارع والسكان.