رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأسئلة الصعبة.. كل شيء عن الانتخابات الفلسطينية

جريدة الدستور


مارست الإدارة الأمريكية الجديدة ضغطًا على كبار المسئولين فى السلطة الفلسطينية لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بهدف إيجاد عملية ديمقراطية يجرى من خلالها ضخ دماء جديدة فى القيادة الفلسطينية، وكشرط لاستئناف ضخ المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية ومنظمة الأونروا، ونقل القنصلية الأمريكية إلى القدس الشرقية، واستئناف المفاوضات السياسية، وأيضًا الاتحاد الأوروبى نقل إلى السلطة الفلسطينية رسالة مشابهة اشترط فيها استئناف المساعدات المالية بإجراء الانتخابات.
وقد أصدر رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس «أبومازن»، أمرًا رئاسيًا بإجراء انتخابات ثالثة للبرلمان الفلسطينى فى مايو المقبل، وانتخابات للرئاسة فى يوليو المقبل، بعد مرور عشر سنوات على الموعد الذى كان يجب إجراؤها فيه.
وتركت خطوة «أبومازن» أثرًا لافتًا داخل الأوساط الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، كما تركت العديد من الأسئلة حول مستقبل الوضع فى الداخل الفلسطينى والتعامل الإسرائيلى معه.


مخاوف من تأثير انتشار «كورونا» على الاقتراع.. وتوقعات بانتصار لـ«حماس»

طوال سنوات، كان ممثلو الدول المانحة للسلطة الفلسطينية فى حرج من شلل العملية الديمقراطية الرسمية لدى السلطة الواقعة تحت رعايتها.
أما الجمهور الفلسطينى فنحو ثلاثة أرباع من الذين شملهم استطلاع جرى قبل شهر قالوا إنه يجب إجراء انتخابات، وأعرب جمهور ومنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية وأحزاب صغيرة عن الرغبة فى إجراء الانتخابات ودفعوا بقوة فى اتجاهها.
ورغم الرغبة الحقيقية لدى الجمهور فى الانتخابات، إلا أنه لا يزال هناك عدد من العوائق الذى قد يحول دون إجرائها تتعلق بداية بوباء كورونا، فضلًا عن أن تسجيل الناخبين الجدد والقوائم سيجرى إلكترونيًا، لكن التصويت سيكون فى صناديق الاقتراع.
وإذا لم يتراجع بصورة كبيرة حجم تفشى الإصابات بالفيروس وأعداد الوفيات والمرضى ذوى الحالات الصعبة فى مايو، يمكن أن يصبح الوباء حجة لتأجيل الانتخابات، وخصوصًا إذا اكتشفت حركة «فتح» عشية الانتخابات أن فرصها فى الفوز بمنصب الرئيس ضعيفة، فى ضوء استطلاع أجراه المعهد الفلسطينى لاستطلاعات الرأى والأبحاث السياسية فى رام الله فى ديسمبر الماضى، أوضح أن نحو ٦٦٪ من المشاركين يؤيدون استقالة محمود عباس، فى مقابل توقعات بفوز إسماعيل هنية، الزعيم الحمساوى، بنسبة ٥٠٪ مقابل ٤٣٪ لـ«عباس»، وأيضًا توقعت الاستطلاعات فوز «حماس» فى انتخابات المجلس التشريعى.
ورغم ذلك هناك من يرى أن فوز «حماس» ليس مؤكدًا، بسبب اعتقال إسرائيل غالبية ممثلى الكتل التصويتية المؤيدة للحركة فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهو ما من شأنه أن يؤثر فى تركيبة القوائم التى ستتنافس فى مواجهة «فتح»، لذلك قد لا يكون فى إمكان «حماس» الترشح والسيطرة على الناخبين الفلسطينيين فى الضفة الغربية.
من ناحية أخرى، فإن مجرد إصدار الأمر الرئاسى يدل على أن التفاهمات التى سعت لها «حماس» و«فتح» فى السنة الماضية تحققت مؤخرًا، أو على الأقل المرحلة الأولى منها، على الرغم من التوقعات من أن استئناف التنسيق الأمنى مع إسرائيل عرقل عملية التقارب التى أدارها جبريل الرجوب من «فتح»، وصلاح العارورى من «حماس».
وتقرأ حركة «حماس» الواقع الجديد، ولا تريد أن تبقى خارج اللعبة «الديمقراطية» الفلسطينية، حيث تنتظر منذ وقت طويل اعترافًا أمريكيًا بها تصبغ عليها شرعية دولية، وتريد أن تُظهر لإدارة الرئيس الأمريكى الجديد، جو بايدن، أنها ليست تنظيمًا إرهابيًا، بل هى جزء «شرعى» من المنظومة السياسية الفلسطينية.
ولن تسمح «حماس» للسلطة الفلسطينية باتهامها بإفشال الانتخابات، لذلك أقدم زعيم الحركة إسماعيل هنية على خطوة مفاجئة، وأعلن عن موافقته على شروط «عباس» لإجراء انتخابات.
وهناك من يرى أن الحديث عن الانتخابات الفلسطينية هو تحرك مدفوع برغبة فى الاستجابة لضغوط المنظمات الأوروبية التى منحت السلطة دعمًا كبيرًا باليورو والجنيه الإسترلينى والدولارات، وتريد أن ترى أن الحكومة التى تحصل على الدعم المالى تستند إلى شرعية ولديها قبول جماهيرى وتنفق الأموال وفق الصالح العام.
وكذلك يمكن تفسير الخطوة الفلسطينية بأنها من أجل تقديم بادرة طيبة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة.
ومن قبل خطوة الانتخابات، أعلن «أبومازن» عن أنه يريد استئناف المفاوضات مع إسرائيل بوساطة أمريكية، وهو ما يمكن تفسيره بأن رام الله تعرف أن القضية الفلسطينية لا تحتل أولويات الرئيس الأمريكى الجديد، ولكن إذا تم الإعلان عن الانتخابات فى السلطة الفلسطينية فهذا يمكن أن يعيد القضية إلى قائمة أولويات «بايدن».

