رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل كان نزار قباني يتعامل مع المرأة كـ«شهريار»؟

نزار قباني
نزار قباني

على الرغم من تخرج الشاعر الراحل نزار قباني من كلية الحقوق بدمشق، إلا أن ميوله الحقيقية لم تكن باتجاه القانون، فهو لم يترافع عن أية قضية إلا قضيتي المرأة والوطن، فقد حاول أن يجرذ المرأة من كل الرواسب الاجتماعية التي جردت المرأة من حقوقها وأباحت للرجل ما لا يباح.

وفي مقال له بمجلة "الدوحة" بعددها رقم 7 والصادر بتاريخ 1 يوليو 1976؛ قال إن المرأة مضت عليها عصور وهي محبوسة في زجاجة، ومختوم عليها بالشمع الأحمر، يعني ممنوعة من الكلام والتصرف، مؤكدا: "لذا حاولت في شعري أن أنقذها من هذه الورطة، فأنا أعتقد أن المرأة لسيت هذا اللغز الكبير الذي لا يستطيع أحد كشفه، أنها موجودة في حياتنا اليومية في صورة الأم، الشقيقة، الأخت، والحبيبة".

واعتبر نزار قباني نفسه أنه تولى ترجمة عواطفها، وترجمة ما تريد أن تقول، قائلا: "فيه كاتبات في الوطن العربي استطعن التعبير نوعا ما عما يختلع في ذات المرأة، لكن أن أعتقد أنه لا زال المجتمع العربي في حاجة إلى مزيد من الكاتبات ليعبرن عن هذا العالم الكبير والضروري التعبير عنه، وهو عالم المرأة وإلى أن تأتي هذه الكاتبة الكبيرة العربية التي تستطيع أن تطرح أوراقها بقوة وشجاعة على المائدة، فأني أتولى الدفاع عن المرأة، ومع لك فأنا أرفض التحديد بأنني شاعر المرأة فقط، وإنما شاعر الإنسان كله".

كان لانتحار أخته هيفاء بسبب منعها الاقتران بالشاب الذي تحبه، أثر كبير على نفسية نزار قباني، وتفجر ذلك في أشعاره وأفكاره بعد ذلك، التي كانت تحمل جراحها وآمالها وأحلامها، فقد كانت المرأة من الأمور التي تشغل باله، إذا كان هدفه هو الارتقاء بالمرأة العربية لتكون في مستوى المرأة المسلمة الأصيلة، فكان أحيانا ما يضطر إلى أن يهزها بعنف وقوة لكي تستفيق وتخرج من قوقعتها وقمقمها.

لم يكن يفعل نزار قباني ذلك من أجل الإساءة أو الاستهزاء بها، وهذا ما أكده حوار له بمجلة "المعرفة" بعددها رقم 467 والصادر بتاريخ 1 أغسطس 2002، ردا على سؤال "أحيانا يتكلم نزار وكأنه محامي النساء الأول، وأحيانا يوحي لنا بأنه رجل كبقية الرجال.. يتكلم كشهريار ويتصرف مع النساء كشهريار، ما هي حقيقة نزار قباني".

وكان رد نزار قباني دبلوماسيا، إذ أوضح أن شهريار مظلوم، وأنه مظلوم معه، مستطردا: شهريار لم يكن ذلك السفاح الرهيب الذي يقتل النساء، ويمتص دماءهن، فشهريار مثلي ومثل كل الأطفال يحب أن يسمع القصص قبل أن ينام، وعندما اكتشفت شهرزاد هذه النقطة الطفولية في طباعه، استثمرتها بذكاء المرأة فاستسلم لها وأحبها.

"شهريار رجل فنان وطفل، أي أنه يبحث عن امرأة تثير خياله وفضوله، وتتركه معلقا على حبال الأسئلة، بينما بالنسبة للمرأة البليدة، الثقيلة الدم، المطفأة الروح، الميتة الأحاسيس، التي تنام إلى جواره كجدار من الجليد، وتشخر، فقد كان يذبحها من شدة الغيظ والملل، وأنا أعطيه كل الحق، ولو كنت مكانه لذبحتها"، هكذا جاء تفسير نزار قباني لتشبيهه بشهريار.

وردا على اعتبار أنه كان يتكلم كمحامي للنساء، ذكر أنه صحيح كان محاميا لهن، ولكن لا يسمح ولا يسمح له القانون أن يدافع عن امرأة متلبسة بجريمة الغباء أو الثرثرة أو التسلط أو موت الأنوثة.