رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إشكاليات العلاقة مع الفلسطينيين


الفلسطينيون فى قطاع غزة قد أنشأوا شبكة من الأنفاق للحصول على احتياجاتهم المعيشية، ومن الواضح أن الحكومة القائمة فى غزة كانت على علم بها.

تشغلنا أمورننا الداخلية، ولكن يجب أن نتابع الأوضاع الخارجية وقضايا الأمن القومى. ومن ضمن قضايا الأمن القومى العلاقات مع فلسطين عمومًا: المحتلة رسميًا بواسطة إسرائيل، والضفة الغربية وقطاع غزة. وتتعرض العلاقات مع الفلسطينيين عمومًا وبالأخص قطاع غزة لتوترات شديدة نتيجة قيام بعض أفراد من القطاع بأعمال ضد مصر وعلاقة حماس بذلك.

والعلاقة العسكرية بين مصر وفلسطين قديمة وحديثة، حيث قامت مصر بإدارة قطاع غزة «الحاكم العسكرى» بعد هدنة عام 1949 حتى 1967 باستثناء فترة العدوان الثلاثى عام 1956، كما قامت بتبنى القضية الفلسطينية، وقامت بإنشاء وتدريب وحدات من الجيش الفلسطينى، من جهة أخرى شاركت كتائب من جيش التحرير الفلسطينى فى الدفاع عن مصر بعد الهزيمة عام 1967 حتى سبتمبر 1970.

بعد جلاء القوات الإسرائيلية عن غزة ومحاصرتها بدلاً من الاحتلال، أصبحت المعابر المؤدية إلى غزة كلها فى أيدى قوات الاحتلال الإسرائيلية عدا معبر رفح الذى هو تحت الأيادى المصرية، وقد نظمت اتفاقية المعابر بين سلطة الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية، والاتحاد الأوروبى كطرف ثالث، استخدام المعابر؛ ولم تكن مصر من الموقعين على الاتفاقية.

سارت الأمور فى غزة وفقًا للاتفاقية طالما كانت السلطة فى غزة فى أيدى منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن حينما أجريت الانتخابات عام 2005 وفازت حماس بأكثرية المقاعد ثم انفردت بالسلطة فى غزة نتيجة لتعقيدات ليس هنا مجالها تعقدت الأمور فى المعابر حيث أحكمت إسرائيل حصارها على القطاع من خلال تحكمها فى المعابر، وغياب ممثلى منظمة التحرير الفلسطينية، وكذا غياب المراقبين من الطرف الثالث الذى هو الاتحاد الأوروبى، وصار كثير من الأمور فى القطاع متعلقًا بأسلوب إدارة مصر لمعبر رفح، حيث أصبح معقد الأمل للكثيرين خاصة للطلبة سواء الدارسين فى مصر أو الذين يدرسون فى الخارج ولكنهم يسافرون عبر مصر، وكذا بالنسبة للذين هم فى حاجة إلى علاج ورعاية طبية سواء فى مصر أو فى الخارج وإنما عن طريق مصر. وأصبح إغلاق معبر رفح أحيانًا حائلاً بين الطالب ودراسته فى مصر أو خارجها، كما أصبح مانعًا من تلقى المريض أو من هو فى حاجة إلى رعاية طبية خاصة لحاجته.

تعقدت الأمور بين مصر وقطاع غزة كما توترت العلاقة بين مصر وحركة حماس التى تدير قطاع غزة منذ انفصال غزة عن باقى الأراضى الفلسطينية خاصة بعد عزل محمد مرسى عن رئاسة الجمهورية فى يوليو 2013. وكانت بعض الأحداث التى جرت عبر الحدود المصرية الفلسطينية بما فيها اقتحام الحدود المصرية وكذا تفجير أنبوب الغاز الموصل إلى فلسطين قد تسببت فى توترات لم تكن مصر مستعدة لها.

كان الفلسطينيون فى قطاع غزة قد أنشأوا شبكة من الأنفاق للحصول على احتياجاتهم المعيشية، ومن الواضح أن الحكومة القائمة فى غزة كانت على علم بها، بل وتشرف على هذه الشبكة، وتحصل عنها ضرائب. من الجانب الآخر فإن السلطات المصرية التى كانت قائمة فى سيناء لم تأخذ أمر الأنفاق بجدية إلا حينما اتضح أن الأنفاق لا تستخدم لتوفير احتياجات القطاع فقط، بل إنها تستخدم أيضًا لتهريب المخدرات وتهريب السلاح وتهريب المواد البترولية التى يحتاجها المواطنون المصريون لتباع بأسعار خيالية فى غزة والمصريون محرومون منها، وتهريب الجناة المتهمين فى جرائم سواء ضد البشر أو ضد الدولة وخاصة الذين ارتكبوا جرائم ضد الشرطة والقوات المسلحة. هكذا جاءت قرارات هدم الأنفاق وإنشاء منطقة عازلة ملاصقة للحدود مع القطاع لكشف التهريب من خلالها، كما أن الجرائم التى ارتكبت ضد أفراد الشرطة والقوات المسلحة دُبرت ونُفذت من خلال هذه الأنفاق. فى نفس الوقت تأثر العمل فى معبر رفح بتلك الجرائم بحيث أغلق المعبر عدة أيام وحددت ساعات عمله فى الأيام التى يعمل بها، واقتصر على تلقى الحالات الإنسانية، وهنا تأثر كل الأفراد فى قطاع غزة بالقرارات المصرية بشكل أو بآخر وألقى الكثيرون باللائمة على مصر فى أنها تساهم فى حصار غزة إلا أن الأخطر هو ما حدث من خلط البعض بين الذين دبروا الحوادث وشاركوا فيها وتسببوا فى الإضرار بالمصالح المصرية، وباقى الشعب الفلسطينى، وكان هناك من هو جاهز ومستعد للنفخ فى النار لتتسع الهوة بين الشعبين الشقيقين، ويا لفرحة الأعداء وعلى رأسهم إسرائيل!

إن العلاقات بين الشعبين المصرى والفلسطينى تاريخية واستراتيجية ولا يجوز أن تسبب أخطاء البعض إلى الإساءة إليها، وأمامنا تحدٍ خلاصته أن نحافظ على سيادة مصر وقانونها، وأن نحافظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وفى حدود مصالحنا.

■ خبير عسكرى واستراتيجى