رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على سعدة يكتب: قاتلنا كورونا بالدعاء وحده.. فقتلنا

جريدة الدستور


لم يتصور أكثر الناس تشاؤمًا فى هذا الوقت من العام الماضى، أن الأيام تخبئ لهم أسوأ سيناريو للأيام القادمة آنذاك.. وأن فيروسًا متناهى الصغر سيفتك بأوصال المجتمع ويدمر الاقتصاد ويفرض التباعد الاجتماعى ويودى بحياة الأقارب والأصدقاء والجيران وزملاء العمل.. ويمنع الأفراح وكل احتفالات المناسبات السارة والحزينة أيضًا.. حتى الجنازات ودور المناسبات تم إلغاؤها ويدفن الميت وحيدًا دون تشييع ضمن إجراءات احترازية شديدة التعقيد.
الغريب أن هذا الفيروس القاتل لا يلتزم بأى قواعد ولا يحترم أى أعراف.. فيُصيب كل الأعمار.. أطفالًا وشيوخًا من الجنسين، ويهاجم كل المستويات.. الغنى والفقير ومتوسط الحال والمشهور والمغمور، كما أنه لا يهتم بدرجة ثقافة المصاب أو اهتمامه بكحوله الـ٧٠٪‏ وكمامته ولا بحرصه الشديد ووسوسته.. فهو يُصيب مَنْ يشاء.. رئيسًا أو وزيرًا أو طبيبًا أو ماسح أحذية، والأمثلة لدينا كثيرة ومعروفة للجميع.
تباينت ردود أفعال الدول فى مكافحة الفيروس اللعين.. فى البداية لجأت الدول العظمى لسياسة الانغلاق والتباعد وعكف علماؤها على دراسة تصنيع لقاح «فاكسين»، وطلبت من باقى دول العالم الانتظار مدة لا تقل عن عام لاكتشافه واعتماد صلاحيته دون آثار جانبية تذكر.. ثم اكتشف قادتهم أن دولهم تسرع إلى حافة الانهيار الاقتصادى، فبدأت فى الانفتاح الجزئى والتحرر من الانغلاق التام.. أما الدول الصغرى ومنها دول عالمنا العربى والإسلامى فلا حول لها ولا قوة.. تائهة بين الانفتاح والانغلاق ومترددة بين أخذ اللقاح وهو تحت التجربة، أو تصديق نظريات الجيل الخامس وبيل جيتس ورفضه تمامًا، خوفًا من الشريحة الإلكترونية المزعومة التى تؤكدها ليل نهار فيديوهات التواصل الاجتماعى.. والطامة الكبرى الآن هى الإهمال المزرى والمشين فى التباعد الاجتماعى أو ارتداء الكمامات، ورأينا هذا جليًا ليلة رأس السنة، حيث تدافع الملايين فى الأسواق وعلى ضفاف النيل للاحتفال بالبالونات والأعناق والقبلات، وكأن جائحة كورونا مجرد شائعة سخيفة لا يجب تصديقها ولا يجب أن تنغص حياتنا، وأن الحل الأمثل هو التوكل على الله والدعاء بأن يحفظنا الله منها وينجينا.
بالطبع هذا تواكل وليس توكلًا.. وللأسف من يستحل ربط الدين بالسياسة يرفض أن يربط الدين بالعلم.. الدعاء مطلوب طالما لا نملك سواه بعدما فشلت افتكاساتنا فى العلاج بالشلولو والبصل والخل، لكنه لا يكفى دون عمل جاد.. الالتزام بالإجراءات الاحترازية واجب إنسانى حتى لا نتسبب فى قتل أعز وأقرب الناس لنا بالجهل والإهمال، ونملأ بعدها صفحات التواصل الاجتماعى بالكآبة.. وكل عام وحضراتكم بخير.