قراءة في كتاب «أن تكون نفسك» لدكتور شريف عرفة
يطرح الكتاب عدة تساؤلات عن مكونات السعادة منها.. إذا كان الفقر يسبب التعاسة فهل النقود تشترى السعادة؟.. هل السعادة تؤدي إلى النجاح أم أن النجاح هو الذي يؤدي إلى السعادة؟ هل تلعب الظروف المحيطة بنا دور في سعادتنا؟ ما علاقة التدين بالسعادة؟ وهل للسعادة جينات؟ هل يبحث الحظ عن بعض الناس ويهرب من البعض الآخر؟
في السطور التالية نقدم إجابة على بعض تلك التساؤلات:
•الفقر لا يسبب التعاسة في حد ذاته، لكن المشاكل المترتبة عليه هى التي تجعل الإنسان تعيسًا، فالمال يعطينا شعورًا بالسعادة لأنه يخفف عنا الكثير من معاناة الفقر، وقد لوحظ أنه كلما ارتفع دخل الفرد زادت سعادته، ولكن إلى حد معين بعده تصبح السعادة مرتبطة بعوامل أخرى غير المال.
• لن تكون سعيدًا أبدًا إلا حين تحدد لنفسك قدرًا من القناعة، فالقناعة ليست للفقراء فقط ولكنها للأغنياء أيضًا، يقول الإمام الشافعي "لوكنت ذا قلب قنوع، فأنت ومالك الدنيا سواء".
• لو كنت تعتقد أن الظروف الخارجية تؤثر في مستوى سعادتك فهذا صحيح إلى حد ما، ولو كنت تعتقد أن الجينات الوراثية هي التي تحدد مستوى سعادتك فهذا صحيح بنسبة 50% ولكن هناك عوامل أخرى مؤثرة كالاختيارات الشخصية والبيئة المحيطة.
• التدين نوعان (تدين ظاهري وتدين جوهري)، التدين الظاهري يعني ممارسة الشعائر الدينية التزامًا ظاهريًا ليكون الإنسان مقبولًا من المجتمع أما التدين الجوهري فهو العلاقة الروحية التي تربط الإنسان بخالقه، وهذا النوع من التدين يجعل الإنسان أكثر سعادة ويساعده على تحمل تقلبات الحياة وآلام المرض، ولكن هناك فارق كبير جدًا بين التدين الجوهري والتطرف، يقول الشيخ محمد الغزالي "إن انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون، بغضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم".
• لو كنت تعتقد أن الحظ هو سبب النجاح فأنت محق! ولكن الحظ لا يعتمد على المصادفة فقط، بل على نمط حياتك وطريقة تفكيرك وسلوكك الذي يجعلك تتعرض للمزيد من الفرص، يقول عبد الوهاب مطاوع "الحظ يطرق الأبواب.. لكن لا بد من مضيف مستعد لاستقباله وإلا فلن يتجاوز عتبة الباب"، ولكي تكون محظوظًا استغل الحظ حين يأتيك ولا ترفضه.. واستفد من الفرص غير المتوقعة التي قد تأخذك لمسار مختلف فربما تكون الفرص الجديدة أفضل مما كنت تريده أساسًا.
• طريقة إدراكك للأحداث هي ما يجعلك محظوظًا أو منحوسًا.. سعيدًا أو تعيسًا، وإذا أردت أن تكون محظوظًا في مجالك؟ ببساطة كن خبيرًا فيه.
• كثير من الناس لا يعرفون كيف يستمتعون بحياتهم.. فهم يفكرون في الماضي أو في المستقبل وينسون الاستمتاع بالحاضر، التركيز على الزمن الحاضر مهارة عقلية ينبغي اكتسابها كي ندرك قيمة اللحظات التي نعيشها.. يقول باولو كويلو "إن كنت تستطيع أن تعيش الحاضر دومًا، فأنت رجل سعيد"، وينصحنا الكاتب أنيس منصور ألا نضيع وقتنا لأن السعادة لحظة أما التعاسة فساعات.
• هل يجب أن ننغمس في الملذات والمتع كي نكون سعداء؟ بالطبع لا، المتع ليست مصدرًا رئيسيًا للسعادة لأنها مؤقتة وتفقد تأثيرها بالتكرار لأن الاعتماد على المتع فقط كمصدر للسعادة يؤدي إلى إدمانها وتكون الحياة كئيبة ولا تستحق أن تعاش.
