رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية مشروع سينمائي مات العندليب دون إتمامه مع يوسف شاهين

العندليب
العندليب

هو صوت الحب ورمز الذي اقترن به٬ أغنياته يتغذى عليها المحبين والعاشقين٬ هو الذي لم يرحل رغم غياب الجسد والعمر القصير الذي حوصرت فيه روحه داخل هذا الجسد. إنه العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ٬ والذي تحل اليوم الذكري الــ 44 لرحيله عن عالمنا.

وفي كتابه "حكايات العمر كله" والصادر عن الدار المصرية اللبنانية للنشر٬ يكشف الفنان سمير صبري٬ كواليس التجربة الإذاعية الوحيدة التي قدمها عبد الحليم حافظ٬ من خلال مسلسل "أرجوك لا تفهمني بسرعة"، والذي أذيع لأول عام 1974 من إخراج محمد علوان٬ وتأليف الكاتب الصحفي محمود عوض.

يقول صبري: في إطار المنافسة الدائمة بين حليم وأم كلثوم٬ وبعدما أعلنت أم كلثوم عن تسجيل مذاكراتها مع الإعلامي وجدي الحكيم، اتصل عبد الحليم بالمخرج الإذاعي محمد علوان زوج آمال فهمي٬ والذي أخرج مسلسلا كتبه الكاتب الكبير أحمد رجب٬ وبطولة عبد الوهاب لإذاعة الشرق الأوسط٬ اسمه "شيء من العذاب"، وقال إنه يريد تقديم مسلسل إذاعي في رمضان٬ يكتبه محمود عوض٬ وتم توقيع عقد المسلسل واصطحبنا حليم أنا ومحمود عوض ومجدي العمروسي إلي الإسكندرية٬ لقضاء يوم هناك٬ وفي اليوم التالي غادرنا الإسكندرية٬ تاركين محمود عوض٬ الذي فوجئ برحيلنا وبورقة تركها له حليم كتب فيها: "معلش يا محمود٬ لن تعود من هنا إلا بعد كتابة فكرة المسلسل".

يتابع صبري: "بعد أسبوعين٬ عاد محمود عوض إلى القاهرة بفكرة مسلسل (أرجوك لا تفهمني بسرعة) وأعجب العمروسي بالاسم حتى أنه اقترح شراؤه بألف جنيه٬ واستخدامه كاسم للفيلم٬ الذي يعده حليم مع يوسف شاهين٬ لأن العمروسي لم يكن راضيًا عن اسمه وهو (وتمضي الأيام)٬ لكن عبد الحليم قال المسلسل أولا٬ ثم نبحث عن اسم ثان للفيلم.

وفي سبتمبر 1973 بدأنا تسجيل حلقات المسلسل٬ وشاءت الأقدار أن تكون البطلة أمام حليم٬ هي الفنانة نجلاء فتحي٬ التي رفض المخرج حسين كمال أن تؤدي البطولة أمام عبد الحليم في فيلم أبي فوق الشجرة٬ وشارك في المسلسل: عماد حمدي٬ ماجدة الخطيب٬ والكوميديان الصاعد وقتها عادل إمام. ثم بدأت حرب أكتوبر المجيدة٬ وتوقف إذاعة المسلسل٬ ولكن استمر تسجيل الحلقات لأنها كانت تذاع في إذاعات عربية أخري. وانشغل حليم بتسجيل الروائع الوطنية الغنائية التي قدمها في تلك الفترة: "خلي السلاح صاحي"٬ "باسم الله"٬ و"عاش". وكان يسجل الأغنية ثم يصورها في التليفزيون٬ في برنامجي "النادي الدولي"٬ وهو البرنامج الوحيد الذي استمر عرضه أثناء الحرب٬ وأول برنامج تصور حلقاته علي خط بارليف.

ويؤكد صبري: حليم كان مؤسسة.. مدرسة ذكاء وعشق للفن٬ تعلمت منه أيضا شيئا٬ لا يمكن أن أنساه٬ فقد كان يذهب إلي أي مسرح قبل الحفلة بيوم٬ ويجلس وحيدا متأملا المسرح بلا جمهور٬ حتي يألف المكان الذي سيغني فيه٬ كان يقول لي: "لازم يكون فيه ونس بينك وبين المكان اللي هاتغني فيه"٬ وبعدها بسنوات عندما بدأت أغني أنا مع فرقتي الاستعراضية٬ كنت أنفذ تعاليم صديقي حليم٬ وأحرص علي خلق هذا الونس قبل أي حفل أغني فيه حتي ولو كان فرح.

تعلمت من حليم الدقة والإتقان في العمل٬ واختيار كلمات الأغاني٬ ومتي تتحدث للإعلام وتعطي أخبارك٬ متي تبتعد لزيادة الشوق لأخبارك.. تعلمت من العندليب أمورا كثيرة٬ أهمها إدارة الفنان لفنه بذكاء٬ ليس كل هذا فحسب٬ بل أعتقد أنني تعلمت منه أيضا كيف يستمر الفنان وينجح حتي لو تعرض لفشل ما في أي من أعماله. تعلمت من العندليب زواج الفنان الكاثوليكي لفنه.