رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ألمانيا تتخذ إجراءات ضد الإرهابيين من مواطنيها المنضمين لـ«داعش»

ألمانيا
ألمانيا

كشفت دراسة أصدرها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات عن أن ألمانيا تتخذ إجراءات ضد الإرهابيين من مواطنيها الذين هاجروا من البلاد للانضمام لصفوف تنظيم "داعش" وغيرها من التنظيمات المتطرفة، وكيف تواجه برلين إدارة التهديدات الأمنية المحتملة الناجمة عن عودتهم مرة أخرى إلى البلاد، ضمن سياسات الحكومة لمكافحة الإرهاب والتطرف.

وذكرت الدراسة- التي أعدها الدكتور جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي للدراسات والباحث في الشئون الأوروبية في بون "ألمانيا" أن "برلين لا تزال تعيش هاجس عودة الإرهابيين من مواطنيها وتعتبر عودتهم إلى ألمانيا تهديدًا مباشرا على أمن ألمانيا ودول أوروبا". 

- ارتفاع أعداد الإرهابيين الألمان المحتمل عودتهم إلى البلاد
وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب من 1050 مواطنا ألمانيا قد سافروا إلى العراق وسوريا للانضمام إلى تنظيم داعش وعاد منهم "أكثر من 330" إلى ألمانيا في موجات بين عامي 2014 و2015، وأن عدد الإرهابيين "الجهاديين" الألمان، الذين سافروا إلى سوريا منذ عام 2011 يقدر بنحو 1050 شخص، قتل منهم 10% وعاد منهم 30% أي ما يقدر بـ300 شخص تقريبا، بينما لا يزال المئات من المقاتلين الألمان الأجانب نشطين في المنطقة أو تحتجزهم قوات الأمن.

ووفقا لتقرير المركز الدولي لمكافحة الإرهاب بعنوان "أين المقاتلون الألمان الأجانب اليوم؟"، تحتجز القوات الكردية ما يصل إلى 200 مواطن ألماني في سجون ومعسكرات شمال شرق سوريا.

كما كشفت تقارير عن "قوات سوريا الديمقراطية" التي تشن حملة اعتقالات ضد أذرع تنظيم داعش في مخيم الهول شمال شرق سوريا، بوجود 12 ألف عنصر من التنظيم الارهابي في سجونها، وتقدر الحكومة الألمانية، عدد عناصر داعش من مواطنيها في مخيم الهول وحده: 50 أمرأة و60 طفلا و30 رجلا.

- ألمانيا تحقق في انضمام مواطنيها إلى داعش
كشفت الدراسة عن أن الحكومة الألمانية تعمل من خلال مكتب المدعي العام، في محكمة "كارلسروه" الألمانية المختصة في قضايا الإرهاب، بإرسال فريق عمل، يتحقق من وجود عناصر ألمان في تنظيم داعش وأماكن تواجدهم، ضمن مهمة سرية، وذلك كون أن المانيا لا توجد لها سفارة أو قنصلية في سوريا، وكون أن قوانين وإجراءات وزارة الداخلية الألمانية تنص على "اأن جميع المواطنين الألمان لهم الحق في العودة (إلى ألمانيا) من الناحية المبدئية بمن فيهم أولئك المشتبه في قتالهم ضمن تنظيم داعش".

وأضافت أن ألمانيا تعمل في الوقت الحاضر على جمع الأدلة والشواهد على انضمام مواطنيها إلى عناصر داعش في سوريا والعراق، من أجل إخضاعهم إلى المحاكم حال عودتهم، مشيرة إلى أنه بدون حصول ألمانيا على تلك المعلومات القضائية، لن تتمكن من استعادتهم، حسب قول الحكومة الألمانية.

ووفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية، فإن الشرطة الألمانية أجرت تحقيقات نشطة ضد 33 مواطنا منهم صدرت بحقهم أوامر اعتقال في 26 قضية، وفي الوقت نفسه، واجه العشرات من أعضاء داعش بالفعل محاكمات في ألمانيا بعد عودتهم طواعية، مضيفة أنه "حتى أولئك الذين لا يوجد ضدهم دليل على ارتكابهم جرائم فعلية، يخضعون للمراقبة من قبل شرطة الولاية أو وكالات المخابرات المحلية" في حين أن الشرطة الألمانية كشفت عن عودة بعض "الجهاديين" الألمان وعائلاتهم بشكل غير قانوني إلى البلاد.

وأوضحت أن المانيا تعتمد جمع المعلومات حول ما يسمى بـ"المقاتلين الأجانب" في مناطق النزاع خاصة سوريا والعراق، حيث أكدت تقارير الاستخبارات الألمانية أنها قامت بجمع المعلومات حول عدد من "الجهاديين" الألمان، في سوريا والعراق قبل عودتهم مرة أخرى إلى البلاد من أجل إخضاعهم للإجراءات القانونية اللازمة.