• الحياة مثل رحلة سفر بالسيارة إلى مكان ما، طريق السفر هو رحلة حياتك نحو هدفك والاستراحات الموجودة في الطريق هي المتع اللحظية، من المفيد أن تنزل في الاستراحات وتشرب أو تأكل شيئًا ما ثم تعاود الركوب لتواصل الرحلة، لو قضيت الوقت كله في السيارة ستكون الرحلة شاقة وجافة، ولو كان هدفك هو الذهاب إلى الاستراحات فقط فلن تصل إلى شئ. كي تصل إلى السعادة الحقيقية يجب أن تكون لحياتك معنى وهدف وتكون هذه المتع مجرد استراحات تساعدنا على الاستمرار وليست هدفًا في حد ذاته.
• قاعدة الاستمتاع: متنوع وعلى فترات متباعدة! ويعني ذلك عدم التركيز على متعة واحدة فقط كي لا تفقد تأثيرها، وفي نفس الوقت عدم ممارسة هذه المتعة يوميًا، هذا ينطبق على أي متعة تتخيلها(القراءة، الرياضة، الموسيقى، تذوق أكلات بعينها) حتى لو قررت ممارسة نفس المتعة يوميًا غير فيها شيئًا ما كي لا تكون مكررة بحذافيرها فتصاب بعد فترة بالملل.
• كل شخص يرى الحياة بشكل مختلف عن الآخر طبقًا لعقليته وثقافته وحتى حالته المزاجية.. لذلك من الممكن أن نتدرب على رؤية الأمور من زاوية أخرى كلما اقتضى الأمر، يقول الكاتب عباس العقاد "ليس هناك كتاب أقرؤه ولا أستفيد منه شيئًا جديدًا.. فحتى الكتاب التافه استفيد من قراءته أني تعلمت ما هي التفاهة؟ وكيف يكتب الكتاب التافهون؟ وفيم يفكرون؟
• من الأشياء التي تجعلك سعيدًا أن تعمل ما تحب، يقول بيكاسو" لا تعمل في مجال تكرهه وتستمتع في وقت فراغك.. بل اعمل في مجال تستمتع به، كما تفعل في وقت فراغك.
• لا تؤجل السعادة لحين تحقيق الهدف بل استمتع بعملية تحقيق الهدف ذاتها كن سعيدًا الآن.. لا عند تحقيق أهدافك فقط.
• لكي تكون سعيدًا أعرف أولًا ما يسعدك، ولكي تعرف ما يسعدك عليك أن تجرب أشياء جديدة دائمًا.
• تعرف على إناس ايجابيين كي يساعدوك على أن تكون إيجابيًا بدلًا من محاولة تغيير من حولك ليكونوا كما تريد.. تقول اليزابيث جيلبرت (( نخترع شخصيات لشركائنا في الحياة ونطلب منهم أن يكونوا كما نريد.. ثم ننهار حين يرفضون لعب الدور الذي اخترعناه من الأساس))
• وجدت العلماء أن السمات المشتركة بين معظم السعداء، هي أنهم اجتماعيون ومتدينون ومتزوجون.. لأن هذا يعطي الدعم النفسي لهم ويوفر أسبابًا للسعادة ونحن نتكلم هنا عن الزواج السعيد وليس الزواج على طريقة زوجة سقراط، والمقياس الأساسي لاختيار شريك الحياة هو أن تتزوج من يناسبك لا من تريد تغييره كي يناسبك!، وتزوج من يساعدك على تحمل مشاكل الحياة، لا من يكون هو نفسه مشاكل الحياة!، يقول أوسكار وايلد "بعض الناس تحل السعادة أينما يذهبون.. والبعض تحل السعادة حين يذهبون!"
• ساعد الناس قدر استطاعتك.. فإن هذا يرفع بشكل مباشر من مستوى سعادتك،.. يقول الكاتب جورج أورويل "سيصبح الإنسان سعيدًا حين يدرك أن هدف الحياة ليس هو السعادة"
• يلعب الناس في الحياة أدوارًا مختلفة ولكن إذا حصرنا تلك الأدوار في مجموعتين لوجدنا أن بعضهم يعتبر نفسه فاعلًا والبعض الآخر يعتبر نفسه مفعولًا به.
• المفعول به يعتبر أنه ليس المتحكم في حياته لكن الظروف والأحداث هي التي تتحكم فيه ويعتبر نفسه ضحية، بعض الناس يحبون لعب دور الضحية ويستمتعون بالشعور بالعجز وتعاطف الناس معهم، لعب هذا الدور قد يعطي مكاسب على المدى القصير ولكن على المدى الطويل سيدمر حياة الإنسان لأن الناس لا يحبون التواجد مع التعساء ويتجنبوهم والمشاكل لن تحل بمجرد الفضفضة وإخلاء المسئولية.
