رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أبو الحسن» احترف العود رغم إعاقته.. ويحلم بتمثيل أسوان أمام العالم (فيديو)

أبو الحسن
أبو الحسن

على نغمات وألحان "ملك العود" فريد الأطرش، والذي يعد واحدًا من مطربي الزمن الجميل الذين تركوا بصمة من المستحيل أن تنسى، نشأ حب الشاب الأسواني للعزف على العود والألحان الموسيقية المتنوعة منذ الصغر، نظرًا لسماع والده لهذه الأغاني والألحان بصفة دائمة، ومع مرور الوقت أصبحت هوايته المفضلة التي لا يمكن الاستغناء عنها.

وبالرغم من ظروفه الصحية، نظرًا لأنه من أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنه كان لديه عزيمة وإرادة من حديد ولم يجدها عائقًا أبدًا بل قرر استغلال الطاقة الإيجابية التي بداخله لتعطيه دفعه للأمام.

التقت "الدستور" أبو الحسن عثمان، عازف عود من ذوي الهمم، وأبو قرية سلوا التابعة لمركز كوم أمبو بمحافظة أسوان، للحديث حول هوايته ومدى سعيه لتعلم وإتقان العزف على آلة العود، ومشاركته مع المنشدين والأنشطة الثقافية:

يقول أبو الحسن عثمان أحمد، البالغ من العمر 39 عامًا، من ذوي الاحتياجات الخاصة، إنه عندما كان في سن الـ4 سنوات تعرض للإصابة بكسور في الساقين إثر نقص الكالسيوم في جسده، ما أدى إلى قصر قامته، ولكنه لم يستلم أبدًا واستكمل مراحله الدراسية حتى حصل على دبلوم تجارة، موضحًا أنه كان متفوقًا إلا أنه قرر يلتحق بالتعليم الفني نظرًا لأن كان تركيزه كله في هوايته المفضلة التي نشأت معه منذ طفولته وهي العزف على ''العود''.

وأضاف لـ''الدستور''، أنه توارث حبه لآلة العود من والده، حيث إنه كان يفضل سماع أغنيات نجم الزمن الجميل ''فريد الأطرش'' التي يعرفها على العود، ما ساهم في نشأة حب هذه الآلة الموسيقية معه منذ صغره، ويفضل حضور جميع الأفراح لكي يسمع العزف عليها حتى تحولت إلى هواية مفضله له، ولكن شغفه تجاهها لم ينته عند هذه النقطة، بل أنه كان كل يوم ينجذب للدخول إلى عالم هذه الآلة بشكل كبير لمعرفة كل شيء عنها وكيفية تعلم العزف عليها، وإتقانها.

وأوضح أنه عندما بلغ من العمر 17 عامًا قرر هو صديق له أن يشتروا آلة ''العود'' حتى يستطيعوا إتقان العزف عليها وبدأ في ذلك الوقت يزداد شغفه تجاه هذه الهواية، وقرر أن يتوجه لأحد معلمي العود حتى يستطيع العزف عليها وتعلمه بشكل احترافي، وعلى الرغم من تواجد المعلم في مركز آخر بعيدًا عن قريته وحالته الصحية، ولكن كان له إرادة وعزيمه من حديد حتى يتعلم العزف علي هذه الآلة واتقانها أيضًا بشكل احترافي، حيث أنه كان لديه إصرار تحويلها من هواية عادية لمصدر رزق، بجانب ترك بصمة بارزة في المجال الموسيقى.

واستكمل لـ''الدستور'' أن استغرق تعلمه للعزف على آلة ''العود'' مدة تخطت السنة، حتى تمكن من تعلمه بإتقان واكتشاف موهبته في تلحين الأغنيات أيضًا، حيث إنه كان يطور من نفسه بالتطلع والقراءة بشكل دائم عن المقامات الموسيقية وسماع ألحان مختلفة لكي يتمكن من التمييز بينهم، بالإضافة إلى متابعة البرامج الموسيقية التي كان يتم عرضها على التلفاز والراديو والتي كانت تتضمن شرح المقامات، حتى تمكن من تعود أذنه على النغمات والتمييز بينهم من أول سماعها لأول مره، وتعلم كل ذلك سماعيًا وتعني دون دراستها، ونجح واتقنها بشكل احترافي.