- الحكومة الألمانية تلجأ إلى سحب الجنسية ضمن إجراءات مكافحة الإرهاب
ذكرت الدراسة: "أنه منذ 9 أغسطس 2019، يتوجب على أي شخص ألماني يذهب للقتال في صفوف الجماعات المتطرفة في الخارج أن يتوقع تجريده من جنسيته الألمانية".

وتابعت أنه نظرا لأن القانون الألماني يحظر الحرمان من الجنسية عندما يكون الفرد حاملا للجنسية الألمانية فقط وينتهي به الأمر عديم الجنسية، فإن الحكومة الألمانية تبنت أسسا في هذا الشأن، هي: أن من يحمل جنسية أخرى غير جنسيته الألمانية ويكون قد بلغ سن الرشد ويريد الانضمام مستقبلا إلى التنظيمات الإرهابية يمكن مبدئيا أن يفقد الجنسية الألمانية. كما أنّ القانون ليس له مفعول رجعي على المقاتلين المعتقلين حاليا وقاتلوا لصالح داعش.

وفي هذا الصدد، حذرت الاستخبارات الداخلية الألمانية BfV من أن الأطفال والمراهقين الذين تمت تنشئتهم اجتماعيا من قبل الجماعات المتطرفة وقرروا العودة إلى ألمانيا من مناطق النزاع تلك، يكون قد تعرض بعضهم لغسيل مخ في مدارس داعش وأصبح سلوكهم متطرفا للغاية.

وقال وزير الداخلية الألماني إن دائما ما تروج للأطفال على أنهم "جيل جديد من مقاتلي تنظيم داعش، ويتم تصويرهم على أنهم قساة وعنيفون»، مضيفًا أنهم قد يمثلون خطرا كبيرا عند عودتهم، حيث قد ينشئون "جيلا ثانيا من الإرهابيين".

- تصنيف العناصر الخطرة بين الإرهابيين الألمان
بينت الدراسة أن السلطات الألمانية أدرجت الأفراد الذين تشتبه في استعدادهم للقيام بهجمات إرهابية على النحو الذي يسمى"معرضون لأن يكونوا خطرين"، كما أدرجت الشرطة الفيدرالية الألمانية مؤخرًا 679 فردًا في فئة "الإرهابيين الخطرين" أو "المحتمل أن يصبحوا إرهابيين خطرين" على خلفية تنفيذهم عمليات إرهابية، إلى جانب 509 آخرين باعتبارهم "الأشخاص الاقل خطورة".

- إجراءات استباقية في ألمانيا لمكافحة التطرف
أوضحت الدراسة أن الاستخبارات الألمانية حصلت على الكثير من الصلاحيات، من الحكومة والبرلمان، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بحيث يمكنها اعتماد إجراءات استباقية ووقائية أمنية تقليدية، منها مراقبة المشتبه بهم، إخضاعهم للمراقبة الإلكترونية، قرصنة المعلومات من أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية.
كما دشنت الهيئة الاتحادية لمكافحة الجرائم في ألمانيا في فبراير 2020 بوابة إلكترونية لجمع أدلة عن الهجوم الذي شهدته مدينة "هاناو"، بولاية "هسن".
وأوضحت الهيئة على موقعها الإلكتروني أنها أصدرت مناشدة للمواطنين بتحميل أي مقاطع فيديو أو صور على الموقع من أجل استجلاء مجريات الجريمة دون ثغرات، مضيفة أنه يمكن أيضًا الإبلاغ عن أي أدلة هاتفيًا بالاتصال على رقم مجاني.

- التحديات التي تواجهها ألمانيا في مكافحة الإرهاب
لفتت الدراسة إلى أن القانون الألماني لا يعاقب من سافر إلى سوريا والعراق وعاش في ظل "خلافة داعش" بقدر إخضاع من تورط في عمليات إرهابية، سواء قتل أو جرائم حرب، وتكون عقوبته في ألمانيا لا تقل عن ثلاث سنوات، وفي بعض الحالات يمكن أن تصل إلى عشر سنوات.

وتابعت أن المانيا لا تخضع العائدين إلى العقوبات القضائية، عندما لا يثبت تورطهم في عمليات قتل أو جرائم حرب، وهذا ما يثير الكثير من المخاوف لدى المواطن الألماني، كون العائدين سيكونون طلقاء، وممكن أن ينفذوا عمليات إرهابية. وتكمن التحديات أمام أجهزة الاستخبارات برصد ومتابعة العائدين الطلقاء، لأسباب تتعلق بالموارد البشرية والفنية.

واختتمت الدراسة قائلة: "إن إبقاء أو ترك المقاتلين الأجانب في سوريا وغيرها من مناطق النزاع، يعمل على زيادة التطرف والإرهاب، والقواعد الأساسية في محاربة التطرف والإرهاب تلزم الدول الأوروبية ودولا أخرى بضرورة استعادة مواطنيها وألا تستمر في تجاهل خطورة هذا الملف".