رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النسبة والمعدل




الضخامة، مفهوم يربطه الإنسان (من حيث المبدأ)بـ الرقم لا بـ النسبة ولا بـ المعدل. الرقم بسيط، النسبة مركبة، وكذلك المعدل.
مثلا، لو قلنا إنه المرض الفلاني، يصيب سنويا 5 مليون إنسان، فـ الإحساس عند المتلقي غالبا، إنه مرض منتشر جدا، دا وباء يا عم، يحصد "الملايين".
بينما لو قلناإنه المرض العلانييصيب واحد على ألف من البشر، فـ الإحساس غالبا إنه مرض شديد الندرة. مع إنهواحد على ألف من البشر، أكتر بـ كتير من خمسة مليون.
كذلك العكس، لما يقول لك مثلا، المصريين بـ يستهلكوا فول سوداني في السنةبـ مليار جنيه. يا دين النبي!ملييييييار جنيه فول سوداني!
في حين لو قلت لكإن المصري بـ يستهلك كيس فول سوداني، من أبو عشرة جنيه، مرة كل 6 شهور، هـ تحس إنه المصريين مالهمش فيه أساسا. مع إنه دا معناهإنه المصريين بـ يستهلكوا فول سوداني، بـ 2 مليار جنيه سنويا.
وهكذا وهكذا
طيب، هل دا بـ يحصل لـ كل البشر، في كل الحالات، طيلة الوقت؟
لأ طبعا، الخبرة والممارسة والمعرفة، بـ يحولوا النسب والمعدلات لـ أرقام عادية، فـ يقدر الإنسان يدرك الضخامة أو الضآلة.
دكتوربـ يقول لـ ابن المريض، إنه نسبة كذا إلى كذا، ارتفعت من 2.3 إلى 2.7، فـ ابن المريضمش حاسس أي خطورة في الموضوع، أربعة من عشرة رقم تافه أوي، بينما الدكتور مدرك، إنه هذه الزيادة بـ تلك الدرجة، معناها إنه ذلك المريض، لو ما عملش بكرة الصبحعملية نقل راس، هـ يموت ع الضهر.
هل الدكتور مدرك، وابن المريض مش مدرك، لـ إنه دا ذكي ودا غبي؟
لأ، خالص، الذكاء هنا مالوش دور في الموضوع، إنما الدكتور درس الأمر، قرا واتعلم وشاف حالات، خلته فاهم ضخامة الرقم، بينما ابن المريض، حتى لو كان آينشتاين نفسه، طالما مش عارف "الموضوع"، صعب يدرك فداحة الرقم.
حيلو، إنما في مثال الدكتور وابن المريض دا، الدنيا واضحة، بـ معنى إنه ابن المريضمدرك تماما إنه مش مدرك، لما بـ نكون عارفينإننا مش عارفين، الموقف بـ يبقى أسهل كتير.
دا عموما يعني، لـ إنه دا بـ يساعدناعلى إننا ما نكونش تصورات، ولا نصدر أحكام، ولا ناخد قرارات، بناء على المعطيات اللي قدامنا.
المشكلةإنه معظمنا، ويمكن كلنا، بـ نبقى متصورينإننا نمتلك معرفة كافية في الموضوع الفلاني، أو نقدر نمتلك معرفة كفاية، فـ نكون تصورات، ونصدر أحكام، وناخد قرارات، بينما فعليا الواقع مش كدا.
أنا بـ أقع في الموضوع دا أحيانا، وأقعد أأنب نفسي بعدها، بس هو فعلا موضوع مغري، مفيش أسهل من تكوين التصورات وإصدار الأحكام.
مثال على كدا، الموضة اللي طلعت من فترة، إنه المريض أو حد من أهله، يدخل على ويكبيديا، أو على جوجل عموما، ويقرا شوية في المرض دا، فـ يقعد يجادل الدكتور.
مش عايز أدخل في تفاصيل القصة دي، والجدل بـ شأنها، إنما هو مجرد مثاللـ فكرة التصور الخاطئ، أنك تمتلك معرفة ما، أو تستطيع امتلاك معرفة ما، وإنت مش كدا.
في الوضع الطبيعي الاعتيادي، القراءة في موضوع مالـ مدة ساعة ولا ساعتين، لا تمنحك معرفة كافية لـ أي حاجة.
قصة الأرقام دي معقدة، وفيها كلام كتير، خلينا نتابعها في مقالات جاية.