تيار دحلان يستعد لتأييد مروان البرغوثى

شن محمد دحلان حملة ضخمة ضد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، اتهمه فيها باختلاس أموال طائلة تعود إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وبإخفاقات سياسية واقتصادية، وهو ما كان وراء إعلان مسئولين كبار فى حركة «فتح» أن «دحلان» لا يستطيع المشاركة فى الانتخابات الفلسطينية، خاصة بعد أن صدر حكم ضده من محكمة فلسطينية غيابيًا فى سنة ٢٠١٦ بعقوبة السجن مدة ٣ سنوات بعد إدانته بسرقة ١٦ مليون دولار، وحسب القانون الفلسطينى، أصبح محظورًا عليه المشاركة فى الانتخابات.
ولكن حسب تقارير فإن «دحلان»، كما يبدو، لا ينوى التخلى عن المشاركة فى الانتخابات، لأنه يعتبر الانتخابات فرصة ذهبية لإثبات قوته السياسية فى الساحة السياسية الفلسطينية، فهناك من تحدث عن أن قوى عربية تحاول التدخل لعقد مصالحة بين «أبومازن» و«دحلان»، لأن الانقسام فى حركة «فتح» يُضعفها ويقوى حركة «حماس» فى مناطق الضفة الغربية.
ويستعد «دحلان» للتحرك على عدة مستويات لتعزيز قوته السياسية، فالتيار الإصلاحى الذى يترأسه سيؤيد فى الانتخابات المسئول الكبير فى «فتح» المسجون فى إسرائيل مروان البرغوثى، الذى ينوى الترشح من داخل سجنه للانتخابات الرئاسية.
«البرغوثى» ليس صديقًا مقربًا من «دحلان»، وأيضًا يُعتبر خصمًا سياسيًا قويًا لـ«عباس»، ولكن سيخوض التيار الإصلاحى الانتخابات علنًا فى قطاع غزة بموافقة حركة «حماس»، استنادًا إلى علاقة الحركة الجيدة مع «دحلان». كما ينوى «دحلان» العمل فى المناطق التى أهملتها السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، وفى مناطق ج، حيث لا تملك السلطة صلاحيات أمنية، استنادًا إلى النفوذ الكبير لـ«دحلان» فى مخيمات اللاجئين، كما ينوى تحويل أموال كثيرة إلى مؤيديه قبيل المعركة الانتخابية، وأيضًا مساعدات غذائية لآلاف العائلات المحتاجة فى مناطق الضفة فى أعقاب أزمة كورونا.