رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنسنة القضية

تعريب القضية الفلسطينية وأسلمتها أضر بها ضرراً بالغاً 
فالقضية الفلسطينية ليست قضية العرب وحدهم 
وليست قضية الإسلام فحسب 
تصدُرت حركتا "حماس " و"الجهاد الإسلامي" في فلسطين و"حزب الله" للمشهد في لبنان من أجل القضية لتحقيق مآرب شخصية وزعامة أضر بشرعية القضية.. فالقضية هي قضية شعب ونضال وتضحيات قدمت من الجميع ومنذ قديم الأزل 
أحزاب الإسلام السياسي قامت بالسطو على القضية لتحقيق مشروعها الإسلامي الإمبريالي والذي يمنح في نفس الوقت لدولة الكيان الصهيوني شرعية للاستيطان والقتل والتنكيل بالشعب الفلسطيني ومن ثم ضياع أرضه وحقوقه.
لقد تاجر هؤلاء وزايدوا على حق الشعب الفلسطيني.
لتحقيق مشروع الخلافة الإسلامية التوسعية وفي حقيقة الأمر - وكل ما اقترفوه- لا علاقة له بالأرض ولا بفلسطين وشعبها 
لقد ناضلت منظمة التحرير الفلسطينية طوال عهدها وكذلك فعلت منظمة فتح من أجل الأرض وفلسطين وقدموا جميعاً شهداء للقضية وللوطن دون الزج بالعروبة أو بالإسلام في قضية إنسانية وطنية.. قضية حق وعدل في الأساس لشعب مطارد مشرد
(جورج حبش) مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم يكن شيعياً ولا سنياً ولم يرفع لواء الإسلام في نضاله من أجل وطنه ولم يرفع أيضاً أية شعارات مسيحية أو دينية.. هو و غيره قدموا للوطن وللإنسانية سجلا حافلا من التضحيات المنزهه.

وغنت فيروز للقدس وشوارعها العتيقة وتغنت بزهرة المدائن ولم تكن تناضل بصوتها من أجل حزب مسلح سلاحه عشوائي ويريد أن يكون دولة داخل الدولة!! غنت فيروز للقدس ولفلسطين وللإسكندرية ولمصر لا لمليشيات مسلحة ترتكب بأياديها أقذر وأبشع  المجازر.
وهذا ما يغفله أو يتناساه الكثيرون  
ممن أصيبوا بطرش اختياري ونوع من العمى الانتقائي للبصيرة فصار ضميرهم ضرير يرفض عن عمد أو عن جهل  تقديم الدعم أو التضامن المعنوي للقضية الفلسطينية تحت ذريعة أنها ليست قضيتهم وأنهم غير معنيين بها وأنها قضية حماس والجهاد الإسلامي! 
لقد تاجر الإسلام السياسي بقضية القدس لسنين 
واليوم القدس تعريهم 
فهم أبناء القتل لا نستثني منهم أحداً 
وحظيرة الخنزير أطهر من أطهرهم
ولكن ليس من الكياسة ولا من حسن الفطن السير وراء أكاذيب الإسلام السياسي والتذرع بها لرفض أو كراهية قضية حق وعدل إنساني.
"راشيل كوري" التي سالت دمائها تحت جرافة الصهيونية لم تكن تدعم قضية عربية أو إسلامية 
لقد ضحت بنفسها من أجل الإنسانية ومن أجل أطفال مشردون بلا منازل استوطنها صهاينة أصوليون تقوم دولتهم الكاذبة على أساس ديني.
فدولة الكيان الصهيوني ليست دولة علمانية كما يعتقد كثيرون.. هي دولة دينية عنصرية طائفية وبامتياز كيان مغتصب قام على أساس ديني وإيديولوجي وأوجد لنفسه موطىء قدم غاشمة على أرض لم تكن له وسالت دماء أبرياء أُخرجوا من ديارهم بغير حق وما زالوا يتكبدون.
هُجر الفلسطينيون تهجيرا قسريا لا إنسانياً  
بدعم كيان يدعي أنه يقوم على أسس علمية ويعتمد على التكنولوجيا والتمدين والحضارة والعلم وهو يقتل ويشرد ويرتكب مجازر في حق أبرياء عزل وقف العالم الغربي معهم وساندتهم مؤسسات الإغاثة الدولية كالصليب الأحمر ومدارس "الأنروا " أكثر بكثير من الإسلام السياسي الذي تعمد قتل القضية برصاصة غائرة في القلب وقضى عليها بالضربة القاضية عندما أضفى أيديولوجيته وأطماعه التوسعية عليها  فتأذت القضية الإنسانية العادلة.
في مخيمات اللاجئين في "صبرا" و"شاتيلا"  شاهدت الأجانب يتهافتون على تقديم العون والدعم والمساندة لأطفال المخيمات بإنسانية منزهة.
وبالتالي الزعم بل والإصرار على تعريب قضية فلسطين وحصر المقاومة فيها على تيارات الإسلام السياسي يعد تزييفاً وظلماً للقضية يهدمها ولا يخدم عدالتها ولا يَصب حتما في صالح شعبها
أنسنة القضية الفلسطينية هو الحل 
وليس الإسلام هو الحل ولا أسلمة القضية يعد حلاً 
لقد أهدر واستنزف كثيرون وقتاً وهم يستصرخون  "أمة محمد " و"أمة صلاح الدين" الكردي لنصرة فلسطين!! وذهب صراخهم سدى
تقاذفته الرياح فصار قبض ريح فأعلن (نزار قباني) وفاة العرب وهجاهم في قصيدة شهيرة وكذلك فعل (مظفر النواب) من سنين طويلة ولم يتغير شيء!
تغيير المنهاج والطرح والتوجه بات حتمياً اليوم وتغيير الاستراتيجية التى تم طرحها من سنين - ولم تأتي باي جديد-  أمر لا بد منه أن أردنا جديداً مفيداً   
فلنتخلص إذاً من الطرح القومي للقضية والزج بالإسلام فيها لمنحها الشرعية  
ولنطالب بأن تكون القدس للفلسطينيين لا أن تكون القدس عربية أو إسلامية فقط 
مسيحيو الناصرة وبيت لحم أكثر وطنية وبلا شك من جماعات الإسلام السياسي وهذا ما يفسر ربما- ولا أقول يبرر-  عدم حماسة قطاع كبير لدعم القضية الفلسطينية .. وصار البعض يعادى بل ويرفض مجرد التضامن مع القضية اعتقاداً من هؤلاء الرافضين للقضية بأنها قضية لا تعنينا تاجر بها الإخوان ورئيسهم مرسي ومرشدهم والإسلام السياسي فهي إذن قضيتهم هم لا قضيتنا نحن.

وإن صح الزعم أو الطرح السابق.. فلتكون إذاً قضية فلسطين هي قضية الإنسانية وقضية الشعب الفلسطيني بلا أدنى شك ومن هنا تأتي شرعية التضامن والمطالبة بحقوق هذا الشعب المهدرة وأن تكون القدس عاصمة لدولة فلسطين 
ولا تكون القدس أولى القبلتين فقط أو ثالث الحرمين فقط 
فالقدس 
لكل الأديان 
ليست حكراً للمتاجرين بها ولا حقاً للمتذرعين بها وليست ملكاً لحاملي السلاح العشوائي 
القدس هي قدس الله
وأنسنة القضية الفلسطينية هي الحل وفلسطنة فلسطين وفلسطنة القدس هي الحل.