رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سارة خليف تكتب: عدوى الإيجابية

جريدة الدستور

أيام والقمر قد اكتمل بدرًا وينتهي عام 2020 الكبيس، مستقبلين عامًا جديدًا، فى ظل ظروف استثنائية يمر بها العالم، يسودها مناخ عام من الاكتئاب والخمول، مما جعل الكثير من الأمنيات والآمال تُعلق على حلول عام 2021، والتي يأتي في مقدمتها، انتهاء هذه المرحلة الصعبة وبزوغ فجر جديد، فالعالم يريد نسيان العام الجاري (2020) بما تخلله من مشاكل، لاسيما  المآسي التي نتجت جراء انتشار فيروس كورونا.

مما لا شك فيه، أن أغلبنا تتبادر إلى ذهنه أسئلة كثيرة لعل أبرزها: كيف نستطيع تجاوز تجربة جائحة كورونا المقلقة، بما سببته من ضغوط اجتماعية واقتصادية وصحية أثرت على الصحة النفسية؟، ورغم أن الموجة الثانية من كورونا أثارت الكثير من المخاوف، مع زيادة أعداد الإصابات والوفيات، وخصوصا أنها الآن فى خضم موسم الإنفلونزا الموسمية المتشابهة فى الأعراض، وموسم الشتاء الذي يصيب الكثيرين بالاكتئاب، بالإضافة إلى حلول عام جديد دون رؤية واضحة لنهاية حتمية لهذا الوباء اللعين، إلا أننا مطالبون بمجهود أكبر لتجنب المخاوف والقلق، ولكن تكمن إجابة هذا السؤال والانتصار الوحيد في "تعزيز المناعة"، الذي هو مفتاح اللغز.

فالقلق الزائد أو الاكتئاب كلاهما يؤثر على مستوى مناعة الجسم لدى الإنسان السليم، فالوهم كفيل بقتل الإنسان، وهناك العديد من التجارب الدالة على ذلك قديما، فعندما نضع فى عين الاعتبار أن الإنفلونزا الموسمية هى أيضا فيروس متحور سنويًا يصيب الجهاز التنفسي، ينهى حياة الكثيرين، نجد أننا عندما نصاب بها، مع علمنا بأنها فيروس مميت،نجد أننا نتعامل معها وكأنها غير موجودة دون خوف أو قلق، بل ويرفض عقلنا الباطن تمامًا اعتبارها فيروسًا مميتًا، فهى تصيبنا كل عام، ونعبرها بالأعراض الخفيفة دون حدوث شيء، لكن على الجانب الآخر إذا اقتنعنا أن الإنفلونزا الموسمية تؤدى للوفاة اقتناعًا تامًا، فستموت أضعاف الأعداد التى تموت سنويًا نتيجة الخوف، الذي سيصيب الجهاز المناعى بالشلل التام للدفاع عن صاحبه.

فمن الطبيعي جدًا أن يصاب أغلبنا بالقلق، بالإضافة إلى أن القلق الزائد وعدم كبح جماح الخوف، سيؤدي ذلك إلى الاكتئاب بالتبعية، لاسيما أن كليهما يؤدي إلى الآخر، نظرًا لأن كليهما ينبعان نتيجة نفس الضعف البيولوجي، فهناك أشخاص لا يقومون سوى بمتابعة أرقام المصابين والوفيات والمتعافين أيضا من هذا الوباء اللعين، ولكن هناك أرقام طائلة لا يمكننا حصرها لأشخاص يعانون نفسيًا من الحالة التى فرضها علينا هذا الوباء، ليصبحوا فى طور الاكتئاب نتيجة القلق الوبائي، بخلاف منصات التواصل الاجتماعي المحاطة بنا والتى هيمن عليها سرادق العزاء، وأقرباء وأصدقاء مصابون، ليصبح الشىء الإيجابي الوحيد، هى سلبية تحاليل كورونا لدى أي منا.

إن كان تعزيز المناعة هو مفتاح اللغز، فمضمون اللغز يكمن فى الدعم المعنوي لنا وللمحيطين بنا، ومحاولة خلق بدائل جديدة للتعايش بالمستجدات التى وردت علينا، وجميعنا أدرك أن الأيام التى كنا نظنها عادية ورتيبة كانت نعمة، إن التفاؤل والتشاؤم يؤثران بشكل مباشر على العديد من الجوانب الصحية، ولكي نستطيع أن نكون متفائلين، وجب علي كل شخص أن يوجه تفكيره وتركيزه نحو الإيجابيات، وهذا لا يعني محاولة تزييف الحقائق وتجاهل مواقف الحياة، فالمقصود بالتفكير الإيجابي أن نتعامل مع المواقف المزعجة بطريقة أكثر إيجابية وإنتاجية، معتقدين أن الأفضل سيحدث وليس الأسوأ، وأن نقوم بترتيب قائمة أولوياتنا، سواء فيما يخص ترتيب الأشخاص أو الممارسات (العملية والصحية والاجتماعية وغيرها)، فالتفكير إيجابيًا هو المعبر الأساسي لضغوط الحياة المتوالية.

وختامًا... لم نعبر تجربة كورونا بعد، ولكن من المؤكد أن لكل شىء نهاية، كما كانت له بداية، وسنتستقبل عامًا جديدًا ونحن أكثر خبرة بهذه التجربة، وستعبر كأى جائحة أصابت العالم من قبل، ويجب أن نتذكر أن الإنسان لم يخلق ليستسلم، فمرحبًا بعام 2021 ونحن أكثر تفاؤلًا وإيجابية، آملين أن تصيبا جميعًا عدوى الإيجابية لنصرف بها عدوى الوباء.