• أما من يلعبون دور الفاعل فيرون أن الظروف والأحداث الخارجية يجب التأقلم معها أو محاولة التأثير فيها.. فهو يقرر أن ينجح رغم كل الظروف، فلو وجد مدرسًا لا يشرح جيدًا يبذل مجهودًا مضاعفًا لفهم الدرس وإذا وجد السماء تمطر فسيحضر مظلة، يقول الكاتب مايكل جوردان "بعض الناس يريدون للشئ أن يحدث.. وآخرون يتمنون أن يحدث.. لكن البعض يجعلونه يحدث".
• التفاصيل الصغيرة هي التي تصنع حياتنا ذاتها.. فابتسامة طفل أو مشهد جميل أو كلمة قالها لنا أحدهم يومًا قد تظل عالقة بأذهاننا طوال العمر.. وتشعرنا بسعادة حقيقية لذا استمتع بالأشياء الصغيرة، غدًا تدرك أنها كانت كبيرة، "يقول د. ستيفن كوفي، إن الانسان في لحظاته الأخيرة، لن يتذكر صفقة جيدة قام بها في العمل، أو اجتماعًا ناجحًا قام بإدارته لكنه سيتذكر لحظة جميلة قضاها مع أسرته وأطفاله أو أصدقائة.
• أكتب الأشياء الجميلة التي حدثت في حياتك بمرور الوقت ستصبح معتادًا على التركيز على الأشياء الجيدة في حياتك.
• قال الفنان صلاح جاهين ناصحًا أحد تلاميذه: "كن مندهشا"، هذه النصيحة عبقرية.. لأن الاندهاش سيجعلك تتأمل الحياة من منظور آخر.
• حين نقارن أنفسنا دائمًا بمن يمتلكون ما ليس عندنا لن نستطيع تقدير حياتنا بشكل صحيح لكن لو قارنا أنفسنا بمن لا يملكون ما عندنا سنشعر بروعة حياتنا،
• في حياة كل منا إنجازات كثيرة لانشعر بها، لأنها جاءت بشكل تدريجي فلنتأمل هذه التفاصيل، كي تدرك كم أن حياتك رائعة بالفعل.
• اشكر الآخرين: بعض الناس يقومون بمساعدتنا دون أن نقدر هذا أونلاحظه، فالإفطار الذي تحضره لك والدتك في الصباح او الهدية التي يحضرها لك زوجك أو القميص الذي تكويه لك زوجتك أو حتى حين يساعدك أحدهم حين تحتاجه.. كلها أشياء تعني أن هناك أشخاصًا يهتمون بأمرك في الحياة، لا تعتبر أن الطبيعي هو أن يقوم الناس بخدمتك، بل قدر لهم هذا فاعتيادك على حب أمك لا يعني أن كل الناس عندهم أم أو أنها نعمة ستستمر إلى الأبد وقضاء وقت طيب مع أصدقائك لا يعني ان كل شخص له أصدقاء حقيقيون يهتمون به، اشكر هؤلاء الناس، وقدر لهم ما يفعلونه مهما كان بسيطًا.
• عش الحاضر والمستقبل لأن "من يحمل الماضي تتعثر خطاه".
• دع الحياة تستمر، حين تفشل لا تعتبر أن هذه هي نهاية القصة، فالحكاية مستمرة، ولاتزال أمامنا فرص كثيرة ومحاولات أكثر والحياة مستمرة لن تتوقف عند موقف واحد، يقول توماس أديسون مخترع المصباح الكهربي "الفاشلون هم من توقفوا قبل النجاح بخطوة"، ويقول الكاتب توفيق الحكيم "لا شئ يجعلنا عظماء غير ألم عظيم".
• هناك أشياء لا يمكن تعلمها بالتلقين، بل يجب أن تعيشها بنفسك.. فلو حاولت أن تشرح لشخص كيف يحافظ على توازنه على الدراجة، فلن تستطيع.. لا بد أن يعيش التجربة ويسقط مرات كي يتعلمها بنفسه. لذلك لا تتعامل مع الإحباطات كشئ سلبي، بل كمواقف جعلتك اكثر خبرة ودراية بالحياة وهذا ما سيجعلك أكثر نجاحًا في المرات القادمة.
• لكي تكون سعيدًا.. تعلم، افهم الحياة، اقرأ كثيرًا،هذه المعرفة ستشكل معنى الحياة بالنسبة إليك.. ستجعل عقلك أكثر انفتاحًا على الافكار الجديدة، هناك متعة لا يعرفها إلا المثقفون تسمى متعة المعرفة.. أن تعرف شيئًا جديدًا وأن يكون لديك شغف بأن تفهم الحياة بشكل أعمق.
• السعادة لا تعني أنك تعيش حياة كاملة.. بل تعني أنك قررت غض النظر عن النواقص. فالسعادة مثل طبق السلطة.. مكوناته متعددة وتختار مقاديرها طبقًا لذوقك!