رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الحاجة فادية».. قصة كفاح أم حُفرت على أقراص الطعمية 26 عاما (فيديو)

الحاجة فادية
الحاجة فادية

" ممكن لو سمحتي تقبلي البوست دا أنا عايزة الدنيا كلها تعرف أن الست دي أمي، اللي وقفت واللي عافرت وربت وجهزت من تعبها ومن عرقها بعد وفاه والدي من 26 سنة، اللي عمرها ما كلت وقالت تعبت اللي حلت مكان الاب وسدت مكان ألف راجل".

كان هذا جزءًا من منشور تم تداوله على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، كتبته" حنان" ابنة الحاجة فادية "أم ياسمين" في محاولة لرد جميل والدتها التي تعمل ببيع الطعمية، على عربة بالشارع منذ 26 عامًا بعد أن توفي زوجها وذلك من أجل أن تنفق على بناتها الست.

و روت حنان" بتأثر في هذا "البوست" المتداول عن قصة كفاح والدتها، بكلمات أظهرت فخرًا عاشته هذه الابنة بتلك الأم التي ذاقت مرار رحلة سنوات من الشقاء في الوقوف بالشارع أمام عربة الطعمية، من أجلها هي وشقيقاتها.


على ناصية إحدى الشوارع بمنطقة الدراسة، انتقلت "الدستور" للقاء الحاجة فادية أو أم ياسمين كما يطلق عليها أهل المنطقة، صاحبة قصة الكفاح التي دفعت ابنتها لكتابة هذا المنشور، وإظهار بطولة أمها أمام الملايين.

وأمام "طاسة الزيت" وعلى عربة متواضعة وقفت أم ياسمين وحدها وبجوارها عجينة الطعمية، التي أخذت في إعدادها بوجه ملؤه الرضا والبشاشة لجميع الزبائن، الذين تراصوا أمام تلك العربة في انتظار دورهم، للحصول على طعميتها التي تهافتوا عليها اعترافا بشهيتها.

منذ 26عامًا، يتكرر مع الحاجة فادية هذا المشهد، فمنذ هذه السنوات اضطرت للعمل على عربة الطعمية، بعد وفاة الزوج، والذي بفقدانه لم يعد لها ولا لبناتها أي عائل فكان ذلك هو الدافع لخروجها إلى الشارع، حيث أنها لم تكن تحصل على معاش من زوجها سوى مبلغ بسيط لا يكفي الإنفاق على بناتها، والذي ارتفعت قيمته حسبما قالت، منذ سنوات قليلة حتى وصل إلى مبلغ 300 جنيه فقط، وهما بالطبع لا يكفوا لمصاريف الإنفاق على البنات الست.

استطاعت تلك الأم تحمل مشاق هذه المهنة وحدها طوال هذه السنوات، حتى وبعد أن كبرت بناتها رفضت أن يساعدها أيا منهن خوفًا عليهن من تعرضهن لأيا من المضايقات، أو مخاطر الشارع التي تتعرض لها هي كل يوم، وقالت أم ياسمين "اتحملت تعب الوقوف في الشارع والمضايقات وفضلت أقف أنا لوحدي علشان محدش يتعرض لبناتي ولا يضايقهم،

من خلال شقاء سنوات طوال أمام عربة الطعمية نجحت الحاجة فادية وحدها أن تجهز جميع بناتها وتزوجهن جميعهن أيضًا، بل وأصبحت أمًا لأزواجهن حسبما وصف عمرو سمير أحد أزواج بناتها قائلا "الست دي جزمتها على راسي هي امي مش حماتي.. شقيت سنين وبتدينا وما بترضاش تاخد مننا حاجة"، وعن من وصفها بأمه والذي ظهر في عينيه حبًا كبيرًا يكنه لهذه السيدة وكأنها بالفعل أمه تابع عمرو قائلًا "كل التعب اللي بتشوفه وفيه ناس برضة مش بيسيبوها في حالها بيسرقوا حاجات من عدة الشغل بتاعتها، وبيرموا زبالة جمبها وانا وبعض اهل المنطقة بندافع عنها معتبرينها أمنا لأنها فعلا كد،".

واستكشفت " الدستور" المكان الذي تعيش فيه ام" ياسمين"، والذي منه استطاعت وحدها تربية البنات الست، وتعليمهن ليخرجن زوجات إلى بيوتهن، ولم يكن ذلك المكان سوى غرفة صغيرة أسفل سلم عمارة متواضعة أي "بدروم" ليس له سقف سوى من كرتون وبضع ألواح خشبية جاءت إليها كمساعدات من بعض الجيران، لتتسرب من ثغراته الكثيرة مياه الأمطار فتسقط عليها، وتذيب الكارتون لتصبح الغرفة خالية من السقف تقريبا في الشتاء سوى من بعض تلك الالواح الخشبية التي لا تحمي ولا تفيد من ضرر الشتاء القارس.

كذلك ووفي داخل الغرفة أيضًا تزحف حشرات خرجت من البالوعة التي تتوسطها، والتي غطتها بقطعة من السجاد القديمة، بل أن رائحتها تكشف عنها فور الدخول للغرفة، لتعتاد "أم ياسمين" وبناتها على قتل حشرات ربما يرتجف الكثير منا رعبًا من مجرد سماع اسمها.

"نفسي أراضي أمي وأريحها نفسي اطمن عليها ويكون لها ولو كشك صغير بسقف يصونها من المطر والشمس، نفسي في سقف يحميها في أوضتها وهي نايمة"، كانت هذه هي كل متطلبات حنان لوالدتها التي وصفتها بأنها أغلى مخلوق لديها وتستحق اكثر من ذلك بكثير، أما عن مطلب الحاجة فادية "أم ياسمين" فكان. " نفسي ازور الرسول"، وتحتضن الابنة الأم قائلة "احنا من غيرك ولا حاجة"، لتصاحب كلمات كلا منهما الدموع.