رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تصحيح الأخطاء».. دور المهندسين في منظومة بناء مصر

المهندسين
المهندسين

على مدار الأربعين سنة الماضية عانت الدولة المصرية من سيل عارم من مخالفات البناء والتعدي على الأراضي الزراعية، مما خلف حزام عريض من السكن العشوائي، وتسبب في ضياع المنظر الحضاري لأم الدنيا الذي تفوقت فيه على كل دول العالم لأكثر من سبعة آلاف عام، وجاء سرطان الفساد والعشوائية لينهش في بنيان الدولة.

كذلك خسرت مصر على مستوى الإنتاج الزراعي والمساحات المنزرعة كثيرا من قطع الأراضي الزراعية الخصبة التي كانت من المفترض أن تتابع مشوارها في إنتاج أفضل المحاصيل الزراعية ذات الجودة العالية، إلا أن البعض لم يشأ أن تستكمل طريقها وقرر تبويرها والبناء عليها وحرمان الدولة والشعب من إجمالي محاصيلها كي يستفيد من فارق القيمة الاقتصادية.


◄ الإحصاء: خسرت مصر في أربعين عام نصف مليون فدان خصب

رغم صدور قرار في 2008 يقضي بعدم البناء المخالف، لكن رُمي بِه عرض الحائط ؛ لافتقاره أي بنود بشأن التصالح على المخالفات والتعديات، من الناحية الأخرى لم تتخذ الدولة منذ صدوره موقفا حازما تجاه المخالفين مما ساعدهم على ارتكاب المزيد من المخالفات، وتسبب في تشجيع غيرهم للسير على نفس الطريق المعتاد والتعدي على الأراضي والمرافق، وبلغ الأمر ذروته منذ عام 2011 حيث فقدت الدولة حولي 90 ألف فدان من الأراضي الزراعية بسبب حالة الانفلات الأمني الذي عقبت ثورة 25 يناير، ليضاف لـ 400 ألف فدان خسرتها مصر منذ الثمانينات، بالرغم من أنّ الحكومة حاولت تعويض تلك الأراضي عن طريق استصلاح أخرى في أماكن مختلفة لكن تلك العملية كلفت الدولة حوالي من 150 ألف جنيه إلى 200 ألف جنيه قيمة استصلاح الفدان الواحد.

لوقف سيل الخسائر قامت الدولة بتعديل قانون مخالفات البناء 2019، إضافة بنود تتيح التصالح ووقف البناء المخالف، وقررت الدولة وضع منظومة لمعاقبة المخالفين، وحتى تتمكن المحليات والأجهزة المختلفة من مراقبة منظومة التصالح ودفع الغرامات، قررت أوقف عمليات البناء لمدة ستة أشهر اعتبارًا من يوم 24 مايو 2020، لوضع منظومة جديدة للبناء.


◄حتى نعود للبناء.."الإسكان" تصدر منظومة جديدة للبناء بشكل قانوني

أشارت وزارة الإسكان إلى أنه سيتم تعميم بعض الاشتراطات على المدن الكبرى بالمحافظات، حيث تتولى الجامعات الإقليمية بالمحافظات إعداد الاشتراطات التخطيطية والبنائية بما يتناسب مع طبيعة المدن بالمحافظات، مطالبة بتوحيد الأسس العامة للاشتراطات والضوابط، ووضع نموذج موحد للدراسة لتعميمه على باقي المحافظات، وتحقيق الهدف المرجو من إعداد هذه المشروعات بالشكل الذي يسهل تطبيقه على أرض الواقع.

وكانت أهم البنود التي يجب مراعاتها أنه يجب التأكيد على توفير أماكن انتظار السيارات طبقًا للكود المصري للجراجات، وضرورة أخذ المؤشرات المرورية بعين الاعتبار عند وضع الاشتراطات التخطيطية والبنائية، مطالبة بضرورة تشجيع الاعتماد على وسائل النقل الجماعي، وتقليل السيارات الخاصة من أجل تقليل مشكلة الازدحام المروري بالمحاور والطرق، والتوجه نحو استخدام الجراجات الميكانيكية للحد من انتظار السيارات بالشوارع.

وقد أسند مجلس الوزراء مهمة الإشراف على التخطيط لوضع الشكل النهائي لمنظومة البناء لكليات الهندسة بالجامعات المختلفة التابعة للمحافظات، وكذلك نقابة المهندسين لما بها من خبراء ومهندسين قادرين على وضع مخطط شامل لإعادة ترسيم الدولة والحفاظ على شكلها.

وقال هاني ضاحى النقيب العام للمهندسين للدستور، إنهم سيعملون على تحقيق الانضباط العمراني خاصة أن المنظومة الجديدة ستسهم في استعادة الشكل الحضاري لمباني مصر، وفي الوقت ذاته تيسر على المواطنين استخراج تراخيص البناء، وستقدم النقابة كافة الدعم لوزارتي التخطيط والاسكان، للمساعدة بقوة في استكمال مسيرة النهضة العمرانية التى تشهدها مصر حاليا؛ فمن غير المعقول أن تدشن الدولة مدن جديدة على مواصفات عالمية تنافس بها كل الدول ويوجد بها مدن وقرى تفتقر للتنسيق، على حسب ذكره.

وفي سياق متصل يذكر المهندس محمد عزب رئيس لجنة السلامة والصحة المهنية بنقابة المهندسين، أن الكتالوج _ دليل التخطيط _ سيراعي ظروف كل محافظة والبنية التحتية بها، وذلك من خلال الجامعات والنقابات الفرعية لتنسيق دليل للأنشطة، والذي يحدد نوعية الأنشطة التي تصلح في كل منطقة، من حيث متطلبات النشاط، واحتياجات المدينة، والالتزام بخطوط التنظيم،.

وأشار إلى أنه بعد الانتهاء من الصيغة النهائية لمشروعات إعداد الاشتراطات التخطيطية والبنائية بالمخططات الاستراتيجية المعتمدة لضبط العمران، سيتم مراعاة معايير السلامة والبناء الخاصة بـ الإنشاء والتأسيس كي لا نقع مرة أخرى ضحية انهيارات العقارات كل يوم وخسارة الأرواح.

وأكمل أيضًا أنه سيتم رفع كفاءة منظومة إصدار التراخيص، والتخطيط العمراني بالمحافظات، ومع الإشراف على تدريب الكوادر البشرية العاملة بتلك الإدارات، واستخدام أحدث الأنظمة التكنولوجية والعلمية، من أجل الارتقاء بمستوى العمران المصري على مستوى الجمهورية.