ولفت ''أبو الحسن'' إلى أنه بعدها التحق بمراكز الشباب لممارسة العزف على آلة العود ولتعريف نفسه والدخول إلى مجال العمل بهذه الهواية التي يعشقها بشكل كبير وأصبحت كل اهتماماته، ونجح في هذه الخطوة أيضًا، حيث إنه حصد المركز الأول على مستوى محافظة أسوان على مدار عامين متتاليين وهما عام ٢٠٠٩ و٢٠١٠، ثم بعد هذه الخطوة أصبح معروفًا وسط أهالي قريته والقرى المجاورة، قائلًا ''وربنا كرمني ونجحت ودلوقتي بلحن''.

وأشار إلى أنه أصبح بعدها العزف على العود عمله الأساسي الذي يعول من خلاله والدته وشقيقته، وبدأ يشارك مع المنشدين والمداحين الذين ينتمون لنفس بلدته خلال حفلات المولد النبوي الشريف، ومواسم رمضان، على مستوى المحافظة، بجانب حفلات المدارس وأنه بمجرد دخوله لهذا المجال كان هنا تشجيع عام لاستكمال مسيرته واستخراج طاقته في ممارسة العمل الذي يعشقه ونشأ عليه منذ صغره، نظرًا لتميزه.

وذكر لـ''الدستور'' أنه على خلال عمله الفني استطاع أن يصبح معروفًا بين أهالي قريته والقرى المجاورة، نظرًا لسعيه الجاد تجاه هذه الموهبة، بجانب أنه يشارك في الأنشطة الخاصة بالعود في قصر ثقافة كلابشة، كأحد أصحاب الأنشطة الموسيقية، قائلًا ''أنا مش بحس بأي معاناه، بل بالعكس بحس إني فرحان علشان بسعى لممارسة هوايتي اللي بحبها، وأكتر من مرة بروح أنا بحب الحاجة علشان كدة مش بحس بمعاناة''

وتابع حديثه بتقديم نصيحه لجميع الشباب بالسعي وراء موهبتهم وعدم الالتفات لأي صعوبات، حيث إن كل أنسان لديه طاقه وموهبة، من الممكن لا يكتشفها إلا بعد مرور مدة طويله، أو لا يكتشفها إلا بعد مد يد العون له من أحد الأشخاص حتى يستدل على موهبته، ولكن ذوي الاحتياجات الخاصة لديهم ضِعف الموهبة الموجودة بأي شخص عادي، بالإضافة إلى ضِعف الإرادة والعزيمة والإصرار حتى يصل إلى أهدافه التي يسعى لتحقيقها.

كما قدم نصيحه لأهالي الأطفال من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة قائلًا: ''نصيحة محدش يبخل على ابنه بأي حاجة إذا كان النهاردة محرجين منه بكرة لما ينجح  هيفتخروا بيه وده شيء قدري، فلابد أن الشخص يدفع ابنه للأمام ولازم ينجح ده للوصول إلى أهدافه ويحققها''.

عن طموحه المستقبلية، أوضح أبو الحسن، أنه يطمح أن يصبح عازف عود وملحن مشهور بالوطن العربي، ويكون له العديد من المتفاعلين من جميع البلدان، حيث أنه أتقن أيضًا تلحين الأغنيات، ونفذ أغاني خاصة به أبرزها أغنية ''صلى الله على المختار'' وشارك بها في احتفالات الإنشاد الديني، و''حلوة بلادي أسوان'' في حب بلده، وأخرى ''أسوان محنيه وعروسة مصرية'' لدعم بلده عروس الجنوب المشهورة سياحيًا.

وناشد أبو الحسن عثمان، المسئولين على مستوى المحافظة وعلى رأسهم محافظ أسوان بمد يد العون ومساعدته لظهور موهبته وتحقيق طموحه، حتى يتمكن من تعريف العالم أجمع بأبناء أسوان وموهبتهم التي تحتاج تسليط الضوء عليها لتمثيل محافظتهم في أي أنشطة أو فعاليات يتم تنظيمها، ويستطيعون إظهار تراث عروس الجنوب ووصف جمالها في الأشعار والأغنيات.