رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرئيس والبرلمان


لو نجحت جهود محترفى «العك» السياسى فى تعديل مسار المرحلة الانتقالية وتقديم انتخابات الرئاسة على نظيرتها البرلمانية لوقعت البلاد من جديد فى فاصل من الأزمات السياسية والدستورية طوال فترة الفراغ البرلمانى.

الدستور الجديد لا يمنح رئيس الجمهورية سلطات مطلقة ويجبره على إشراك البرلمان فى كل الشئون الاستراتيجية وبعض ما دونها. ولو تم انتخاب الرئيس قبل البرلمان فإنه سوف ينفرد بإصدار قرارات ومشروعات قوانين قد لا تحوز إعجاب قطاعات من الشعب وتعود بنا الى فوضى المليونيات والثورات والتمردات والفئويات والاعتصامات، فضلاً عن تربص الإخوان بالرئيس القادم- خاصة لو كان السيسى- واستعدادهم لحصاره بكل أنواع القضايا والنزاعات القانونية والدستورية حال انفراده بالسلطة دون برلمان يشارك فيه ممثلوهم أو المتعاطفون معهم.

الدستور الجديد يفرض أيضاً مشاركة البرلمان فى اختيار الحكومة ورئيسها، ولو جاء رئيس الجمهورية قبل البرلمان فإنه سوف يتولى بمفرده اختيار الحكومة، وسوف يتعرض هو وحكومته إلى وابل من الاتهامات والاعتراضات بالحق والباطل، وسوف يتفانى الإخوان وأنصارهم فى الاعتراض على الحكومة الجديدة والرئيس الاستبدادى الديكتاتورى الذى اختارها بنفسه ولم يعرضها على البرلمان وفق قواعد الدستور.

الرئيس الجديد سوف يتعرض لأزمات أخرى أشد وأنكى عند ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية، فلو كان الرئيس- مثلاً- شخصية عسكرية ثم جاءت الانتخابات بأغلبية من المناوئين له فإن هذه الأغلبية سوف تكون وظيفتها الأولى إسقاط هذا الرئيس بأية وسيلة دستورية أو شعبية. وإن جاءت الانتخابات ببرلمان على هوى وشاكلة الرئيس فإن الجماعات الإرهابية والإخوانية والارتزاقية سوف تزعم أن الرئيس استخدم نفوذه وسلطاته وحكومته فى تزوير الانتخابات، وسوف تعود البلاد من جديد إلى حالة رهيبة من الفوضى القضائية والغوغائية ينشط فيها الخونة والمرتزقة وجمعيات أو عصابات حقوق الإنسان. إن كنا لا نرغب فى إطالة الفترة الانتقالية ونسعى إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقرار فعلينا التفكير فى إمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى وقت واحد، ولن نتنازل فى هذه الحالة عن أى قواعد دستورية سوى شرط الترشح للرئاسة، حيث سيضطر المرشحون الرئاسيون إلى استخدام آلية التوقيعات الشعبية بدلاً من أصوات النواب، كما أن توجهات نواب البرلمان الجديد لن تتدخل فى اختيار الرئيس، وقد يحدث نوع من التوافق بين الطرفين وفق ظروف الحراك السياسى والشعبى المرتقب بعد الانتخابات. هذه الطريقة سوف توفر الكثير من المال والجهد، وسوف تتكفل بإطفاء الكثير من حرائق التيارات السياسية المناوئة التى ستضطر للمشاركة المباشرة أو غير المباشرة فى العملية الانتخابية بدلاً من التفرغ الكامل للعملية الإرهابية.

■ كاتب